الجزائر: ضعوا حداً لمقاضاة النشطاء الذين فضحوا تعذيب أحد الأطفال في حجز الشرطة

قالت منظمة العفو الدولية، في جلسة المحاكمة الأولى اليوم، إنه يجب على السلطات الجزائرية إسقاط جميع التهم الموجهة إلى خمسة نشطاء يواجهون تهمًا زائفة، بعد أن كشفوا عن شهادات تعذيب، بما في ذلك محاولة اغتصاب طفل رهن الاحتجاز لدى الشرطة.

يواجه نشطاء حركة الحراك – محمد تاجديت، ومالك رياحي، ونور الدين خيمود، وصهيب دباغي، وأحمد طارق دباغي، الذين حبسوا حبساً احتياطيًا منذ ما يقرب من عام – المحاكمة بتهم من بينها “نشر أخبار كاذبة” و”تقويض الحياة الخاصة لطفل من خلال نشر صورة قد تضرّ به” و”تشويه سمعة المؤسسات العامة والقضاء”. وجاء اعتقالهم بعد أن نشر تاجديت ودباغي مقطع فيديو على فيسبوك في أفريل/نيسان 2021، يظهر فيه صبي يبلغ من العمر 15 عاماً ينتحب، ويقول إنه تعرض لاعتداء جنسي من قبل الشرطة.   

وقالت آمنة القلالي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “على الرغم من أن هذا الفيديو انتشر بسرعة في الجزائر، ما أثار غضباً بشأن أنباء تعذيب الطفل، بما في ذلك محاولة اغتصابه، ردّت السلطات الجزائرية بإسكات المُبلًغين بدلاً من التحقيق في البلاغات”.

“تتعلق التهم الموجهة ضد الخمسة جميعاً بممارستهم حرية التعبير في تعميم الإفادة التي أدلى بها الطفل. ويجب على السلطات الجزائرية إسقاط جميع التهم فوراً، والإفراج عن النشطاء الخمسة، واحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي لحماية ضحايا وشهود التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة من الانتقام”.

وقد صوّر مقطع الفيديو كل من محمد تاجديت وصهيب دباغي خارج مركز للشرطة حيث تم اعتقال الطفل بعد مشاركته في مظاهرة سلمية. وانتظر عدد من النشطاء خارج مركز الشرطة للتنديد باعتقاله والمطالبة بالإفراج الفوري عنه. ويظهر في الفيديو الطفل وهو يبكي حيث يسأله كلا الناشطين عما إذا كان قد تعرض للاعتداء الجنسي على أيدي الشرطة. وفي مقطع فيديو لاحق، أكّد الطفل أن الشرطة حاولت اغتصابه، وقالت والدته إنها شاهدتهم يضربونه عندما قصدت مركز الشرطة للاطمئنان عليه.

في 4 أفريل/نيسان 2021، ألقت الشرطة القبض على محمد تاجديت في شقة في عين البنيان حيث كان مع صديقه مالك رياحي. وتم وضعهما في حجز الشرطة قبل نقلهما إلى السجن. وفي 5 أفريل/نيسان 2021، ألقت الشرطة القبض على صهيب دباغي ونور الدين خيمود وطارق دباغي أثناء قيادتهم السيارة في بريكة (باتنة). تم نقلهم إلى الجزائر العاصمة (مركز شرطة كافينياك) في المساء. وبعد ثلاثة أيام، أمرت محكمة في سيدي امحمد بالجزائر العاصمة باحتجازهم مؤقتاً على خلفية الفيديو.

ويجب على السلطات الجزائرية إسقاط جميع التهم فوراً، والإفراج عن النشطاء الخمسة، واحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي لحماية ضحايا وشهود التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة من الانتقام”

آمنة القلالي، منظمة العفو الدولية

وخلال مؤتمر صحفي في 5 أفريل/نيسان، أعلن وكيل الجمهورية بمحكمة الاستئناف في الجزائر العاصمة فتح تحقيق في مزاعم الطفل. وفي 8 أفريل/نيسان، أكد وكيل الجمهورية لمحكمة الاستئناف في الجزائر العاصمة في مؤتمر صحفي أن النشطاء الخمسة جميعهم يُحاكمون فيما يتعلق بنشر هذا الفيديو وتبادله. في ذلك المؤتمر، شكك وكيل الجمهورية في مزاعم الطفل، قائلاً إنه “متعاطي مخدرات” ولديه “علاقة مشبوهة” مع أحد المتهمين، وأبدى ملاحظات معادية لمجتمع الميم حول النشطاء الخمسة، وكذلك اتهمهم باستغلال الطفل لأغراض سياسية. كما أعلن أن السلطات فتحت تحقيقاً في علاقة الطفل، وكذلك النشطاء الخمسة، بحركة رشاد السياسية التي تتهمها السلطات بالإرهاب. كما اتهم الخمسة بتلقي تمويل أجنبي للمسّ بالوحدة الوطنية.

وفي رسالة إلى الحكومة الجزائرية، أعرب العديد من المقررين الخاصين للأمم المتحدة عن “قلقهم بشأن ما ورد بشأن عنف الشرطة، بما في ذلك العنف الجنسي، ضد طفل ” و”تصريحات وكيل الجمهورية بشأن التشكيك في هذه المزاعم، واتهام الطفل أخلاقياً، الأمر الذي من المرجح أن يثير التساؤل عن حياد التحقيق القضائي الجاري”.

وقالت آمنة القلالي: “إن ظروف اعتقال النشطاء، إلى جانب التهم المقيتة التي وجهها وكيل الجمهورية، والتي لا أساس لها، تشير إلى أن هذا عمل انتقامي بسبب نشر الفيديو”.

وفي 28 فيفري/شباط 2022، بدأ النشطاء الخمسة إضراباً عن الطعام للمطالبة بالإفراج عنهم أو بدء محاكمتهم. وتعرض محمد تاجديت ومالك رياحي وصهيب دباغي بعد ذلك للركل والصفع والضرب في السجن لثنيهم عن مواصلة إضرابهم عن الطعام، وذلك وفقاً لأحد محاميهم الذي طلب عدم ذكر اسمه. ثم نقلت إدارة السجن الرجال الخمسة من سجن الحراش إلى سجن البويرة الساعة 4 صباحاً دون أن يُبرز لهم أو لمحاميهم أمر نقل من النيابة العامة، ودون إخطار محاميهم أو عائلاتهم. أوقف الخمسة إضرابهم عن الطعام في أوقات مختلفة خلال الأسبوع الثالث من الإضراب، حيث تمت تلبية مطلبهم ببدء المحاكمة أخيراً، وتم الإعلان عن موعد إجرائها.


 وبصفة الجزائر دولة طرف في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، فإنها ملزمة قانوناً بإجراء تحقيق سريع ومحايد في جميع الشكاوى، والأنباء المتعلقة بالتعذيب. شددت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة، وهي هيئة الخبراء المكلفة بالإشراف على تنفيذ الاتفاقية، على أنه يجب على الدول حماية ضحايا التعذيب، وكذلك الشهود وغيرهم، ممن يتدخلون نيابة عنهم ضد الترهيب والانتقام في جميع الأوقات.


 خلفية

 الحراك هو حركة احتجاجية سلمية، بدأت في فيفري/شباط 2019، للمطالبة بإحداث تغيير سياسي جذري في الجزائر.

 ويواجه النشطاء الخمسة محاكمة بتهم إهانة موظف عام، والتشهير بالقضاء، و”نشر أخبار كاذبة”، و”إفساد طفل”، وتحريض طفل على الفسوق بموجب المواد 144، 146، 196 مكرر، 326، 342 من قانون العقوبات، وكذلك “كل مـن ينـال أو يحـاول النيـل مـن الحيـاة الخاصـة للطفـل بنشـر أو ببـث نصـوص و/أو صـور بأيـة وسـيلة يكـون مـن شـأنها الإضـرار بالطفـل”، و”كل مـن يسـتغل الطفـل عبـر وسـائل الاتصـال مهمــا كان شــكلها فــي مســائل منافيــة للآداب العامة والنظام العام” بموجب المادتين 140 و141 من قانون حماية الطفل. كما أنهم متهمون بحيازة مخدرات بموجب القانون رقم 04-18 لسنة 2004 بشأن المخدرات.

 محمد تاجديت الملقب بـ “شاعر الحراك” بسبب قصائده وخطبه خلال تجمعات الحراك، سبق أن حكم عليه بالسجن 18 شهراً بتهمة “المس بالوحدة الوطنية” لمشاركته في احتجاجات سلمية. وقد أمضى عدة أشهر رهن الاحتجاز قبل إطلاق سراحه في جانفي/كانون الثاني 2020.

 وفي 16 مارس/آذار 2022، حوكم مالك رياحي بشكل منفصل فيما يتعلق بقضية المبلغ عن أحد كاشفي التجاوزات محمد عبد الله بتهمة “عرض منشورات من شأنها المساس بالوحدة الوطنية”، الأمر الذي قد يؤدي به إلى السجن لمدة ثلاث سنوات. ولا تزال محاكمته جارية.