السعودية: يتعين على السلطات الإفراج عن ناشطة مختفية قسرًا تواجه المحاكمة بسبب منشورات عن حقوق المرأة على الإنترنت

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يتعين على السلطات في السعودية الإفراج فورًا عن مدربة اللياقة البدنية والمدافعة عن حقوق الإنسان والمدونة مناهل العتيبي البالغة من العمر 29 عامًا، المختفية قسريًا منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023. ومنع مسؤولو السجن ومسؤولون آخرون أي اتصال لها بأسرتها والعالم الخارجي ورفضوا تزويد أسرتها بمعلومات عن مكانها وسلامتها رغم استفساراتهم المتكررة.

وتُحتجز مناهل العتيبي منذ عام ونصف، وأمضت العام الماضي في انتظار محاكمتها أمام محكمة مكافحة الإرهاب السعودية سيئة السمعة، أي المحكمة الجزائية المتخصصة، بتهم تتعلق بنظام مكافحة جرائم المعلوماتية. وهي تحاكَم لنشرها صورًا لها على تطبيق سناب شات في مركز تجاري من دون عباءة وبسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تدعم حقوق المرأة وتدعو إلى إلغاء قوانين ولاية الرجل القمعية في السعودية.

نناشد السلطات السعودية إطلاق سراح مناهل العتيبي وإسقاط التهم المثيرة للسخرية الموجهة إليها. وإلى أن يتم الإفراج عنها، على السلطات الكشف فورًا عن مكان وجودها والسماح لها بالاتصال بعائلتها.

بيسان فقيه، مسؤولة حملات معنية بالسعودية في منظمة العفو الدولية

وقالت بيسان فقيه، مسؤولة حملات معنية بالسعودية في منظمة العفو الدولية: “إنه لأمر فظيع أن تعاقب السلطات السعودية مناهل العتيبي لتعبيرها عن دعمها لحقوق المرأة على الإنترنت، ولتحديها قواعد اللباس التقليدي. وما كان ينبغي أن تُعتقل أبدًا في المقام الأول، ناهيك عن تعرضها للاختفاء القسري والمقاضاة. إنَّ قضيتها تحطم أي وهم بأن السلطات السعودية جادة بشأن الإصلاح الحقيقي لحقوق الإنسان”.

“والأمر الأكثر فظاعة هو أن قضيتها قد أحيلت إلى محكمة مكافحة الإرهاب – التي اشتهرت بمعاقبة المعارضين السعوديين الشجعان بسبب تعبيرهم السلمي عن رأيهم أو ممارسة حقهم في التجمع السلمي. نناشد السلطات السعودية إطلاق سراح مناهل العتيبي وإسقاط التهم المثيرة للسخرية الموجهة إليها. وإلى أن يتم الإفراج عنها، على السلطات الكشف فورًا عن مكان وجودها والسماح لها بالاتصال بعائلتها”.

ووفقًا لوثائق المحكمة التي اطلعت عليها منظمة العفو الدولية، نظرت المحكمة الجزائية في الرياض في قضيتها في يناير/كانون الثاني 2023، ثم أحالتها إلى المحكمة الجزائية المتخصصة، لأن في أفعالها استهجان للـ”مبادئ الدينية والقيم الاجتماعية واخلال بالنظام العام وزعزعة لأمن المجتمع”.  والمحكمة الجزائية المتخصصة في السعودية معروفة بإجرائها محاكمات فادحة الجور وإصدارها أحكامًا قاسية، بما في ذلك عقوبة الإعدام، بحق أفراد يعبرون عن أنفسهم سلميًا على الإنترنت.

وقالت فوزية، شقيقة مناهل العتيبي، لمنظمة العفو الدولية

“قبل وقت قصير من فقداننا الاتصال بها، أخبرتنا مناهل أنها تعرضت للضرب العنيف من قبل نزيلة معها في السجن… أنا قلقة على مصير أختي في مواجهة مثل هذه المحكمة الظالمة. هذه هي حقيقة الطريقة التي تعامل بها النساء السعوديات والتي تحاول السلطات إخفاءها خلف حملة تلميع صورتها في وسائل الإعلام. ويُجرّم أي نشاط يروج للنسوية وحقوق المرأة”.

تشمل التهم الموجهة إلى مناهل العتيبي “إرسال وإنتاج محتوى فيه مجاهرة بالمعصية وتحريض لأفراد المجتمع والفتيات على استهجان المبادئ الدينية”، وهو ما يتناقض بشكل صارخ مع سردية ولي العهد محمد بن سلمان، الذي ذكر في مقابلة تلفزيونية في مارس/آذار 2018 أن القرار متروك تمامًا للنساء لتقرير نوع الملابس اللائقة والمحترمة التي يخترن ارتدائها وأنه في حين أن القانون ينص على ملابس لائقة ومحترمة لا يحدد بشكل خاص عباءة سوداء أو غطاء رأس أسود.

هذه هي حقيقة الطريقة التي تعامل بها النساء السعوديات والتي تحاول السلطات إخفاءها خلف حملة تلميع صورتها في وسائل الإعلام. ويُجرّم أي نشاط يروج للنسوية وحقوق المرأة.

فوزية، شقيقة مناهل العتيبي

وتورد وثيقة المحكمة الجزائية في الرياض أيضًا تهمًا أخرى ضد مناهل العتيبي بناءً على محتوى على وسائل التواصل الاجتماعي اعتبرته النيابة العامة مناهضًا “للأنظمة والقوانين لتي تتعلق بالمرأة” في إشارة إلى منشورات استخدمت فيها هاشتاغ #إسقاط_الولاية.

في مارس/آذار 2022، صدر أول نظام للأحوال الشخصية في السعودية. وبينما روّج ولي العهد محمد بن سلمان لهذا التطور التشريعي على أنه قفزة كبيرة نحو تمكين المرأة، نشرت منظمة العفو الدولية تحليلًا للقانون خلص إلى أنه يديم نظام ولاية الرجل ويقنن التمييز ضد المرأة في معظم جوانب الحياة الأسرية.

كما واجهت شقيقتا مناهل العتيبي التحقيق بتهم جنائية بسبب نضالهما من أجل حقوق المرأة.

وفي جلسة محكمة مناهل العتيبي، أشار المدعي العام إلى أن شقيقتها فوزية العتيبي تقوم “بقيادة حملة دعائية لتحريض الفتيات السعوديات على استهجان المبادئ الدينية والتمرد على العادات والتقاليد بالمجتمع السعودي” لاستخدامها هاشتاغ #المجتمع_جاهز “تدعو من خلاله إلى التحرر وإسقاط الولاية”. وتنص وثيقة المحكمة التي اطلعت عليها منظمة العفو الدولية على أنه سيصدر أمر منفصل باعتقال فوزية العتيبي. وهي حاليًا في المملكة المتحدة ولا يمكنها العودة إلى السعودية خوفًا من الاعتقال والمقاضاة.

أما شقيقتهما الأخرى، مريم العتيبي، فهي مناصرة بارزة لإنهاء ولاية الرجل في المملكة. وسبق اتهامها واحتجازها في 2017 لمدة 104 أيام بسبب نشاطها في مجال حقوق المرأة، وتخضع حاليًا لحظر السفر إلى جانب القيود المفروضة على ممارستها لحرية التعبير.

وختمت بيسان فقيه حديثها بالقول: “لقد وصفت السلطات إصلاحاتها في مجال حقوق المرأة، بما في ذلك الإصلاحات فيما يخص نظام ولاية الرجل وتخفيف صرامة قواعد اللباس للمرأة، بأنها علامة على التقدم في المملكة. ولكن هذه المحاكمة دليل على أن هذه الإصلاحات ليست حقيقية، وأن السلطات ستبذل قصارى جهدها لمعاقبة وإسكات النساء المجاهرات بآرائهن بالاحتجاز التعسفي المطول والاخفاء القسري والمحاكمات فادحة الجور”.

خلفية

منذ 2018، تعتقل السلطات السعودية تعسفيًا ناشطات سعوديات في مجال حقوق المرأة ناضلن من أجل إنهاء نظام ولاية الرجل ومن أجل حق النساء السعوديات في قيادة السيارات. وأفادت ناشطات في مجال حقوق المرأة بأنهن تعرضن للتحرش الجنسي والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة أثناء الاستجواب. واللواتي أفرج عنهن يواجهن منع سفر وقيودًا على حريتهن في التعبير.

وقد تعرّض العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء حقوق المرأة والصحفيين المستقلين والكتاب والنشطاء ورجال الدين في البلاد للاحتجاز التعسفي، أو أُخضعوا لمحاكماتٍ جائرةٍ استغرقَت وقتًا طويلاً –أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في الكثير من الأحيان. وقد وثّقت منظمة العفو الدولية حتى الآن حالات 69 شخصًا تمّت مقاضاتهم في السنوات العشر الماضية بسبب ممارستهم لحقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، والتجمع السلمي بموجب نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله ونظام مكافحة جرائم المعلوماتية. ومن بين هؤلاء، تمّت مقاضاة 32 شخصًا على الأقل بسبب التعبير السلمي عن آرائهم على وسائل التواصل الاجتماعي. ومن المرجح أن يكون العدد الحقيقي لهذه الملاحقات القضائية أعلى من ذلك بكثير.

في 25 يناير/كانون الثاني 2023، أعادت المحكمة الجزائية المتخصصة الحكم على سلمى الشهاب، طالبة دكتوراه بجامعة ليدز، بالسجن لمدة 27 عامًا يليها حظر سفر لمدة 27 عامًا، بعد الاستئناف. وحُكم عليها في البداية بالسجن لمدة 34 سنة بعد محاكمة فادحة الجور لنشرها تغريدات تدعم حقوق المرأة.