منظمة العفو الدولية تحث قرغيزستان على إحقاق الحقيقة والعدالة لضحايا العنف

قالت منظمة العفو الدولية في تقرير جديد إن السلطات القرغيزية عجزت عن تحقيق العدالة للآلاف من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان خلال أربعة أيام من المصادمات العرقية العنيفة التي وقعت في يونيو/حزيران 2010، والتي مزقت جنوب قرغيزستان.ويفحص التقرير، الصادر باللغة الانجليزية والمعنون بـ الحقيقة الجزئية والعدالة الانتقائية، الجهود التي بُذلت للكشف عن الحقيقة بشأن ما حدث خلال أربعة أيام شهدت إشعال حرائق على نطاق واسع وأعمال نهب وهجمات عنيفة، ومنها عمليات القتل والعنف الجنسي التي اجتاحت جنوب قرغيزستان وألحقت الضرر بشكل غير متناسب بالمناطق التي تقطنها أغلبية أوزبكية. وقد أسفرت تلك الأحداث عن مقتل مئات الأشخاص وفرار الآلاف من منازلهم مرغمين.كما يفحص التقرير الجهود المبذولة لفرض المساءلة على انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها جميع الأطراف التي اشتركت في أعمال العنف.وقال نيكولا دكويرث، مدير برنامج أوروبا ووسط آسيا في منظمة العفو الدولية، “إن التحيز العرقي الواضح للمحققين وعدم قدرة نظام العدالة الجنائية على التحقيق في الانتهاكات بشكل محايد وعادل ومقاضاة مرتكبيها، لن يؤدي إلا إلى زيادة الشعور بالإفلات من العقاب لدى الجناة وبانعدام العدالة لدى الضحايا.””وما لم يتم تصحيح هذا الاتجاه بسرعة، فإن فرصة ضمان سيادة العدالة ستضيع.”وأدى التحيز العرقي الواضح واستمرار انتهاكات حقوق الإنسان إلى تقويض  الجهود المبذولة لاستعادة فرض النظام في المناطق التي تأثرت بالعنف، وللتحقيق في الجرائم التي ارتُكبت خلال تلك الفترة.وشاعت على نطاق واسع أنباء بشأن عمليات الاعتقال التعسفي والتعذيب وإساءة المعاملة والمحاكمات الجائرة.كما أن عمليات البحث والتفتيش التي أجرتها قوات الأمن عقب اندلاع العنف، والتي كان هدفها ظاهرياً الاستيلاء على الأسحة واعتقال المشتبه بهم، قد نُفذت باستخدام القوة المفرطة. وقد اعتُقل تعسفياً مئات الرجال، ومعظمهم من الأوزبك، وتعرضوا للضرب المزعوم أثناء المداهمات وفي الحجز في وقت لاحق.وبحلول 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2010، كشفت شخصيات رسمية النقاب عن أنه قبُض على 271 شخصاً على خلفية أعمال العنف التي وقعت في يونيو/حزيران. كما أن الأغلبية الساحقة من الأشخاص الذين قُدموا إلى المحاكمة بسبب اشتراكهم في أحداث يونيو/حزيران، كانوا من أصل عرقي أوزبكي.وقد شاب العديد من هذه المحاكمات مثالب خطيرة، حيث تعرض المحامون للمضايقة خارج قاعات المحكمة، ورفض القضاة استدعاء شهود الدفاع أو الاعتراف بأن ” الاعترافات” ربما تكون قد انتُزعت تحت وطأة التعذيب.وكثيراً ما تعرض المدافعون عن حقوق الإنسان والمحامون للاعتداء على أيدي مجموعات من الرجال والنساء القرغيز، كما تعرضوا للتهديد بالعنف، وإساءة المعاملة اللفظية بسبب دفاعهم عن حقوق المعتقلين والضحايا من الأوزبك وعائلاتهم.وفي غياب التحقيقات المستقلة والمحايدة في أعمال العنف، ظهرت روايات متضاربة للأحداث.وأضاف نيكولا دكويرث يقول: “إن ثمة حاجة ملحة إلى رواية موضوعية لما حدث من أجل تصحيح التشويهات والأساطير التي نُسجت حول أعمال العنف التي وقعت في يونيو/حزيران”.ومضى يقول: “بيد أن نسج روايات متناقضة ومتحيزة عرقياً حول أصل العنف ومرتكبيه وضحاياه استمر بلا رداع حتى الآن. ولا تزال هناك أسئلة ملحة بشأن ما إذا كانت قوات الأمن قد شاركت في العنف، وما إذا كانت الهجمات ضد المدنيين تشكل جرائم ضد الإنسانية.”في يوليو/تموز 2010، أُنشأت لجنة تحقيق وطنية، ولكنها لم تنشر تقريراً حول العنف حتى الآن. بيد أنه تم تقويض هذه اللجنة بشكل مستمر بسبب عدم وجود صلاحيات واضحة ونطاق اختصاص واضح، واستقالة عدد من الأعضاء المستقلين البارزين، وعجزها عن إجراء تحقيقات.وقد قيل لمنظمة العفو الدولية، مراراً وتكراراً، إن عدم إجراء تحقيق مستقل وواف ومحايد في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتُكبت خلال أعمال العنف العرقي في الجنوب في عام 1990، وعدم مساءلة الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم، إنما يسمح ببذر المزيد من بذور العنف.وقال نيكولا دكويرث إنه “بعد مرور عشرين عاماً، يُخشى أن تكرر السلطات الكرغيزية هذه الأخطاء، وإن المؤشرات المبكرة تدل على أن التحقيقات الوطنية والتحقيقات الجنائية لن ينجم عنها سوى الحقائق الجزئية والعدالة الانتقائية على أحسن تقدير.”وخلص دكويرث إلى القول إنه “في المناخ الحالي الذي يتسم بالخوف وانعدام الثقة والشائعات والاستقطاب العرقي واستمرار عدم الاستقرار السياسي، فإن التحقيق الدولي يخلق أملاً كبيراً في إجراء تحقيق شامل وغير متحيز وذي صدقية، وأن من المهم للغاية إنجاز هذا الأمر.”