مصر: ضعوا حداً لمقاضاة المدافعة الحقوقية بسبب التحدث علانية ضد العنف الجنسي

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يجب على السلطات المصرية أن تضع حداً فوراً للمقاضاة المشينة للصحفية والكاتبة رشا عزب، التي تُحاكم لدعمها الصريح لضحايا العنف الجنسي.

 تُحاكم رشا عزب اليوم بتهم “السب” و”القذف” و”تعمد إزعاج [المدعي]”، فيما يتعلق بتغريدات أعربت فيها عن تضامنها مع ضحايا العنف الجنسي اللاتي نشرن شهادات، دون الكشف عن هويتهن، يتهمن المخرج إسلام العزازي بارتكاب اعتداءات جنسية، واستخدمت ألفاظ سبّ للتعبير عن استيائها من الإفلات من العقاب الذي يحظى به. في حالة إدانة رشا عزب، قد تواجه ما يصل إلى عامين في السجن و/أو دفع غرامة تصل إلى 50 ألف جنيه مصري (3200 دولار أمريكي).  وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “رشا عزب ناشطة سياسية معروفة ومدافعة عن حقوق المرأة في مصر. إن مقاضاتها للتعبير عن تضامنها مع ضحايا العنف الجنسي يبعث برسالة صادمة مفادها أنه يجب على النساء المعاناة في صمت، والامتناع عن السعي لالتماس العدالة والإنصاف عن الاغتصاب والعنف الجنسي”.

“فيجب على السلطات المصرية أن تضع حداً فوراً للمضايقات القضائية ضد رشا عزب، وأن تركز بدلاً من ذلك على التصدي لوباء العنف الجنسي المتفشي في مصر. وتقع على عاتق الدولة مسؤولية الحيلولة دون وقوع العنف الجنسي والعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، والتحقيق فيهما، ومع ذلك اختارت مصر بدلاً من ذلك، مراراً وتكراراً، معاقبة أولئك الذين يتحدثون ضدهما”.

في ديسمبر/كانون الأول 2020، نشرت المدونة النسوية دفتر حكايات ست شهادات، دون الكشف عن هوية صاحباتها، تتهم مخرج الفيلم إسلام العزازي بالعنف الجنسي، بما في ذلك ادعاء واحد بالاغتصاب.  وفقًا لناشطات في حقوق المرأة، اختارت الضحايا النشر على هذه المدونة، دون الكشف عن هوياتهن، نظراً لعدم ثقتهن في النظام القضائي.

تماشياً مع أنماط الإفلات الراسخ من العقاب على العنف الجنسي، لم تبذل السلطات المصرية أي جهود للعمل مع منظمات ونشطاء حقوق المرأة لتشجيع الضحايا اللاتي تبادلن شهادتهن على الإبلاغ عن الانتهاكات إلى هيئات الدولة من خلال ضمان خصوصيتهن وسلامتهن.

بين ديسمبر/كانون الأول 2020 ونوفمبر/تشرين الثاني 2021، نشرت رشا عزب عدة رسائل على حسابها على تويتر تعبر عن دعمها للنساء اللاتي يقفن وراء هذه الادعاءات. وفي 13 يناير/كانون الثاني 2022، تقدم إسلام العزازي بشكوى ضد رشا عزب، والمخرجة عايدة الكاشف، التي أعربت أيضاً عن دعمها للضحايا عبر حسابها على فيسبوك، متهماً إياهما بالتشهير. بعد أيام قررت النيابة إحالة القضية المرفوعة ضد رشا عزب إلى المحكمة.

يجب على السلطات المصرية أن تضع حداً فوراً للمضايقات القضائية ضد رشا عزب، وأن تركز بدلاً من ذلك على التصدي لوباء العنف الجنسي المتفشي في مصر.

فيليب لوثر، منظمة العفو الدولية

وتظهر بحوث منظمة العفو الدولية أن السلطات المصرية تتقاعس، بشكل معتاد، عن منع العنف الواسع الانتشار ضد النساء والفتيات في مصر بشكل وافٍ، وإجراء التحقيق فيه. وبدلا من ذلك، قامت السلطات بتهديد الضحايا والشهود والنشطاء الذين يبلغون عن العنف الجنسي أو يناضلون ضده واحتجازهم تعسفياً ومقاضاتهم.

وفي يناير 2022، أيدت محكمة النقض إدانة أمل فتحي، مدافعة عن حقوق المرأة انتقدت تقاعس السلطات المصرية عن حماية النساء من التحرش الجنسي، وحكمت عليها بالسجن لمدة عام.

وفي مايو/أيار 2020، ظهرت المؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي منة عبد العزيز في مقطع فيديو بكدمات في الوجه، قائلة إنها تعرضت للاغتصاب والضرب والتصوير دون موافقتها. وفي غضون أيام، ألقت قوات الأمن القبض عليها، وقضت أربعة أشهر رهن الاحتجاز التعسفي على ذمة التحقيق في تهم بـ”التحريض على الدعارة” و”الاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية”، واستندت النيابة في قضيتها إلى تصريحات الذين اتهمتم منة عبد العزيز بالاعتداء.

في عام 2020، احتجزت السلطات تعسفياً أربعة أشخاص تقدموا كشهود فيما يتعلق بالإبلاغ عن اغتصاب جماعي في فندق فيرمونت نايل سيتي بالقاهرة عام 2014، وفتحت تحقيقات جنائية ضدهم بتهم تتعلق بـ”الآداب العامة” و “إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي”، من بين أمور أخرى. وأفادت شاهدتان، على الأقل، بتعرضهما لضغوط من قبل عناصر الأمن لتغيير شهادتهما، أثناء احتجازهما في ظروف تصل إلى حد الاختفاء القسري.

واختتم فيليب لوثر قائلاً: “إنه لأمر مشين ومهين أن تواصل السلطات المصرية مقاضاة الضحايا والشهود والنشطاء الذين يناضلون ضد آفة العنف الجنسي في مصر، بدلاً من إتاحة سبل العدالة للضحايا وإنصافهن على نحو كاف. كما يجب على السلطات وضع حد فوري لمثل هذه الأعمال الانتقامية وإزالة التهديد بالمقاضاة، بما في ذلك عن طريق إلغاء تجريم “االسب” و “القذف”؛ لتوجيه رسالة إلى الجناة بأنهم لم يعودوا قادرين على ترهيب النساء والفتيات وأنصارهن لإسكاتهم، وكسر سلسلة الإفلات من العقاب على الانتهاكات الجنسية المروعة”. 

خلفية

بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، يُسمح للدول بالحد من الحق في حرية التعبير، بما في ذلك من أجل حماية حقوق الآخرين. ومع ذلك، يجب تحديد القيود على الحق في حرية التعبير في القانون بطريقة دقيقة، ويجب أن تكون ضرورية ومتناسبة مع هدف مشروع، على النحو المنصوص عليه في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ومصر طرف فيه. وفي هذا الصدد، دعت لجنة حقوق الإنسان الدول إلى إلغاء القوانين التي تجرم التشهير، وأكدت أن السجن ليس أبداً عقوبة مناسبة. لذلك، تعتقد منظمة العفو الدولية أن القوانين التي تهدف إلى حماية شرف وسمعة الأطراف الثالثة يجب أن تعامل دائماً على أنها مسألة تقاضي مدني، ويجب إلغاء القوانين التي تجرم “السب” و”القذف”.