مصر: أَعيدوا محاكمة 36 رجلاً يواجهون الإعدام بعد محاكمات جائرة أمام محاكم الطوارئ

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه على الرغم من رفع حالة الطوارئ في مصر، فلا يزال ما لا يقل عن 36 رجلاً معرضين لخطر الإعدام إثر إدانتهم من قبل محاكم طوارئ بالغة الجور. ولدى المنظمة علمٌ بإعدام رجلين، على الأقل، إثر محاكمات جائرة أمام محاكم الطوارئ في السنوات الثلاث الماضية، وتدعو إلى إعادة محاكمة الرجال الستة والثلاثين، محاكمة تفي بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، دون اللجوء إلى عقوبة الإعدام. 

فقد سمحت حالة الطوارئ، التي دخلت حيز التنفيذ في أبريل/نيسان 2017، بإنشاء محاكم أمن الدولة طوارئ، وهي محاكم جائرة بطبيعتها. على الرغم من رفع حالة الطوارئ، من المقرر أن تستمر المحاكمات الجارية لمئات الأفراد، من بينهم المدافعون عن حقوق الإنسان والمحتجون السلميون.

وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية: “يجب على الرئيس المصري أن يلغي فوراً جميع أحكام الإعدام الصادرة عن محاكم الطوارئ، وأن يأمر بإعادة المحاكمة أمام المحاكم العادية دون اللجوء إلى عقوبة الإعدام. إن فرض عقوبة الإعدام في محاكمات بالغة الجور، حيث يُحرم المتهمون من حق الاستئناف، يشكل حرماناً تعسفياً من الحق في الحياة.

“لقد اعدمت مصر بالفعل، وبشكل صادم، ما لا يقل عن 83 شخصاَ حتى الآن هذا العام، بعضهم بعد إدانات في إجراءات استهزأت بالعدالة. وينبغي على السلطات المصرية أن تفرض فوراً تجميداً على استخدام عقوبة الإعدام، بهدف إلغاء هذه العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة نهائياً”.

في ديسمبر/كانون الأول 2019، أعدمت السلطات المصرية إبراهيم إسماعيل، ومعتز حسن في يوليو/تموز 2021. وأدين كلاهما بالقتل وحكم عليهما بالإعدام في محاكمتين منفصلتين من قبل محكمتين من محاكم أمن الدولة طوارئ. ولم يُسمح لأي من الرجلين بتقديم استئناف.

ويتعرض المتهمون في محاكمات محكمة أمن الدولة طوارئ، بشكل معتاد، لعدد من الانتهاكات الأخرى للحق في المحاكمة العادلة، بما في ذلك حرمانهم من الحق في الوقت والتسهيلات الكافية لإعداد دفاعهم، والحق في الاتصال بمحام من اختيارهم، والحق في جلسة استماع عامة. 

الحكم بالإعدام، والحرمان من حق الاستئناف  

في 29 يوليو/تموز 2021، حكمت إحدى محاكم الطوارئ في مدينة رشيد بالإعدام على 16 من أصل الرجال الـ36 الذين يواجهون الإعدام. وأدين تسعة بجريمة قتل على صلة بهجوم على حافلة للشرطة في محافظة البحيرة، الواقعة شمال غرب القاهرة، في أغسطس/آب 2015، أسفر عن مقتل ثلاثة من رجال الشرطة وإصابة آخرين، قبل سنوات من إعلان حالة الطوارئ. أما الرجال السبعة الباقون، فقد أدينوا بالمساعدة في عملية القتل هذه. وأدين 22 رجلاً آخرين حُكم عليهم بالإعدام على خلفية جرائم متعددة منها ارتكاب جرائم قتل، وتفجيرات، والانتماء إلى جماعات إرهابية، من قبل محاكم أمن الدولة طوارئ بين عامي 2019 و2021.

وفي محاكمة البحيرة، استند القاضي فقط على “الاعترافات” المشوبة بالتعذيب، وشهادات رجال من الشرطة، ورفض السماح لمحامي الدفاع باستجواب شهود الإثبات، ورفض طلبات محامي الدفاع بالاطلاع على الأدلة التي كان من الممكن أن تبرّئ المدعى عليهم، بما في ذلك المكالمات الصادرة والواردة من خلال الأبراج الخلوية. وعلاوة على ذلك، أقر القاضي في الحكم أن محامي المتهمين لم يكونوا حاضرين أثناء استجواب موكليهم من قبل النيابة.

وقال العديد من المتهمين في المحاكمة إنهم تعرضوا للتعذيب أثناء الاحتجاز. وأخبر مصدر مطلع على المحاكمة منظمة العفو الدولية، إن رجلاً، حُكم عليه بالإعدام، قال إنه تعرض للضرب والصعق بالصدمات الكهربائية أثناء استجوابه إلى أن أدلى على شريط فيديو “باعتراف”، حاول فيما بعد التراجع عنه.

واحتُجز شقيقان، كان قد حُكم عليهما بالإعدام في القضية – وهما أحمد الزارع، 31 عاماً، والمعتصم الزارع، 28 عاماً – بمعزل عن العالم الخارجي منذ اعتقالهما في 31 أغسطس/آب و4 سبتمبر/أيلول 2015، على التوالي، حتى 14 سبتمبر/أيلول 2015. وقال مصدر مطلع على قضيتهما لمنظمة العفو الدولية إن الشقيقين تعرضا للضرب والصعق بالصدمات الكهربائية على أيدي رجال شرطة من قطاع الأمن الوطني، وهو جهاز شرطة سري، أثناء الاحتجاز.

وقد تجاهل ضباط قطاع الأمن الوطني أمر أحد القضاة بالإفراج عنهما على ذمة التحقيقات في 26 فبراير/شباط 2018. وبدلاً من ذلك، اقتادوهما إلى مكان غير معلوم، وبالتالي عرضوهما للاختفاء القسري. وفي 7 أبريل/نيسان 2018، تم اقتيادهما إلى النيابة، واستجوابهم بشأن تهم “بالانتماء إلى جماعة إرهابية” و”التظاهر بشكل غير قانوني”. واحتُجزا مرة أخرى في الحبس الاحتياطي إلى أن أمر قاض بالإفراج عنهما مؤقتاً في 9 يونيو/حزيران 2018. وأجبرهما قطاع الأمن الوطني على الحضور إلى مكاتبه على أساس أسبوعي كجزء من إجراء مراقبة خارج نطاق القضاء يشار إليه من قبل الضحايا وقطاع الأمن الوطني باسم “المراقبة“.

واختتم فيليب لوثر قائلاً: احتُجز الأخوان منفصلان في سجنَيْ طرة شديد الحراسة 1 “العقرب”، وشديد الحراسة 2، سيئَيْ السمعة وحُرما من تلقي الزيارات العائلية. وبشكل إجمالي، اتهم قطاع الأمن الوطني أحمد الزارع في خمس قضايا منفصلة، والمعتصم في قضيتين منفصلتين، وجميع التهم متعلقة بالانتماء إلى جماعة إرهابية والتظاهر بشكل غير قانوني. وفي القضية الوحيدة التي أحيلت إلى المحاكمة، برأت محكمتان منفصلتان أحمد الزارع من جميع التهم. 

وتعرض أحمد الزارع، والمعتصم الزارع، لسلسلة من الانتهاكات المروعة، بما في ذلك التعذيب المتكرر، والاختفاء القسري، والاحتجاز التعسفي المطول، والانتهاكات الجسيمة لحقوقهم في المحاكمة العادلة – وحياتهم الآن عرضة للخطر. ويجب على السلطات ضمان عدم استخدام ’الاعترافات‘ المنتزعة تحت وطـأة التعذيب أو الإكراه كدليل في المحكمة، ويجب عليها التحقيق في جميع مزاعم الاختفاء القسري والتعذيب”.

خلفية: 

في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي أنه لن يمدد حالة الطوارئ في مصر، السارية منذ أبريل/نيسان 2017، إثر التفجير المزدوج لكنيستين، الذي أسفر عن مقتل 45 شخصاً.

تنص المادة 19 من القانون الذي يحكم حالة الطوارئ على استمرار المحاكمات الجارية حتى بعد انتهاء سريان حالة الطوارئ. بيد أن الرئيس يحتفظ بسلطة التصديق على الأحكام أو إلغاءها أو تخفيفها أو الأمر بإعادة المحاكمة.

في سبتمبر/أيلول 2021، أطلقت مصر استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان مدتها خمس سنوات، تنص على أن الحق في الدفاع في حالات عقوبة الإعدام يرتبط ارتباطا وثيقاً بالحق في الحياة. وأشارت الاستراتيجية أيضاً إلى ضرورة تنفيذ الشرط الدستوري المتمثل في تمكين المدعى عليهم من الطعن في الأحكام الصادرة عن جميع المحاكم الجنائية. 

وأعدمت مصر ما لا يقل عن 83 شخصاً حتى الآن في عام 2021، وأدين العديد منهم في محاكمات جائرة. وقد أعدم بعضهم سراً، دون معرفة أفراد الأسرة والأحباء بذلك عمداً، وحرمانهم من الزيارات الأخيرة، الأمر الذي يخالف القانون المصري.