حضت منظمة العفو الدولية اليوم الحكومة التشادية على الكف عن اضطهاد كبار أعضاء الأحزاب المعارضة السياسية والصحفيين والمناصرين – الحقيقيين أو المتصورين – للجماعات السياسية المعارضة.
وقد أُلقي القبض على لول محمد تشوا ونغارلغي يورونغار وابن محمد صالح جميعهم في 3 فبراير/شباط في العاصمة نجامينا، وتسود بواعث قلق جدية على سلامتهم.
ويظل مكان وجود وادي العبد القادر كاموغ، وهو شخصية معارضة قيادية مجهولاً، برغم أن وزير الاتصالات التشادي قال إنه تجنب الاعتقال ويظل مختبئاً منذ 3 فبراير/شباط.
وفي 14 فبراير/شباط، أكد وزير الداخلية التشادي محمد أحمد بشير أن لول تشوا معتقل في سجن عسكري. وفي اليوم التالي، اعترفت السلطات الفرنسية في تشاد أن سفيرها التقى بلول تشوا. بيد أنه حتى هذا اليوم، رُفض السماح لأفراد العائلة والأطباء والمحامين بلقائه.
وقد اختفى أثر نغارلغي يورونغار وابن محمد صالح منذ أن ألقت قوات الأمن التشادية القبض عليهما.
وقال تاواندا هوندورا نائب مدير برنامج أفريقيا في منظمة العفو الدولية إن “هؤلاء الرجال هم إما رهن الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي أو أنهم تعرضوا للاختفاء القسري”، وتابع قائلاً إن “هذا القمع لأعضاء جماعات المعارضة السياسية السلمية، والذي يعكس استهداف الجماعات المعارضة وضباط الجيش في أعقاب الهجوم الفاشل الذي شنته الجماعات المسلحة على نجامينا في إبريل/نيسان 2006، يثير القلق الشديد.
“ويساور منظمة العفو الدولية قلق بالغ على صحة هؤلاء الرجال وسلامتهم. وينبغي إما توجيه تهم إليهم بارتكاب جرم جنائي معروف أو الإفراج عنهم فوراً.”
وقالت السلطات الفرنسية في تشاد إن مصير الخصوم السياسيين يشكل “أولوية”. وقد بدأت تتكشف الآن معلومات تفيد أن السلطات الفرنسية في نجامينا ربما كانت على علم باعتقال هذه الشخصيات المعارضة منذ 3 فبراير/شباط، ولعلها تعرف مكان وجودهم الحالي.
وقال هوندورا إنه “إذا كان لدى السلطات الفرنسية أية معلومات تتعلق بمصير هؤلاء الرجال أو مكان وجودهم، عليها أن تكشف النقاب عنها فوراً. وبموجب القانون الدولي، فإن أي شخص محتجز يحق له أن يُحتجز في مكان اعتقال معترف به وأن يقابل أفراد عائلته ومحاميه والأطباء.
“إنه ينبغي على الحكومة التشادية ألا تستخدم إعلان حالة الطوارئ كغطاء لإخراج الأنصار – الفعليين أو المتصورين – لأحزاب المعارضة السياسية من مخابئهم وإلقاء القبض عليهم. وأخذ الآن الأفراد المنتمين إلى جماعات إثنية معينة، مثل الغوران، يفرون من تشاد خوفاً من توقيفهم واعتقالهم بصورة تعسفية”.
كذلك يساور منظمة العفو الدولية القلق إزاء استمرار حملة القمع ضد الصحفيين وغيرهم من أعضاء المجتمع المدني الذين ينقلون أخبار أنشطة الحكومة التشادية ويدققون فيها بصورة مستقلة.
ومنذ إعلان حالة الطوارئ في شتى أنحاء البلاد في 14 فبراير/شباط، احتجبت بعض الصحف الخاصة عن الصدور لتجنب فرض رقابة عليها. وقد سبق للعديد من الصحفيين الفرار من البلاد.
وقال هوندورا إنه “يجب أن يتمكن الصحفيون التشاديون والدوليون في تشاد من أداء عملهم المهم بدون مضايقة أو رقابة”. وأضاف “وعلاوة على ذلك، ينبغي حماية المدنيين المنتمين إلى الجماعات الإثنية كافة من المضايقة والاعتقال التعسفي. وإن قمع المجتمع المدني لا يبشر بالخير بالنسبة للتسوية السلمية للنـزاعات المتعددة التي تعصف بتشاد”.
ويخلق استمرار العمليات العدائية بين القوات الحكومية والجماعات المسلحة واستمرار الحكومة في قمع الخصوم السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان أمواجاً من اللاجئين والمهجرين داخلياً. ويستضيف شرق تشاد أصلاً أكثر من 250,000 لاجئ من دارفور المجاورة وحوالي 180,000 مهجر داخلي تشادي.
وقال هوندورا إن “قوة يورفور يجب أن تُنشر بسرعة لحماية المدنيين، ومن ضمنهم اللاجئون والأشخاص المهجرون داخلياً في شرق تشاد. وبانتظار نشرها، ينبغي على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وبخاصة فرنسا، والتي تشارك بقوات في يورفور أن تمتنع عن القيام بأية أفعال تهدد حيادها المتصور في النـزاع الدائر في تشاد، لأن من شأن ذلك أن يعرّض للخطر قدرة هذه القوات على ممارسة صلاحياتها لحماية المدنيين.”
خلفية منذ مطلع العام 2000، خاضت حركات المعارضة المسلحة عمليات حربية منخفضة الحدة ضد الحكومة التشادية. وفي العام 2004 عدَّل الرئيس إدريس ديبي الدستور التشادي، وألغى حد الولايتين الرئاسيتين، ما سمح بإعادة انتخابه لولاية ثالثة في العام 2006.
وفي 31 يناير/كانون الثاني 2008، شنت جماعات المعارضة المسلحة هجوماً كبيراً على نجامينا. واحتدم قتال عنيف لمدة ثلاثة أيام. وبحسب ما ورد وقعت المئات من الإصابات في صفوف المدنيين وفر الآلاف من العاصمة إلى الكاميرون المجاورة. وفي 14 فبراير/شباط، أعلن الرئيس ديبي حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد. وتمنح حالة الطوارئ حكام الأقاليم صلاحية اتخاذ تدابير لتقييد حرية التنقل والتجمع ومراقبة الصحف ومحطات الإذاعة الخاصة والرسمية وفرض حظر تجول.
والغوران جماعة إثنية غير عربية يعيش أفرادها بصورة رئيسية في شمال تشاد والسودان. وينتمي محمد نوري، أحد قادة الجماعات المعارضة المسلحة التي شنت هجمات على القوات الحكومية المتمركزة في نجامينا في 31 يناير/كانون الثاني إلى الغوران. لذا يتعرض الآخرون الذين ينتمون إلى جماعة الغوران الإثنية لخطر اعتبارهم مرتبطين بجماعات المعارضة المسلحة من جانب السلطات التشادية.