قالت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، قبيل اختتام البرلمان النرويجي مراجعته في 27 مايو/أيار لاقتراح سحب استثمارات صندوق التقاعد الحكومي من شركات تعمل بصورة غير مشروعة في الأرض الفلسطينية المحتلة:
“يُعدّ صندوق التقاعد الحكومي في النرويج أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم. ويجب على الحكومة النرويجية سحب استثمارات الصندوق من أي شركة يثبت تورطها في دعم استمرار الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع للأرض الفلسطينية المحتلة. كما يتعيّن عليها إخضاع جميع الاستثمارات لتدقيقٍ صارم، بما يتماشى مع معايير الأعمال التجارية وحقوق الإنسان. فقد يُمهّد سحب الاستثمارات لمسارٍ جديد يحترم حقوق الإنسان.
بعد 58 عامًا من الاحتلال العسكري الوحشي، من الجائر أن يجني صندوق التقاعد النرويجي أرباحًا من الاستثمار في شركات تستفيد من انتهاكات إسرائيل الجسيمة لحقوق الفلسطينيين. وقد وثّقت منظمة العفو الدولية ارتكاب جرائم حرب في الأرض الفلسطينية المحتلة على مدى عقود.
علاوةً على ذلك، قدّمت منظّمة العفو الدوليّة وغيرها الكثير من منظمات حقوق الإنسان وهيئات الأمم المتحدة، أدلةً وافرة على الإبادة الجماعية التي تواصل إسرائيل ارتكابها في قطاع غزة المحتل. تُسهم كل شركة تعمل بصورة غير مشروعة في الأرض الفلسطينية المحتلة في ترسيخ أحد أطول الاحتلالات العسكرية وأشدّها فتكًا في العالم، كما تدفع نحو تطبيع هذا الاحتلال وتدعم استمراره.
ينبغي للدول ضمان ألا تُسهم صناديق ثروتها السيادية في استمرار الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع، أو نظام الأبارتهايد المصاحب له، أو الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وألّا تجني أرباحًا من أي من هذه الانتهاكات. فبموجب القانون الدولي، وكما ورد في الفتوى الاستشارية الصادرة عن محكمة العدل الدولية في يوليو/تموز 2024، تلتزم الدول باتخاذ إجراءات لمنع أي علاقات تجارية أو استثمارية تدعم استمرار الاحتلال غير المشروع والمستوطنات غير القانونية.
باتت الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، إلى جانب نظام الأبارتهايد الوحشي والاحتلال غير المشروع، حقائق لا تُحتمل ولا يمكن إنكارها. ومع اضطرار الحكومات الأوروبية أخيرًا للوفاء بالتزاماتها، عليها أن تترجم أقوالها إلى أفعال. ما من وقت لنضيّعه، فأي تأخير يكلّف مزيدًا من الأرواح البشرية في قطاع غزة ويشجع إسرائيل على ارتكاب المزيد من الجرائم الوحشية في كافة أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة”.
خلفية
يُعدّ صندوق التقاعد الحكومي النرويجي العالمي أكبر صندوق استثماري حكومي في العالم. يُعتبر هذا الصندوق، الذي تبلغ قيمته 1.8 تريليون دولار أمريكي، رائدًا عالميًا في مجال الاستثمار البيئي والاجتماعي والحوكمة.
يتحمل البنك المركزي النرويجي، بوصفه المؤسسة المالية المملوكة للدولة والمشرفة على إدارة صندوق التقاعد الحكومي، مسؤولية احترام حقوق الإنسان بموجب المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان. وقد أكدت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أن أنشطة المستثمرين، بمن فيهم المساهمين الأقلية مثل البنك المركزي النرويجي، ترتبط مباشرة بتورط الشركات المستثمَر فيها في انتهاكات حقوق الإنسان، وبالتالي، تقع على عاتقهم مسؤولية تجنب هذا التورط.
ويستدعي ذلك توخي العناية الواجبة بحقوق الإنسان لضمان ألّا تتسبب أي من الشركات التي يستثمر فيها الصندوق التقاعدي في انتهاكات للقانون الدولي أو أن تسهم فيها، وفي حال ثبت تورط إحدى الشركات، ولم يكن للصندوق القدرة على الضغط لوقف أنشطتها غير المشروعة، يصبح لزامًا على الصندوق سحب استثماراته منها.
تفرض مسؤولية ضمان احترام القانون الدولي الإنساني على الدول التزامًا بمنع أي علاقات تجارية أو استثمارية تُسهم في استمرار الاحتلال غير المشروع والمستوطنات غير القانونية. ويشمل ذلك واجبها في التعاون من أجل وضع حد للانتهاكات الخطيرة بوسائل قانونية؛ وواجب عدم الاعتراف بقانونية الوضع الذي تخلقه مثل هذه الانتهاكات؛ وواجب عدم تقديم العون أو المساعدة للمحافظة على ذلك الوضع. كما أن الدول مُلزمة قانونًا بمنع ارتكاب الإبادة الجماعية.
يستثمر الصندوق حاليًا في عدد من الشركات المدرجة في قاعدة بيانات الأمم المتحدة للأعمال التجارية المتورطة في الاحتلال غير المشروع للأرض الفلسطينية. وهو ما يكشف عن قصورٍ في الإطار الأخلاقي الذي يتبناه الصندوق حاليًا، ما يعرّضه لمخاطرة المساهمة المالية في انتهاكات القانون الدولي، بما ذلك الاحتلال غير المشروع لفلسطين. وقد وثّقت منظمة العفو الدولية الدور الذي تؤديه العديد من هذه الشركات الخاضعة للتدقيق.
وفي وقتٍ سابق من هذا الشهر، وجّهت منظمة العفو الدولية في النرويج، إلى جانب 49 منظمة نرويجية أخرى، خطابًا مشتركًا إلى وزارة المالية طالبوا فيه بتحرّك عاجل.
وفي العام الماضي، أكدت محكمة العدل الدولية أن إسرائيل مُلزمة قانونًا بإنهاء احتلالها غير المشروع للأرض الفلسطينية المحتلة والكفّ عن تمييزها الممنهج ضد الشعب الفلسطيني المحتل. وبموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2024، أُمهلت إسرائيل 12 شهرًا للانسحاب من الأرض الفلسطينية المحتلة ويتعين على الدول الثالثة التعاون لتحقيق ذلك.