تنزانيا: الشركات الخاصة متورطة في عمليات الإخلاء القسري لسكان الماساي على أيدي السلطات

قالت منظمة العفو الدولية اليوم، في تقرير جديد، إن الشركات الخاصة تورطت منذ عام 2009 في عمليات الإخلاء القسري لسكان الماساي الأصليين من أراضي أجدادهم في لوليوندو على أيدي السلطات التنزانية.

يوضح التقرير الجديد المعنون “هل تجري الأعمال كالمعتاد في الأراضي الملطخة بالدماء؟ دور الشركات في عمليات الإخلاء القسري في لوليوندو بتنزانيا”، بالتفصيل كيف شاركت شركة أورتيلو بيزنس كوأوبريشن (Ortello Business cooperation)، المختصة في تنظيم رحلات الصيد الترفيهي والمرتبطة بالعائلة الحاكمة في الإمارات العربية المتحدة، في الإخلاء القسري لسكان الماساي الأصليين من خلال، من بين أمور أخرى، مرافقة قوات الأمن التنزاني، والسماح للسلطات بإقامة مخيمات على ممتلكات الشركة أثناء جميع عمليات الإخلاء القسري. ويشير ذلك على الأقل إلى أن الشركة كانت على علم بضلوع قوات الأمن في هذه العمليات، وأنها على الأغلب قد سهلت أيضًا تنفيذ قوات الأمن لعمليات الإخلاء القسري.

مما يثير القلق بشكل خاص أنهم نفذّوا عمليات الإخلاء هذه تحت ذريعة ‘الحفاظ على البيئة’، في حين أنهم في الواقع سمحوا لشركة أورتيلو بإجراء أنشطة صيد ترفهي غير لائقة أو غير قانونية، في انتهاك واضح لقوانين الحفاظ على الحياة البرية في تنزانيا.

تيغيري شاغوتا، مدير المكتب الإقليمي لشرق وجنوب أفريقيا في منظمة العفو الدولية

كما تعمل شركات سياحية أخرى، بما في ذلك شركة تاسا لودج آند بيوند (TAASA Lodge &BEYOND) في المنطقة التي تم إخلاء سكان الماساي منها قسرًا.

قال تيغيري شاغوتا، مدير المكتب الإقليمي لشرق وجنوب أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “منذ عام 2009، لجأت السلطات التنزانية إلى إساءة المعاملة والاستخدام المفرط للقوة، وعمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفية لإخلاء سكان الماساي قسرًا، بينما قامت بتأجير أراضيهم لشركات خاصة. ومما يثير القلق بشكل خاص أنهم نفذّوا عمليات الإخلاء هذه تحت ذريعة ‘الحفاظ على البيئة’، في حين أنهم في الواقع سمحوا لشركة أورتيلو بإجراء أنشطة صيد ترفهي غير لائقة أو غير قانونية، في انتهاك واضح لقوانين الحفاظ على الحياة البرية في تنزانيا”.

يجب على السلطات التنزانية إجراء تحقيق سريع ومحايد ومستقل وفعال وشفاف في تورطشركات في عمليات الإخلاء القسري لسكان الماساي في لوليوندو، ويجب تقديم مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان المشتبه بهم إلى العدالة في محاكمات عادلة.

تيغيري شاغوتا

“يجب على السلطات التنزانية إجراء تحقيق سريع ومحايد ومستقل وفعال وشفاف في تورطشركات في عمليات الإخلاء القسري لسكان الماساي في لوليوندو، ويجب تقديم مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان المشتبه بهم إلى العدالة في محاكمات عادلة. كما ينبغي للسلطات أيضًا التحقيق في جرائم الحياة البرية المُبلغ عنها، والتي ارتكبتها شركات الصيد الترفيهي في المنطقة. ويجب أن يُتاح للضحايا إمكانية الوصول إلى سبل العدالة والانتصاف الفعال”.

هذا، وقد أجرت منظمة العفو الدولية بحثًا حول عمليات الإخلاء القسري لسكان الماساي الأصليين في لوليوندو في الفترة ما بين يونيو/حزيران 2022 ومايو/أيار 2024، مع التركيز بشكل خاص على دور الشركات العاملة في الأراضي الموروثة التي يمتلكها الماساي ويستخدمونها. ففي أبريل/نيسان 2024، زارت المنظمة منطقة أروشا في مهمة لتقصي الحقائق، وأجرت مقابلات مع تسعة أشخاص، من بينهم موظف حالي وأربعة موظفين سابقين في الشركات الخاصة في لوليوندو، وجميعهم من سكان لوليوندو، ومحام واحد، وكلهم كانوا على دراية بالعمليات الداخلية للشركات، وشاركوا أحيانًا في المحادثات حول خطط الشركات وتنفيذها.

وتفحّص مختبر الأدلة التابع للمنظمة 23 صورة وسبعة مقاطع فيديو، وأجرى تحقيقًا يستند إلى مصادر متاحة علنًا، وحلل التغييرات الأخيرة في مواقع الشركات العاملة في لوليوندو، والتي كانت ظاهرة في صور الأقمار الاصطناعية.

كما اطلعت المنظمة على تقارير وسائل الإعلام، والوثائق الرسمية، والتشريعات ذات الصلة، وبيانات الشركات المفصح عنها، والدراسات العلمية. وبدعم من المدافعين عن حقوق الإنسان في تنزانيا، تمكنت المنظمة أيضًا من الحصول على تفاصيل تأسيس الشركات موضع التحقيق.

قمع المظاهرات وعمليات الإخلاء القسري

في 10 يونيو/حزيران 2022، لجأت قوات الأمن التنزانية إلى الاستخدام غير القانوني للقوة، بما في ذلك القوة المميتة، لقمع المظاهرات السلمية التي نظمها السكان الماساي في قرية أولولوسوكوان في لوليوندو. كما لجأت قوات الأمن إلى الاستخدام غير الضروري للغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، مما يقوض الحق في التجمع السلمي. وكان المتظاهرون قد تجمعوا لمقاومة عملية ترسيم حدود أراضيهم من قبل قوات الأمن، التي كانت تحاول تهجيرهم من أراضي أجدادهم تحت ما يسمى بـ “المحافظة على البيئة”. وأصيب أكثر من 40 شخصًا، وأصبح آخرون بلا مأوى، واضطر الكثيرون إلى الفرار من البلاد. وكان الذين لجأوا إلى كينيا مع أقاربهم وأصدقائهم يعيشون بدون وسائل لكسب الرزق. وتمثل عملية الإخلاء هذه المرة الرابعة التي يُطرد فيها السكان الماساي قسرًا من أراضيهم، بعدما طُردوا في الأعوام 2009 و2013 و2017.

وقال أفراد من قرى في لوليوندو التي تأثرت بعمليات الإخلاء القسري، بالإضافة إلى موظفين حاليين وسابقين، إن شركة أورتيلو شاركت في جميع عمليات الإخلاء القسري في لوليوندو. وأخبروا منظمة العفو الدولية أن ممثلي الشركة المعروفين لديهم، والمَركَبات التي تحمل العلامة التجارية للشركة، كانوا حاضرين أثناء عمليات الإخلاء القسري. وقالوا أيضًا إنه خلال كل عملية إخلاء، أقامت قوات الأمن التنزانية مخيمًا في أراضٍ مملوكة للشركة، وكان برفقتها موظفوها ومركباتها أثناء انتقالهم إلى قرى لوليوندو.

في 12 يوليو/تموز 2024، كتبت منظمة العفو الدولية إلى شركتي “تاسا لودج آند بيوند” و”أورتيلو” لإحاطتهما بالادعاءات والنتائج ذات الصلة الواردة في التقرير ومنحهما الفرصة للرد. لكن لم تتلقَ المنظمة ردًا سوى من شركة تاسا لودج آند بيوند.

فقالت الشركة: “… إن الأرض المعنية، على الرغم من أنها محل نزاع، لم تعد تحت سيطرة مجلس قرية أولولوسوكوان، بل تحت سلطة منطقة محمية نغورونغورو (“المؤجرون”)”. وذكرت أيضًا أنها “لا يمكنها الكشف عن شروط اتفاقية الإيجار [الخاصة بها] مع المؤجرين”. وأقرت الشركة أيضًا بوجود دعوى قضائية مستمرة بشأن الأرض المعنية، وادعت أنها كمستأجر ليس لها أي تأثير على المؤجرين، مضيفة أنه لا يمكنها سوى انتظار نتيجة حكم المحكمة قبل أن تحدد موقفها في قضية الأرض. وقالت الشركة أيضًا: “… إنه لم يتم استشارتها أبدًا بشأن أي من الإجراءات المخطط لها في وقت عمليات الإخلاء، وأنها ستبقى ملتزمة تجاه موظفيها ومجتمعاتها المحلية، وأنه عليهم اتباع سيادة القانون”.

كما أفاد أربعة موظفين سابقين وموظف حالي في شركة تاسا لودج أنهم كانوا يعملون مع الشركة عندما قام أفراد من العائلة الحاكمة في الإمارات العربية المتحدة المرتبطين بملكية الشركة بزيارة البلاد للصيد والأنشطة السياحية الأخرى بين عامي 1996 و2016. وفي يونيو/حزيران 2024، عمل المفوض الإقليمي لأروشا كمرافق للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس وزراء دولة الإمارات العربية المتحدة، أثناء تفقده مشاريع المياه في لوليوندو.

وقال تيغيري شاغوتا: “من المثير للقلق البالغ أن الدور الذي لعبته شركة أورتيلو في عمليات الإخلاء قد ساهم على الأرجح في الضرر الذي سببته قوات الأمن التنزانية. ويبدو أن هذه الشركة لم تكن على علم بضلوع قوات الأمن الحكومية في عمليات الإخلاء القسري فحسب، بل سهّلت بشكل فعال تنفيذ هذه العمليات”. “وعلى الرغم من أنه لم يرد في شهادات شهود العيان ما يوحي بتورط شركة تاسا لودج آند بيوند في عمليات الإخلاء القسري، ينبغي لمخيم كلين التابع لها توخي العناية الواجبة المستمرة لتحديد ما إذا كانت عملياته مرتبطة بأي آثار سلبية على حقوق الإنسان أو أضرار بيئية. ويجب على الشركات العاملة في لوليوندو أن تلتزم باحترام حقوق سكان الماساي الأصليين في عملياتها، وتوفير سبل الانتصاف المناسبة إذا تسببت في أفعال تضر المجتمع أو ساهمت فيها”.

يجب على الدولة أن تتراجع عن قرارها بشأن الاستحواذ على الأراضي في لوليوندو، وأن تضمن عدم المضي قدمًا في الاستيلاء على الأراضي أو عمليات الإخلاء ما لم يمنح السكان الماساي موافقتهم الحرة والمسبقة والمستنيرة من خلال عملية مشاورات حقيقية.

تيغيري شاغوتا

“ويجب على الدولة أن تتراجع عن قرارها بشأن الاستحواذ على الأراضي في لوليوندو، وأن تضمن عدم المضي قدمًا في الاستيلاء على الأراضي أو عمليات الإخلاء ما لم يمنح السكان الماساي موافقتهم الحرة والمسبقة والمستنيرة من خلال عملية مشاورات حقيقية”.

خلفية

يستند هذا البحث إلى التحقيقات السابقة التي أجرتها منظمة العفو الدولية حول كيفية إخلاء السلطات التنزانية السكان الماساي الأصليين قسرًا من لوليوندو.