قال منظمة العفو الدولية اليوم إنه يجب على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يتخذ إجراء فوريا بشأن توصيات أصدرها “مجلس خبراء” تابع للمجلس نفسه ويضع موضع التنفيذ حظرا شاملا للسلاح لوقف تدفق الأسلحة إلى جمهورية جنوب السودان.
ففي أعقاب اندلاع الصراع في ديسمبر/كانون الأول 2013، وتقوم منظمة العفو الدولية منذ ذلك الحين بحشد التأييد لفرض حظر للسلاح للمساعدة في إنهاء الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان الدولية والقانون الإنساني الدولي، إذْ أسفر القتال عن موت عشرات الألوف من المدنيين وتشريد مئات الألوف من الناس.
ينبغي ألا يجد المجتمع الدولي صعوبة في الاستنتاج بضرورة وقف تدفق الأسلحة إلى حيث يتكرر استخدام هذه الأسلحة في ارتكاب جرائم حرب و إدامة الانتهاكات والتجاوزات الخطيرة والممنهجة لحقوق الإنسان.
موثوني وانييكي، المدير الإقليمي لمنطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي والبحيرات العظمى في منظمة العفو الدولية
وقال موثوني وانييكي المدير الإقليمي لمنطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي والبحيرات العظمى في منظمة العفو الدولية:” لقد أثبت اتفاق السلام الموقّع العام الماضي عدم فاعليته في إنهاء الفظاعات وفي إدخال المحاسبة بحق المسؤولين عن الصراع المسلح الأهلي في جمهورية جنوب السودان. ينبغي ألا يجد المجتمع الدولي صعوبة في الاستنتاج بضرورة وقف تدفق الأسلحة إلى حيث يتكرر استخدام هذه الأسلحة في ارتكاب جرائم حرب و إدامة الانتهاكات والتجاوزات الخطيرة والممنهجة لحقوق الإنسان.
وأردف وانييكي :”ينبغي أن يُنظر إلى حظر السلاح كإجراء وقائي لا كإجراء عقابي وأن يكون خطوة أساسية نحو ترسيخ احترام دائم لحقوق الإنسان. ينبغي عدم السماح لأي بلد كان بنقل الأسلحة إلى أي جهة منخرطة في الصراع في جمهورية جنوب السودان إلى أن تكون هناك ضمانات واضحة وقابلة للتطبيق بعدم استخدام تلك الأسلحة في ارتكاب أو تسهيل ارتكاب انتهاكات جديدة لحقوق الإنسان الدولية أو القانون الإنساني الدولي.”
يذكر أن “مجلس الخبراء” التابع للأمم المتحدة خلص في تقريره إلى أن :” كلا الجانبين يواصلان السعي للحصول على السلاح لقواتهما، حتى بعد توقيع اتفاق السلام في أغسطس/آب 2015وعلى الرغم من وضع اقتصادي متوتر. لقد كان لتدفق الأسلحة المستمر تأثير مدمّر على المدنيين وعلى الوضع الأمني العام في البلاد…”
ولهذا فقد دعا “مجلس الخبراء” إلى فرض حظر شامل على توريد وبيع ونقل أو النقل غير المباشر للأسلحة والذخيرة والعربات العسكرية وغيرها من أشكال الدعم العسكري، بما في ذلك الدعم التقني والمالي وصيانة المعدات والتدريب، إلى جمهورية جنوب السودان.
وتضم قائمة الدول الواردة في التقرير باعتبارها سهّلت عمليات نقل الأسلحة إلى جمهورية جنوب السودان أوكرانيا، التي نقلت طائرات مروحية وبنادق رشاشة وقدمت الدعم العسكري اللوجستي. وقالت مصادر مستقلة لـ”مجلس الخبراء” إن هناك “اتفاقا قائما غير مكتوب” تقوم بموجبه أوغندة بدور الممر الإقليمي لعمليات نقل الأسلحة والذخيرة. فعلى سبيل المثال، البنادق الإسرائيلية من نوع “ميكرو جليل” التي شوهدت في “ولاية النيل الأعلى”، ورّدتها إسرائيل إلى أوغندة في الأصل في عام 2007، لكنها بيعت لاحقا إلى “جهاز الأمن الوطني” التابع لجمهورية جنوب السودان في عام 2014. وقد وصف التقرير الحكومة السودانية بأنها ” مزود الأسلحة الأساسي للمعارضة” في جمهورية جنوب السودان، على الرغم من أن قوات المعارضة كانت تستخدم أيضا ذخيرة مصدرها الصين والاتحاد السوفييتي السابق.
وفي يوليو/ تموز من عام 2014 انتقدت منظمة العفو الدولية بقوة شحنة من أكثر من 1000 طن من الأسلحة الفردية والخفيفة إلى حكومة جنوب السودان من “شركة الصين للصناعات الشمالية” للتصنيع التي تملكها الحكومة الصينية ( نورينكو). وقد ألغت الحكومة الصينية عمليات نقل المزيد من الأسلحة في سبتمبر/ أيلول في أعقاب الانتقادات الدولية الحادة.
إن منظمة العفو الدولية وإذْ رحبت بدعوة “مجلس الخبراء” التابع للأمم المتحدة إلى فرض حظر للسلاح، فهي طالبت بالإضافة إلى ذلك بوجوب أن يشمل الحظر كافة الشحنات المستوردة بشكل غير مباشر عبر دول أخرى، ونقل المكونات العسكرية، والتقنيات ذات الاستعمال المزدوج، وأيّ أنشطة سمسرة أو أنشطة مالية أو لوجستية من شأنها تسهيل عمليات تقل الأسلحة.
خلفية
لقد دعت منظمة العفو الدولية مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أول مرة في مايو/ أيار عام 2007 لتعزيز بنود حظر السلاح الصادر من الأمم المتحدة على السودان وذلك بتوسيع تطبيقه ليشمل كل منطقة السودان بما فيها جمهورية جنوب السودان (التي أصبحت دولة مستقلة في عام 2011). ومنذ بدء النزاع بين القوات الموالية لرئيس جنوب السودان “سلفا كير” والقوات الموالية لزعيم المعارضة “ريك ماشار” في ديسمبر/ كانون الأول 2013، توثّق منظمة العفو الدولية وغيرها من المنظمات وتنشر أدلة على ارتكاب جرائم حرب وغيرها من الانتهاكات والتجاوزات الخطيرة التي يرتكبها كلا الطرفين. وفي أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2015 أصدر “الاتحاد الأفريقي” تقريرا أدان فيه عمليات القتل والتعذيب والتمثيل بالجثث والاغتصاب المرتكبة بحق المدنيين- فضلا عن أكل لحوم البشر القسري.
وقد أسفر النزاع عن مصرع عشرات الآلاف من الناس وتدمير بلدات بأكملها. وتشرد زهاء مليون وستمئة ألف شخص داخل جنوب السودان كما فرّ 600 ألف آخرين إلى البلدان المجاورة. ويواجه نحو ثلاثة ملايين وتسعمئة ألف شخص وضعا غذائيا غير مستقر، وذلك مع تكرار الأمم المتحدة تحذيراتِها من احتمال تدهور الأزمة الإنسانية واحتمال حصول المجاعة إن استمر القتال.
وعلى الرغم من عدة محاولات لوقف إطلاق النار في السنوات التالية تـُوّجتْ باتفاق سلام أوسع تم التوقيع عليه في أغسطس/ آب عام 2015، هناك تجاهل كليّ متواصل لحقوق الإنسان الدولية والقانون الإنساني الدولي، كما هناك نقص في محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبت خلال الصراع. كما تعطلت المسيرة نحو إقامة حكومة وحدة وطنية انتقالية وفق ما جاء في اتفاق السلام.