اليونان: لاجئون يتعرضون للهجوم ويقيمون في ظروف “كالجحيم” في جزيرة كوس

قالت منظمة العفو الدولية اليوم بعد أن أوفدت بعثة لإجراء بحوث في جزيرة كوس اليونانية هذا الأسبوع إنه ينبغي أن تسفر الزيارة التي يقوم بها المفوضان الأوروبيان تيمرمانز وأفراموبولوس اليوم للجزيرة عن تحرك فوري يرمي إلى وضع حد لمعاناة آلاف اللاجئين الذين يقيمون في ظروف غير إنسانية لفترات مطولة، ومن بينهم كثير من الأطفال.

وشاهد باحثو المنظمة هجوماً عنيفاً على اللاجئين الليلة الماضية ووثقوا الظروف المروعة بوجه عام التي يتعرض لها اللاجئون في الجزيرة. ووجد الباحثون أطفالاً لا يتجاوز عمر بعضهم أسبوعاً بين حشود اللاجئين الذين أُجبِروا على الانتظار أياماً في جو قائظ إلى أن تنتهي السلطات المحلية من تسجيلهم، وقابلوا بعض القُصَّر الذين سافروا دون رفقة راشدين محتجزين في ظروف يُرثَى لها مع الراشدين.

اللاجئون الذين قابلناهم في كوس فروا من الحرب والاضطهاد في بلدان من بينها سوريا، وأفغانستان، والعراق. ومن بينهم أطفال، بعضهم بصحبة أسرهم لكن من بينهم من يسافرون بمفردهم. ومن المروع أنهم يُرغَمون الآن على تحمل ظروف كالجحيم ويقابلون لامبالاة بمحنتهم من جانب المسؤولين الرسميين.

كونديليا كوغو، الباحثة في شؤون اليونان في منظمة العفو الدولية

وقالت كونديليا كوغو، الباحثة في شؤون اليونان في منظمة العفو الدولية التي عادت أخيراً من جزيرة كوس: “اللاجئون الذين قابلناهم في كوس فروا من الحرب والاضطهاد في بلدان من بينها سوريا، وأفغانستان، والعراق. ومن بينهم أطفال، بعضهم بصحبة أسرهم لكن من بينهم من يسافرون بمفردهم. ومن المروع أنهم يُرغَمون الآن على تحمل ظروف كالجحيم ويقابلون لامبالاة بمحنتهم من جانب المسؤولين الرسميين.

اعتداءات الغوغاء

شاهد العاملون في منظمة العفو الدولية خلال الليلة الماضية مجموعة تضم ما بين 15 و25 شخصاً يمتشقون هراوات ويعتدون بدنياً على اللاجئين في كوس وهم يرددون عبارة “عودوا إلى بلدانكم” وإهانات أخرى. وقاموا كذلك بتهديد النشطاء ومن بينهم أحد العاملين في منظمة العفو الدولية. وأُصيبت ناشطة كانت تلتقط صوراً فوتوغرافية بجروح طفيفة وأُخِذَت منها آلة التصوير. ولم تقم الشرطة بمنعهم ولم تتدخل قوات الأمن إلإ بعد أن بدأت الاعتداءات البدنية واستخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشد.

وقالت كونديليا كوغو: “الهجوم العنيف الذي وقع الليلة الماضية يسلط من جديد ضوءاً كاشفاً على الخطر الذي يتعرضون له هم والنشطاء الذين يساعدونهم. لا بد من التحرك الآن على جميع المستويات لضمان حمايتهم.”

الظروف اللاإنسانية في كوس

كان ما يُقَدَّر بما بين 3000 و4000 لاجئ يقيمون في الجزيرة عندما زارتها منظمة العفو الدولية. وفي غياب أي مرافق استقبال رسمية، يقيم أغلبهم في ظروف مروعة في انتظار تسجيلهم قبل مواصلة رحلتهم إلى أراضي اليونان الأساسية وما وراءها. ويُعتَقَد أن أغلبهم قدموا من سوريا، وأفغانستان، والعراق. وقد وصل ما يزيد على 31000 لاجئ، على وجه الإجمال، إلى كوس هذا العام مع زيادة كبيرة في أعداد الواصلين بدءاً من يونيو/حزيران 2015، وفقاً لإحصاءات خفر السواحل اليوناني.

ولا يستطيع معظم اللاجئين تحمل تكاليف السكن وينامون في خيام في العراء في ظروف مروعة أو في فندق كابتن إلياس المتهالك. وقدم سكان الجزيرة ومنظمة الإغاثة الإنسانية غير الحكومية “أطباء بلا حدود” مساعدات للاجئين، لكن السلطات البلدية لم تقدم إلا مساعدات قليلة للغاية بل وأغلقت المراحيض العامة.

ينبغي أن تسفر الزيارة التي يقوم بها المفوضان الأوروبيان تيمرمانز وأفراموبولوس للجزيرة عن تحرك فوري يرمي إلى وضع حد لمعاناة آلاف اللاجئين الذين يقيمون في ظروف غير إنسانية لفترات مطولة

منظمة العفو الدولية

وتستخدم الشرطة في كوس حالياً مركزاً قديماً للشرطة لتسجيل الأشخاص وتوثيقهم قبل أن يغادروا الجزيرة. وزار باحثو منظمة العفو الدولية المركز يوم 2 سبتمبر/أيلول ورأوا زهاء 100 لاجئ، من بينهم رضيعة عمرها أسبوع بين ذراعي أمها تجلس بها على الأرض في فناء. ولم يُقَدَّم أي ماء لمن ينتظرون التسجيل. وكان الشيء الوحيد الذي يخفف من حر الصيف القائظ مظلة في وسط الفناء أوى إلى ظلها بضعة أفراد لا غير.

وكان ما بين 200 و300 شخص آخرين ينتظرون دخول مركز الشرطة، وقال كثير منهم إنهم ينتظرون لهم أيام. وقال رجل عمره 28 عاماً قادم من العراق إنه ينتظر منذ أسبوع.

ولا تقوم السلطات بتقديم معلومات للاجئين بخصوص حقوقهم وتحديد الفئات الضعيفة بينهم، وإنما يقوم بذلك أفراد “مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين” المنتشرون في الجزيرة.

وكثيراً ما تفاقم هذا الوضع بسبب إحجام السلطات المحلية عن إقامة مركز استقبال دائم تتوفر به الإمكانيات الكافية وغياب التحرك المنسق والناجع.

وفي أواسط أغسطس/آب بلغ هذا التقصير حد الأزمة عندما حبست السلطات ما يربو على 2000 شخص في ظروف غير إنسانية في استاد الجزيرة الرياضي. ووردت أنباء تفيد باستخدام الشرطة للقوة المفرطة ضد اللاجئين الذين ينتظرون التسجيل.

احتجاز الأطفال مع الراشدين

قابلت منظمة العفو الدولية أربعة صبية، وهم ثلاثة باكستانيين وسوري واحد أعمارهم 16 أو 17 عاماً، محتجزين في زنزانة قذرة تابعة للشرطة مع أشخاص راشدين مشتبه بهم جنائياً.

وكانت ظروف احتجازهم تبعث على أشد الأسف، إذ ينامون على حشيات قديمة قذرة دون ملاءات، وكانت مصابيح الإضاءة مكسورة، ومن مرحاض قريب طافح وتعمه القذارة تنبعث رائحة نتنة.

سافرت مع أسرة أخرى لاجئة إلى اليونان… وعندما أبرزت جواز سفري اعتقلتني الشرطة. ولم تسمع أسرتي شيئاً عني منذ اعتُقِلت.

صبي سوري عمره 16 عاماً وصل بمفرده بغير صحبة أي من أفراد أسرته

وقال صبي سوري عمره 16 عاماً وصل بمفرده بغير صحبة أي من أفراد أسرته: “سافرت مع أسرة أخرى لاجئة إلى اليونان… وعندما أبرزت جواز سفري اعتقلتني الشرطة. ولم تسمع أسرتي شيئاً عني منذ اعتُقِلت.”

ولم يُتَح للصبي الاتصال بمحام أو الحصول على مشورة قانونية في الأيام الثلاثة التي مرت منذ القبض عليه.

وقالت كونديليا كوغو: “مع استمتاع العائلات التي قدمت إلى كوس للسياحة بعطلاتها الصيفية واستعداد العائلات المحلية لعودة أبنائها إلى المدارس لا يمكن أن يكون التباين مع معاناة الأطفال اللاجئين أكثر وضوحاً.”

توصيات

تحث منظمة العفو الدولية:

السلطات المحلية في كوس على التعاون مع السلطات المركزية لإقامة مراكز استقبال وإيواء الواصلين الجدد في ظروف إنسانية حتى اكتمال إجراءات التسجيل الضرورية. وينبغي لها أن تنقل على الفور أي قُصَّر بغير صحبة راشدين إلى مأوى مناسب إلى أن تكتمل جميع الإجراءات ويمكن نقلهم إلى مراكز استقبال للأطفال الذين لا يصحبهم راشدون في أراضي اليونان الأساسية؛

الحكومة اليونانية على أن تنفذ على وجه السرعة الخطط التي أُعلِنَت في مؤتمر صحفي يوم 3 سبتمبر/أيلول، بما في ذلك نشر أفراد من العاملين في “مركز الاستقبال الأولي” في كوس (مثل الأفراد المنتشرين حالياً في جزيرتي ليزبوس وساموس) للمساعدة في تحديد الفئات الضعيفة. ولا بد أن تضمن أيضاً بدء عمليات الهيئة المسؤولة عن إدارة صناديق الاتحاد الأوروبي مثل “صندوق اللجوء والهجرة والدمج” بأسرع ما يمكن.

الاتحاد الأوروبي على دعم السلطات اليونانية مالياً على وجه العجل من ميزانيات الاتحاد الأوروبي المخصصة للتضامن والطوارئ حتى تتمكن من إدارة الأزمة الحالية. وتحتاج اليونان كذللك إلى الدعم في مجال النقل والإمداد والدعم الميداني حتى تتمكن من الوفاء بحاجات الواصلين إلى جزرها. والأهم حتى من ذلك أنه ينبغي للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تخفيف الضغط على اليونان في الأجل الأطول من خلال إصلاح نظام اللجوء في الاتحاد الأوروبي ومن خلال توفير مزيد من المسارات الآمنة والقانونية إلى أوروبا لمن يحتاجون إلى الحماية. وهذا يتضمن زيادة كبيرة في أماكن التوطين للاجئين الأكثر ضعفاً الذين تحددهم “مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين”، وزيادة استخدام تأشيرات الدخول لأسباب إنسانية، وتقديم خيارات أفضل للم شمل العائلات.

وقالت كونديليا كوغو “هذه أزمة على جميع المستويات. فالسلطات المحلية في اليونان غير مستعدة لتقديم المساعدة الضرورية، والسلطات الوطنية تبدو عاجزة عن تقديمها، وزعماء الاتحاد الأوروبي يترددون في مجابهة أزمة إنسانية تتفاقم باستمرار.”

خلفية

يزور النائب الأول لرئيس المفوضية الأوروبية فرانز تيمرمانز ومفوض الهجرة والشؤون الداخلية والمواطنة ديمتريس أفراموبولوس كوس يوم 4 سبتمبر/أيلول لمتابعة الوضع حيث تجد السلطات المحلية صعوبة في التعامل مع زيادة كبيرة في أعداد المهاجرين الواصلين على مدى شهور الصيف.

وعقد بعض وزراء الحكومة اليونانية اجتماعاً في أثينا يوم 3 سبتمبر/أيلول لبحث التحركات الجارية استجابة لأزمة اللاجئين في جزر بحر إيجة.

وأعلن الوزراء عدة إجراءات، من بينها إنشاء مركز للتنسيق للتعامل مع وصول اللاجئين؛ ونشر مزيد من العاملين والمعدات للإسراع بإجراءات تسجيل اللاجئين وتوثيقهم؛ كما أعلنوا أنه يجري اتخاذ إجراءات للاستفادة على الفور من أموال الاتحاد الأوروبي المتاحة. ودعوا الاتحاد الأوروبي إلى تقديم ما يلزم من دعم مالي ودعم في مجال النقل والإمداد.

وقد أبلغ مسؤولو الشرطة منظمة العفو الدولية بأنه سيكون من الصعب للغاية، دون تمويل إضافي عاجل من الاتحاد الأوروبي، نشر أفراد ومعدات في جزر بحر إيجة وإقامة مناطق تسجيل وتوثيق يتم فيها تسجيل اللاجئين في ظروف إنسانية وتحسين ظروف الاحتجاز قبل نهاية العام.

وتفيد إحصاءات الحكومة اليونانية بأن 157000 لاجئ وصلوا إلى اليونان بحراً خلال شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب. وخلال الأشهر الثمانية التي انقضت من عام 2015، وصل ما يربو على 230000 شخص بحراً. ويزيد هذا العدد ما يتجاوز 13 ضعفاً عن عدد من وصلوا خلال الفترة نفسها من عام 2014 وهو 17000 شخص. وأغلبيتهم العظمى لاجئون.