حذَّرت منظمة العفو الدولية اليوم من أن إعلان وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أنها قد وجهت الاتهام إلى ستة من معتقلي خليج غوانتنامو “ذوي القيمة العالية” يثير المزيد من التساؤلات الإضافية حول سلوك الولايات المتحدة الأمريكية في “الحرب على الإرهاب”.
وتعليقاً على ذلك، قال روب فرير، باحث منظمة العفو الدولية في شؤون الولايات المتحدة الأمريكية، إنه “ومنذ الجريمة ضد الإنسانية التي ارتكبت في 11 سبتمبر/أيلول 2001، حثت منظمة العفو الولايات المتحدة الأمريكية على السعي إلى العدالة والأمن ضمن إطار من الاحترام لحقوق الإنسان ولحكم القانون. ويتجلى الفشل المنهجي لحكومة الولايات المتحدة في الاستجابة لذلك ليس فحسب في المعاملة التي تلقاها هؤلاء المعتقلون الستة على مدار السنوات الخمس المنصرمة أو ما يزيد، وإنما أيضاً في اللجان العسكرية التي سيمثُل هؤلاء أمامها”.
فقد احتُجز خمسة من الرجال الستة لأكثر من ثلاث سنوات في أماكن حجز سرية لوكالة الاستخبارات المركزية (السي آي أيه) قبل أن يتم ترحيلهم إلى غوانتنامو في سبتمبر/أيلول 2006. وكان هؤلاء ضحايا للإخفاء القسري – وهو جريمة بمقتضى القانون الدولي – وقد أكدت السي آي أيه على أن واحداً منهم على الأقل، هو خالد شيخ محمد، قد أُخضع للتعذيب عن طريق “الإيهام بالغرق في الماء”.
وقال روب فرير: “إن الإيهام بالغرق ضرب من ضروب التعذيب، والتعذيب جريمة دولية. ولم تتم مساءلة أحد عن مثل هذه الجريمة. والإفلات من العقاب في برنامج السي آي أيه يظل إحدى العلامات التجارية المميزة لسلوك الولايات المتحدة في “الحرب على الإرهاب””.
أما الرجل السادس المتهم معهم فهو محمد القحطاني، الذي تعرض للتعذيب ولغيره من صنوف سوء المعاملة في غوانتنامو في أواخر 2002. وعلى الرغم من معاناته الإذلال الجنسي والحرمان من النوم وحشر الرأس في القلنسوات والتجريد من الملابس والموسيقى الصاخبة والضجيج الأبيض والتعريض للحرارة والبرودة الشديدتين بصورة متعاقبة، فإن البنتاغون خلُص إلى أن معاملته لم ترق إلى مرتبة المعاملة اللاإنسانية.
ومضى روب فرير إلى القول: “إن البنتاغون، مثله مثل الرئيس، يملك التأثير المباشر على إجراءات اللجان العسكرية. وبعبارة أخرى، فإن هذه المحاكم الخاصة ذات المستوى المتدني تفتقر إلى الاستقلالية عن الفرع التنفيذي نفسه من السلطة الذي أجاز وغض النظر عن الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان التي ارتكبت ضد هؤلاء المعتقلين”.
إن منظمة العفو الدولية تشعر ببواعث قلق بالغ من أن المعلومات التي تم الحصول عليها تحت التعذيب أو غيره من صنوف سوء المعاملة سوف تكون جزءاً من حيثيات القضية ضد هؤلاء المعتقلين. وهذه ليست سوى إحدى مخالفات نظام اللجان، التي أُنشئت حصرياً للحصول على إدانات بمقتضى معايير أدنى من تلك التي يمكن أن تطبقها المحاكم العادية. فليس ثمة مواطن أمريكي يمكن أن يحاكم من قبل مثل هذه اللجان العسكرية، ما يسِمها بالتمييز ابتداء، ويجعل منها انتهاكاً للقانون الدولي.
وإن خليج غوانتنامو، الذي أصبح أيقونة لانعدام القانون، قد يصبح هو المكان الذي ستنفذ فيها أحكام الإعدام بناء على محاكمات لا تفي بمقتضيات المعايير الدولية. إذ تسعى الحكومة إلى أن تنتهي المحاكمات إلى إصدار أحكام بالإعدام ضد هؤلاء الأشخاص الستة. ومنظمة العفو الدولية تناهض عقوبة الإعدام في جميع الظروف. كما إن أكثر من نصف دول العالم قد ألغت الآن عقوبة الإعدام في القانون أو في الممارسة.
“إن الولايات المتحدة الأمريكية ترفع لواء الإعدام في غوانتنامو استناداً إلى محاكمات باطلة من أساسها ولم يمض بعد سوى أسابيع على تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى جانب وضع حد لعمليات الإعدام. ويتعين على المجتمع الدولي أن يقف اليوم في وجه الولايات المتحدة ليطلب منها إلغاء هذه اللجان العسكرية وتقديم هؤلاء المعتقلين للمحاكمة أمام محاكم مستقلة وغير متحيزة لا تلجأ إلى إصدار أحكام بالإعدام عليهم”.