المملكة العربية السعودية: لا ينبغي معاقبة محام بسبب دفاعهعن ضحية اغتصاب جماعية

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يجب إسقاط التدابير التأديبية التي اتخذت ضد المحامي السعودي عبد الرحمن اللاحم فوراً إذا تبين أنه قد بوشر بها حصرياً بسبب أنشطته المشروعة في الدفاع عن ضحية للاغتصاب صدر بحقها حكم بالجلد 200 جلدة وآخر بالسجن. فقد استُدعي عبد الرحمن اللاحم للمثول أمام لجنة تأديبية في 5 ديسمبر/كانون الأول 2007 لانتقاده علناً المعاملة الجائرة التي تلقتها موكلته على أيدي القضاة. إذ انتقد قرار المحكمة بمعاملتها كمجرمة بعد أن صدر حكم أولي بحقها في نوفمبر/تشرين الثاني 2006، عوضاً عن اعتبارها ضحية، ونقل عنه قوله إن القضية “تلخص المشكلات الرئيسية التي تعاني منها السلطة القضائية في المملكة العربية السعودية”. وتعليقاً على التدابير التأديبية بحق المحامي، قال مالكولم سمارت، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إنه “من غير المقبول بتاتاً أن يواجه عبد الرحمن اللاحم احتمال تعليق ممارسته للمهنة أو طرده من مهنة المحامة لأنه ببساطة قد دافع عن ضحية شابة لعملية اغتصاب جماعي. وينبغي أن يسمح له بأن يؤدي واجباته المهنية على أفضل وجه ومن غير ترهيب أو عرقلة أو مضايقة أو تدخل غير مناسب”. وطبقاً لبيان أصدرته وزارة العدل في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2007، فقد وجِّهت إلى عبد الرحمن اللاحم تهمة “إهانة المجلس القضائي الأعلى وعدم إطاعة قواعد وأنظمة” السلطة القضائية، ما يمكن أن يؤدي إلى تعليق ممارسته لمهنة المحاماة أو طرده منها. ومثل هذه العقوبة يمكن أن ترقى إلى مرتبة الانتهاك الفظ للمعايير الدولية التي تحمي سلامة مهنة المحاماة. وكانت موكلة عبد الرحمن اللاحم، المعروفة بكنية فتاة الطائف، قد مثلت أمام المحكمة في نوفمبر/تشرين الثاني 2006 مع مرافقها الذكر الذي كان معها في وقت مهاجمتها من قبل سبعة رجال قاموا باغتصابها. وحكم عليها وعلى الشاب الذين كان يرافقها بالجلد 90 جلدة لكل منهما لارتكابهما جريمة الخلوة، حيث كان كل منهما وحيداً مع شخص ينتمي إلى الجنس الآخر من غير أقربائه، بينما حكم على الجناة من أفراد العصابة بالجلد وبالسجن لمدد تراوحت بين سنة واحدة وخمس سنوات. وضوعف الحكم الصادر بحق ضحية الاغتصاب ومرافقها الذكر إلى 200 جلدة والسجن ستة أشهر، بينما زيدت فترة السجن التي حكم بها على المغتصبين من سنتين إلى تسع سنوات، إضافة إلى الحكم بالجلد. إن منظمة العفو الدولية تعتقد أن تجريم الخلوة لا يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ولا سيما حق الشخص في الخصوصية، وأنه ينبغي إعلان القضية ضد الفتاة ومرافقها لا أساس لها كأن لم تكن. ويشير النهج الذي اتبعته وزارة العدل إلى أنها تعتبر أن الشابة قد جلبت في حصيلة الأمر الاغتصاب لنفسها بالتقائها برفيقها. وورد أن المحكمة التي نظرت القضية ابتداء قد دعت إلى سحب رخصة عبد الرحمن اللاحم لممارسة المهنة بعد انتقاده معاملتها لموكلته، ولكن من غير الواضح ما إذا كان هذا هو الذي أفضى إلى الإجراءات التأديبية التي أثيرت الآن ضده. ومضى مالكولم سمارت قائلاً: “إن هذه التدابير الجديدة ليست سوى شاهد جديد على افتقار السلطة القضائية في المملكة العربية السعودية للاستقلالية، وهذا باعث قلق طالما أعربت منظمة العفو الدولية عنه. فالقضية برمتها تعكس أوجه التناقض التي يتسم بها النظام القضائي، ولا سيما تحامله البنيوي ضد المرأة، ويمكن أن تردع هذه التدابير محامين آخرين عن الدفاع عن ضحايا الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي ضد المرأة”. خلـفية تُفاقم طبيعة الإجراءات التأديبية من بواعث قلق منظمة العفو الدولية بشأن احتمال إخضاع عبد الرحمن اللاحم للعقوبة بسبب قيامه بواجباته المهنية كمحام. فهذه الإجراءات تخضع لتحكُّم وزارة العدل، تساعدها في ذلك النيابة العامة، التي تخضع في الوقت الراهن لوزارة الداخلية، وبذا فاستقلاليتها وعدم تحيزها موضع شك كبير. فبمقتضى قانون ممارسة مهنة المحاماة الصادر في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2001، تسيطر وزارة العدل على مهنة المحاماة بصفتها السلطة الدستورية التي تصدر رخص ممارسة المهنة وتتولى تأديب المحامين. وقد ورد أن الاتهام قد وجِّه إلى عبد الرحمن اللاحم من قبل النائب العام وأنه سوف يمثل أمام لجنة من ثلاثة أعضاء شكَّلها وزير العدل لسماع قضيته. وهو مخول بأن يتلقى المساعدة من محام للدفاع. وبمقتضى قانون ممارسة مهنة المحاماة، من الممكن استئناف قرار لجنة التأديب أمام مجلس التظلمات، وهو أعلى محكمة إدارية للاستئناف في النظام القضائي للمملكة العربية السعودية