أدانت منظمة العفو الدولية اليوم بشدة العدد المتزايد من أعمال قتل المدنيين بدوافع سياسية على أيدي جماعات من الشبان المسلحين في أجزاء مختلفة من كينيا في الأيام القليلة الماضية، وأعربت عن بواعث قلق خاصة حيال الطبيعة الإثنية المتزايدة للعنف.
وقال إروين فان دير بورغت، مدير برنامج أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن “على القادة السياسيين أن لا يتغاضوا صراحة أو ضمناً عما يرتكب من عنف ضد الأنصار المفترضين لمنافسيهم”.
وتساور منظمة العفو الدولية بواعث قلق أيضاً بشأن ما يتواتر من تقارير عن أعمال قتل على أيدي الشرطة. فقد فارق شخص واحد، حسبما ذكر، الحياة إثر إطلاق النار عليه أثناء المناوشات ما بين الشرطة والمتظاهرين في مومباسا. وكانت منظمة العفو الدولية قد أنتقدت في وقت سابق، في 31 ديسمبر/كانون الأول، قتل المتظاهرين المناهضين للحكومة نتيجة استخدام الشرطة القوة المفرطة.
فقد بلغ عدد من تم الإبلاغ عن مقتلهم حتى الآن 300 شخص نتيجة العنف الذي أطلقت شراراته النتائج المتنازع بشأنها للانتخابات الرئاسية، بمن فيهم ما يربو على 30 شخصاً – معظمهم من النساء والأطفال الفارين من الشبان المسلحين – أُحرقوا أحياء حتى الموت عن عمد بعد لجوئهم إلى إحدى الكنائس للاحتماء بها في بلدة إلدوريت، في “ريفت فالي”، بتاريخ 1 يناير/كانون الثاني.
وتحدث الموظفون الطبيون في المستشفى النسائي في نيروبي أيضاً عن زيادة حادة في عدد النساء والفتيات اللاتي تعرضن للاغتصاب من قبل العصابات والأفراد كجزء من العنف الذي تلا الانتخابات.
ويبدو أن بعض العنف الذي ساد في الآونة الأخيرة في بعض المناطق ذات التاريخ الحاشد بالعنف الإثني قد نجم عن هجمات قامت بها مجموعات من الغوغاء المناهضة للحكومة ضد أفراد من جماعة الرئيس كيباكي الإثنية من الكيكويو، بالعلاقة مع التزوير المشتبه فيه للانتخابات. وقد أدت أعمال العنف إلى النزوح الداخلي لما يربو على 75,000 شخص. وقال فان دير بورغت: “يتعين على الحكومة الكينية اتخاذ الترتيبات لتوفير المساعدات الإنسانية على وجه السرعة للمهجرين داخلياً، وتوفير كل حماية ضرورية كذلك للعاملين في أعمال الإغاثة الإنسانية”. فقد أقيمت الكثير من حواجز الطرق غير الرسمية في أنحاء شتى من البلاد على أيدي عصابات من الشبان، بعضهم مسلحون بالمناجل والعصي والحجارة. وتم إجلاء بعض المهجرين من قبل الحكومة الكينية تحت حراسة الجيش أو بالطائرات إلى مواقع أكثر أمناً، بما في ذلك من إلدوريت إلى نيروبي، وإلى أجزاء أخرى من كينيا. وورد أن الآلاف يفرون إلى البلدان المجاورة، ولا سيما إلى أوغندا. خلفية
في 27 ديسمبر/كانون الأول، عُقدت في كينيا الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وفي 30 ديسمبر/كانون الأول، أعلنت اللجنة الانتخابية الكينية الرسمية فوز الرئيس مواي كيباكي في الانتخابات الرئاسية على مرشح المعارضة رايلا أودينغا. وفازت “الحركة الديمقراطية البرتقالية” للمرشح المنافس رايلا أودينغا أغلبية كبيرة من مقاعد البرلمان، حيث فازت على حزب مواي كيباكي، “حزب الوحدة الوطنية”، وغيره من الأحزاب، إلا أنها طعنت في الخسارة المعلنة للانتخابات الرئاسية. وأقسم مواي كيباكي اليمين الدستورية كرئيس للبلاد على وجه السرعة في 30 ديسمبر/كانون الأول. بينما أبدى مراقبو الانتخابات شكوكهم حول مصداقية إحصاء الأصوات الرئاسية وتسجيلها، إلى حد أن رئيس اللجنة الانتخابية الكينية نفسه أعرب في وقت لاحق عن شكوكه تجاه نتائج الانتخابات. وتصاعد العنف السياسي، حيث حظرت الحكومة البث الحي لوسائل الإعلام الكينية بالعلاقة مع نتائج الانتخابات، غير أن هذا الحظر تم تجاهله من الناحية العملية على نطاق واسع.
وقامت الحكومة بنشر قوات الأمن في العديد من المناطق. وراحت الشرطة وقوات الجيش تحمي الناس من عنف المجموعات الغوغائية العنيفة في بعض المناطق، بينما قامت بتفريق المتظاهرين ممن كانوا يمارسون العنف في مناطق أخرى. وحظرت الحكومة مظاهرة رئيسية لـ”الحركة الديمقراطية البرتقالية” كان من المقرر تنظيمها في 3 يناير/كانون الثاني في نيروبي وفي مدن أخرى، وأمرت بمنع المتظاهرين من التجمع، مستخدمة الغاز المسيل للدموع وخراطيم الماء المضغوط.
وتسعى الجهود الدبلوماسية على المستويين الدولي والإقليمي في الوقت الراهن، بما فيها جهود الاتحاد الأفريقي وأسقف جنوب أفريقيا ديزموند توتو، إضافة إلى مبادرات تقوم بها المنظمات غير الحكومية الكينية، إلى البحث عن حل للنـزاع السياسي وإلى وقف أعمال العنف.