تونس: يجب إسقاط أحكام الإدانة الصادرة بحق ستة مدنيين أمام محاكم عسكرية

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه ينبغي على المحاكم العسكرية التونسية أن تسقط فورًا أحكام الإدانة الأخيرة الصادرة بحق ستة مدنيين، من بينهم أربعة سياسيين من المعارضة ومحامٍ بارز، وأن تفرج عن أولئك الذين احتجزوا.

ففي 20 جانفي/كانون الثاني، حكمت محكمة الاستئناف العسكرية على المعارضين السياسيين سيف الدين مخلوف وماهر زيد ونضال السعودي ومحمد العفاس بالسجن لمدد تتراوح بين خمسة أشهر و14 شهرًا بتهمتي “هضم جانب موظف عمومي”، والإخلال بالراحة العامة، وفي حالة نضال السعودي، تهديد موظف عمومي، بسبب خلاف مع الشرطة في مطار تونس الدولي بحسب ما أبلغ أحد محاميهم، أنور أولاد علي، منظمة العفو الدولية. كما حكمت المحكمة المحامي مهدي زقروبة ورجل آخر، هو لطفي الماجري، وفرضت عليهما عقوبة على خلفية الواقعة نفسها.

ومن المقرر أن يعترض مخلوف، المحتجز منذ 20 جانفي/كانون الثاني، على إدانته غيابيًا في جلسة استماع في 3 فيفري/شباط الجاري.

وقالت آمنة القلالي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “لا تمثل هذه الإدانات سوى الفصل الأخير من رواية طويلة عن محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية في عهد الرئيس قيس سعيّد. تفتقر المحاكم العسكرية التونسية إلى الاستقلالية كما يقتضيه القانون الدولي، ويجب أن تتوقف هذه المحاكمات القمعية والجائرة الآن”.

ولاحقت المحاكم العسكرية التونسية المدنيين قضائيًا بشكل متزايد منذ أن هيمن الرئيس سعيّد على السلطة في 25 جويلية/تموز 2021، وسط تدهور أوسع نطاقًا في حالة حقوق الإنسان.

المحاكم العسكرية

في 15 مارس/آذار 2021، نشبت مشادة بين السياسيين الأربعة وزقروبة من جهة وعناصر الشرطة من جهة أخرى في مطار تونس الدولي بينما كان العناصر ينفذون حظرًا تعسفيًا على السفر بحق امرأة كانت تحاول السفر إلى الخارج، حسبما أخبر مخلوف منظمة العفو الدولية في مقابلة أجريت معه العام الماضي.

السياسيون الأربعة هم أعضاء في ائتلاف الكرامة، المعارض للرئيس سعيّد، وكانوا سابقًا أعضاء في البرلمان قبل أن يحله سعيّد بموجب أمر رئاسي في 30 مارس/آذار 2022. وفتحت النيابة العسكرية تحقيقًا ضدهم بشأن المشادة في المطار بعد فترة وجيزة من تجريد الرئيس سعيّد البرلمانيين من الحصانة بموجب أمر رئاسي في 29 جويلية/تموز 2021.

وبالإضافة إلى إدانة السياسيين الأربعة وفرض عقوبة عليهم على خلفية الحادث، حكمت محكمة الاستئناف العسكرية على زقروبة بالسجن 11 شهرًا ومنعته من ممارسة المحاماة لمدة خمس سنوات بتهمتي “هضم جانب” موظف عمومي والاعتداء عليه، والإخلال بالراحة العامة، وفقًا للمحامي أنور أولاد علي.

كما أصدرت المحكمة حكمًا بالسجن ثلاثة أشهر مع تأجيل التنفيذ على لطفي الماجري، الذي تواجد في المطار واستخدم هاتفه المحمول لالتقاط صور للمشادة بين السياسيين وزقروبة من جهة، والشرطة من جهة أخرى.

ونظرًا لأن المحكمة أصدرت الحكم بحق مخلوف غيابيًا، فيُسمح له بالاعتراض على القرار، وفقًا للقانون التونسي.

كما حققت المحاكم المدنية مع الرجال الستة بشأن الحادث، وحاكمت وأدانت ثلاثة منهم – مخلوف وزقروبة وزيد – بتهمة “هضم جانب موظف عمومي”. وفي 21 مارس/آذار 2022، حكمت عليهم محكمة الناحية في تونس العاصمة بالسجن لمدة ثلاثة أشهر. وأجّلت المحكمة الابتدائية في تونس العاصمة في وقت لاحق تنفيذ الحكم الصادر بحق مخلوف.

وفي حين أن بعض التهم التي وجهتها المحاكم العسكرية إلى الرجال الستة تتعلق بجرائم معترف بها بموجب القانون الدولي، إلا أنه كان ينبغي حصر التحقيق فيها والمحاكمة على خلفيتها بنظام العدالة المدنية.

وترى منظمة العفو الدولية أن اختصاص المحاكم العسكرية في القضايا الجنائية ينبغي أن يقتصر على محاكمة الأفراد العسكريين لانتهاكهم الانضباط العسكري.

وتكفل المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادقت عليه تونس، الحق في المحاكمة أمام “محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون”.

الرئيس سعيّد هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وله الكلمة الأخيرة في تعيين القضاة والوكلاء في المحاكم العسكرية. والوكلاء العسكريون هم أيضًا أفراد يخدمون في الجيش، وبالتالي يخضعون لإجراءات تأديبية. وبناءً عليه، فالمحاكم العسكرية التونسية ليست مستقلة كما هو محدد في القانون الدولي.

كما تحظر المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على المحاكم مقاضاة الأشخاص على جرائم حوكموا عليها في وقت سابق وأدينوا أو برئوا منها، إلا في ظروف استثنائية.

خلفية

في 25 جويلية/تموز 2021، علّق الرئيس قيس سعيّد عمل البرلمان وأقال رئيس الوزراء التونسي، مستندًا إلى سلطات الطوارئ التي قال إنها ممنوحة له بموجب الدستور.

ومنذ ذلك الحين، قام بحل البرلمان بموجب أمر رئاسي، وأشرف على اعتماد دستور جديد يعرض حقوق الإنسان للخطر، وأصدر مراسيم تقوّض استقلال القضاء وحرية التعبير والحق في الخصوصية.

كما استهدفت السلطات منتقدين بارزين وأعداء متصورين للرئيس سعيّد بتدابير تشمل حظر السفر التعسفي والإقامة الجبرية التعسفية، بينما لوحق أولئك الذين يمارسون الحق في حرية التعبير قضائيًا.