قالت منظمة العفو الدولية ومنظمة فيرسكوير- FairSquare وناشونال إيدز تراست – National AIDS Trust اليوم إنه ينبغي على السلطات في قطر أن تلغي إدانة المواطن البريطاني – المكسيكي مانويل غيريرو أفينيا الذي حُكم عليه بالسجن ستة أشهر مع وقف التنفيذ وبدفع غرامة عقب محاكمة بالغة الجور أمام المحكمة الابتدائية في السد بالعاصمة الدوحة.
وقد احتجزت السلطات القطرية غيريرو أفينيا بدون تهمة طوال أكثر من ستة أسابيع، واستجوبته حول علاقاته الجنسية وعرّضته للمعاملة السيئة على أساس ميوله الجنسية وكونه مصاب بفيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز).
ألقى أفراد من قوات الأمن يرتدون ملابس مدنية القبض على غيريرو أفينيا الذي كان يعيش في الدوحة طيلة سبع سنوات ويعمل لدى الخطوط الجوية القطرية، وذلك في 4 فبراير/شباط، بعد وقت قصير من موافقته على لقاء رجل آخر عبر تطبيق غرايندر – Grinder للمواعدة بين المثليين. وقد أخبرت أسرته منظمة العفو الدولية بأنها تعتقد أن الملف الشخصي على الإنترنت العائد للشخص الذي وافق على لقائه كان زائفًا، وقد أنشأه موظفون مكلفون بإنفاذ القوانين للإيقاع به. وفيما بعد، اتهمته السلطات بحيازة مخدرات وبغيرها من التهم المتعلقة بالمخدرات، وهي تهم ينفيها.
وقالت آية مجذوب، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية إنه: “ينبغي على السلطات القطرية إلغاء الإدانة الفظيعة الصادرة بحق السيد غيريرو أفينيا ورفع حظر السفر المفروض عليه. وثمة مخاوف جدية من أن يكون غيريرو أفينيا قد استُهدف بسبب ميوله الجنسية وأُجبر على تزويد السلطات بمعلومات يمكن أن تستخدمها لشن حملة قمع أوسع ضد أفراد مجتمع الميم في قطر”،
“كانت معاملة غيريرو أفينيا في الحجز ومحاكمته الجائرة مروعتين تمامًا. وعلى السلطات القطرية، بدلًا من إدانة أشخاص عقب إجراءات قانونية جائرة، أن تضع بصورة عاجلة حدًا للتمييز ضد الأشخاص واضطهادهم بسبب ميولهم الجنسية، وهويات النوع الاجتماعي الخاصة بهم، وأن تلغي جميع القوانين التي تميز ضد أفراد مجتمع الميم”.
ثمة مخاوف جدية من أن يكون غيريرو أفينيا قد استُهدف بسبب ميوله الجنسية وأُجبر على تزويد السلطات بمعلومات يمكن أن تستخدمها لشن حملة قمع أوسع ضد أفراد مجتمع الميم في قطر.
آية مجذوب، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية
وبحسب أسرته، استجوب مسؤولو الأمن غيريرو أفينيا بدون وجود محام وأرغموه على البصم بإبهامه على ما سُمي اعترافًا باللغة العربية التي لا يفهمها، من دون توفير مترجم شفوي أو ترجمة خطية للوثيقة، مهددين إياه بإيذائه جسديًا إذا لم يوقع عليها. وقد استعرضت منظمة العفو الدولية هذه الوثيقة التي أفادت أن غيريرو أفينيا اعترف خلال استجوابه عند الساعة 5:07 من صباح 5 فبراير/شباط باستخدام وحيازة مخدرات. وبعد مضي ست ساعات على توقيعه على هذا “الاعتراف”، أخبر النائب العام في جلسة محاكمة بأنه ينفي جميع التهم المتعلقة بالمخدرات. كذلك أخبر أسرته بأنه خلال عمليات استجوابه، هدده موظفو الأمن بجلده إذا لم يفتح قفل هاتفه لتحديد هوية أفراد آخرين من مجتمع الميم، ومن ضمنهم شركاؤه الجنسيون السابقون.
وقد طلب غيريرو أفينيا على نحو متكرر حضور محامي خلال فترة احتجازه، لكن لم تتح له فرصة للحصول على مشورة قانونية حتى 15 مارس/آذار. كذلك منعته السلطات من الاطلاع على أي وثائق تتعلق بقضيته طوال أكثر من شهرين عقب إلقاء القبض عليه ولم تسمح له ولمحاميه بالاطلاع على ملف القضية إلا قبل أيام من بدء الجلسة الأولى لمحاكمته، وعليه حرمته من الوقت والتسهيلات الكافية لإعداد وتقديم دفاعه والطعن في الحجج والأدلة التي قُدمت للمحكمة على قدم المساواة مع الادعاء، وبالتالي انتهكت حقه في الدفاع.
وأخبر غيريرو أفينيا أسرته بأنه خلال الأسبوع الثاني لاحتجازه، وُضع في الحبس الانفرادي وحُرم من الحصول على الطعام والماء لمدة 15 ساعة يوميًا وأُرغم على التوسل للحصول على الطعام. ورفضت السلطات تزويده بأدوية الإيدز الضرورية له طوال شهر عقب إلقاء القبض عليه ولم تتح له الحصول على تقييم طبي مناسب لإعادة تقييم احتياجاته من الأدوية.
وقد أُفرج عن مانويل غيريرو أفينيا من الحجز مؤقتًا في 18 مارس/آذار بموجب قرار حظر سفر. وعرّض هذا القيد على تحركاته صحته وحياته للخطر، لأن الأدوية المحددة لمرض الإيدز التي كان يتناولها قبل إلقاء القبض عليه غير متوفرة في قطر.
وقالت ديبرا غولد، الرئيسة التنفيذية لمنظمة ناشونال إيدز تراست، وهي جمعية خيرية في المملكة المتحدة تُعنى بحقوق مرضى الإيدز إنه:
“طوال كامل عملية اعتقال مانويل، واحتجازه، ومحاكمته، لم يتمكن من الحصول دون انقطاع على الأدوية المنقذة لحياته ومن الخضوع للاختبارات وعملية التقييم المناسبة. ويساورنا قلق بالغ من أنه لن يتمكن من الحصول على الرعاية والمعالجة الطبيتين المستمرتين اللتين هما حق إنساني له أثناء وجوده في قطر. ونحث الحكومة البريطانية على بذل كل ما في وسعها لضمان صحة مانويل، وحقوقه، وسلامته”.
وفي 22 أبريل/نيسان، مثل غيريرو أفينيا أمام المحكمة لحضور جلسة الاستماع الأولى لمحاكمته بشأن تهم متعلقة بالمخدرات، بموجب القانون رقم 9 لسنة 1987 في شأن مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية الخطرة وتنظيم استعمالها والاتجار فيها.
وبحسب ملف القضية، أعلمت السلطات غيريرو أفينيا في وقت إلقاء القبض عليه بأنها عثرت على آثار بقايا الميثامفيتامين البلوري، فضلًا عن مختلف المعدات الخاصة بالمخدرات. وهو يصر بشدة على أن المخدرات والمعدات المرتبطة بها لا تعود إليه، وأن موظفين مكلفين بإنفاذ القانون قد دسوها له.
وأخبر مسؤول قطري منظمة العفو الدولية في 24 مارس/آذار في معرض رده على طلب المنظمة الحصول على معلومات حول القضية بأنه: “ألقي القبض على السيد أفينيا لحيازته مواد غير قانونية شخصيًا وفي شقته… وفيما بعد كانت نتيجة فحص المخدرات الذي أُجري له إيجابية”، وأن “إلقاء القبض على السيد أفينيا والتحقيق معه فيما بعد مرتبطان حصرًا بحيازته مواد غير قانونية مع نية الاتجار بها”.
ووفقًا لأسرة غيريرو أفينيا، ينص تقرير إلقاء القبض عليه على أنه قُبض عليه استنادًا إلى معلومات من مصدر سري تلقتها الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، وأنه لم يتم العثور بحوزته على أي شيء غير قانوني. وقد جُمعت كافة الأدلة خلال عملية تفتيش لمسكنه في 4 فبراير/شباط.
هذا القضية مهزلة للعدالة منذ اللحظة التي أُلقي فيها القبض على مانويل في ردهة شقته.
جيمس لينش، المدير المشارك لمنظمة فيرسكوير
تستخدم السلطات القطرية هذه القضية لإلصاق وصمة عار بأفراد مجتمع الميم وتجريمهم. وحتى الآن، اعتمدت السلطات على نتيجة فحص بول مشكوك فيها كُتبت بخط اليد لمقاضاة غيريرو أفينيا بتهم تتعلق بالمخدرات مع أنه نفى بشدة أنه استعمل أو حاز مخدرات غير مشروعة وبرغم حقيقة بأن هذا لا يشكل بأي حال دليلًا على حيازته لها. وبحسب المعايير الدولية، فإن إجراء فحوص المخدرات بدون الحصول على موافقة يشكل انتهاكًا للحق في الخصوصية ولا يجوز استعماله كدليل من أجل الملاحقة القضائية.
وقد دعا جيمس لينش، المدير المشارك لمنظمة فيرسكوير، التي تعمل بشأن حقوق الإنسان في الخليج، الحكومة البريطانية إلى إثارة بواعث قلق حول عدالة محاكمة غيريرو أفينيا أمام السلطات القطرية:
“هذه القضية مهزلة للعدالة منذ اللحظة التي أُلقي فيها القبض على مانويل في ردهة شقته. وفي أعقاب إدانته، تتحمل الحكومة البريطانية مسؤولية تقديم شكاوى عاجلة إلى الحكومة القطرية بشأن العملية الجائرة والتمييزية بشدة التي تعرّض لها مواطنها. وعليها أيضًا أن تحث السلطات القطرية على الكف عن اضطهاد الأشخاص استنادًا إلى ميولهم الجنسية أو هوية النوع الاجتماعي الخاصة بهم”.
خلفية
يُجرّم قانون العقوبات القطري مجموعة من الأفعال الجنسية التوافقية المثلية بموجب المادتين 285 و296 منه. ويمكن سجن الأشخاص الذين يتبين أنهم مذنبون مدة تصل لغاية سبع سنوات.
وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش، فمن المعروف بأن الشرطة في عدة دول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا استخدمت ملفات شخصية زائفة في تطبيقات المواعدة التي يستخدمها أفراد مجتمع الميم للإيقاع بالأشخاص وإلقاء القبض عليهم. ففي عام 2022، أفاد نشطاء بأن موظفي الأمن اعتقلوا ستة أشخاص تعسفًا وعرضوهم للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في قطر بسبب ميولهم الجنسية. وقد وثقت هيومن رايتس ووتش أيضًا ست حالات لعمليات ضرب مبرح ومتكرر وخمس حالات لتحرش جنسي في حجز الشرطة بين عامي 2019 و2022، استندت حصرًا إلى تعبير الأشخاص عن نوعهم الاجتماعي. وفي بعض الحالات، أمرت قوات الأمن بأن تحضر النساء المحتجزات العابرات جنسيًا جلسات علاج تحويل في “مركز دعم الصحة السلوكية” الحكومي كشرط للإفراج عنهن من الاحتجاز. كذلك وثّقت التحقيقات التي أجرتها وسائل إعلام استخدام تطبيقات المواعدة التي يستخدمها أفراد مجتمع الميم لإلقاء القبض على أشخاص في قطر.