قالت منظمة العفو الدولية أنه يجب على السلطات الإيرانية أن توقف فوراً تنفيذ حكم الإعدام المزمع يوم الأحد القادم بحق شاب كان عمره 15 سنة فقط وقت إلقاء القبض عليه.
ففي أبريل/ نيسان 2013، صدر الحكم بالإعدام على علي رضا طاجيكي الذي بلغ الآن التاسعة عشرة من عمره، وذلك بعد أن أدانته المحكمة الجنائية في مقاطعة فارس جنوبي إيران بارتكاب جريمتي القتل والاغتصاب بناء على “اعترافات” انتُزعت منه تحت التعذيب، وهي الاعترافات التي ما انفك يعلن تراجعه عنها أمام المحكمة مراراً وتكراراً. ومن المفترض أن يتم تنفيذ الحكم به يوم الأحد الموافق 15 مايو/ أيار الجاري في سجن عادل أباد بشيراز الكائنة في مقاطعة فارس.
وبهذه المناسبة، علق نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، جيمس لينتش قائلاً: “يوجه الحكم بالإعدام على شخص كان طفلاً وقت وقوع الجريمة صفعةً إلى القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يحظر بالكلية تطبيق عقوبة الإعدام في الجرائم التي يرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن 18 عاماً. ومن المروع بكل معنى الكلمة أن نرى السلطات الإيرانية عازمة رغم كل شيء على المضي قدماً بتنفيذ حكم الإعدام مع أن القضية شابها الكثير من الشواغل المتعلقة بمدى مراعاة معايير المحاكمات العادلة، واعتمدت أساساً على أدلة تشوبها مزاعم التعذيب”.
إن سجل إيران الملطخ بالدماء جراء تعليقها المجرمين الأحداث على أعواد المشانق على إثر محاكمات جائرة ليشكل استخفافاً كبيراً بعدالة الأحداث ويخالف بلا وجل التعهدات التي التزمت إيران بمراعاتها تجاه حقوق الطفل.
جيمس لينتش، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية
وأضاف لينتش قائلاً: “إن سجل إيران الملطخ بالدماء جراء تعليقها المجرمين الأحداث على أعواد المشانق على إثر محاكمات جائرة ليشكل استخفافاً كبيراً بعدالة الأحداث ويخالف بلا وجل التعهدات التي التزمت إيران بمراعاتها تجاه حقوق الطفل. ويجب على السلطات الإيرانية أن توقف فوراً تنفيذ حكم الإعدام بعلي رضا طاجيكي وأن تمنحه محاكمةً عادلة لا دور فيها لعقوبة الإعدام أو لاعترافاته المنتزعة منه بالإكراه”.
ولطالما حرصت منظمة العفو الدولية مراراً وتكراراً على مناشدة السلطات الإيرانية كي تعلن فرض وقف اختياري على جميع الإعدامات بهدف إلغاء تطبيق عقوبة الإعدام.
وأُلقي القبض على علي رضا طاجيكي رفقة شبان آخرين في مايو/ أيار 2012 للاشتباه بقيامهم باغتصاب صديقته وطعنها حتى الموت. ومُنع طاجيكي من الاتصال بالمحامي طوال سير التحقيق، وأُودع الحبس الانفرادي مدة 15 يوماً دون إمكانية الاتصال بعائلته. وتعرض أثناء تلك الفترة للتعذيب وغير ذلك من ضروب المعاملة السيئة، وفق ما جاء على لسانه، بما في ذلك تعرضه للضرب المبرح والجلد وتعليقه من ذراعيه وقدميه بغية إجباره على “الاعتراف” بارتكاب الجريمة المنسوبة إليه. وقام علي رضا بالتراجع عن اعترافاته المزعومة لاحقاً أمام سلطات النيابة العامة وأثناء محاكمته، وما انفك يصر منذ ذلك الحين على برائته دون كلل. ولكن ذلك كله لم يحل دون الاسترشاد باعترافاته المزعومة كدليل ضده أثناء إجراءات القضية.
وبعد سنة من إدانة علي رضا طاجيكي، قام أحد فروع المحكمة العليا بإلغاء الحكم الصادر ضده في أبريل/ نيسان 2014، حيث خلصت المحكمة إلى عدم كفاية إجراءات التحقيق لعدم توفر الأدلة الجنائية الكافية التي تربط بينه وبين واقعة الاعتداء الجنسي على الضحية، وأوعزت إلى المحكمة الجنائية في مقاطعة فارس بإجراء المزيد من التحقيقات وفحص مستوى “نموه ونضجه العقلي” وقت وقوع الجريمة، وذلك في ضوء صدور إرشادات جديدة بشأن إصدار الأحكام على الأحداث عملاً بأحكام قانون العقوبات الإسلامي الصادر في إيران عام 2013.
ويتيح القانون المذكور للقضاة استبدال عقوبة الإعدام بأحكام بديلة في حال الجزم بوجود شكوك تحوم حول مستوى “النضج والنمو العقلي” للمجرم الحدث وقت وقوع الجريمة.
وأصدرت المحكمة الجنائية، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، حكماً بالإعدام بحق علي رضا، وذلك بالاستناد إلى رأي خبير طبي خلص إلى أن طاجيكي كان يتمتع “بالنضج العقلي”. ولكن لم تشر المحكمة في قرار الحكم إلى الشواغل التي أثارتها المحكمة العليا بشأن عدم توفر الأدلة الجنائية التي تربطه بالواقعة، ما يشير إلى عدم إجراء المزيد من التحقيقات كما أوعزت المحكمة سلفاً. كما كررت المحكمة استرشادها باعترافات علي رضا المنتزعة بالإكراه كدليل لإدانته دون أن تجري أي تحقيق، فيما ورد على لسانه من مزاعم تعرضه للتعذيب وغير ذلك من ضروب المعاملة السيئة.
وأيدت المحكمة العليا الحكم على الرغم من العيوب المشار إليها أعلاه، وذلك في نص قرار الحكم الواقع في فقرة واحدة والصادر في فبراير/ شباط 2015، والذي اتضح من خلاله أن المحكمة قد اعتمدت على مبدأ “علم القاضي” الذي يمنح صلاحيات تقديرية أو استنشابية للقاضي كي يقرر إدانة المتهم في حال غياب الأدلة القاطعة.
ويُذكر أنه قد تم تنفيذ حكم الإعدام بأكثر من 970 شخصاً في إيران خلال العام الماضي، ونشرت منظمة العفو الدولية، في يناير/ كانون الثاني 2016، تقريراً خلصت فيه إلى أن الإصلاحات البطيئة والجزئية التي أدخلتها السلطات الإيرانية في 2013 بهدف التصدي للانتقادات الموجهة إلي سجلها المروع على صعيد إعدام المجرمين الأحداث لم تحل دون استمرار قيام إيران بإدانة عشرات اليافعين والحكم عليهم بالإعدام على خلفية جرائم ارتكبوها عندما كانت أعمارهم تقل عن 18 عاما، وهو ما يشكل انتهاكاً للواجبات الدولية المترتبة على إيران في مجال حقوق الإنسان