تونس: أطلقوا سراح ناشطة من مجتمع الميم سجنت بسبب إهانة الشرطة

قالت منظمة العفو الدولية إنه ينبغي على السلطات التونسية الإفراج فوراً عن رانيا العمدوني، وهي مدافعة بارزة عن حقوق النساء، وناشطة حقوقية في مجتمع الميم، وحكم عليها بالسجن لمدة ستة أشهر بتهمة “هضم جانب موظف عمومي”، كما ينبغي إسقاط التهم الزائفة الموجهة إليها، وذلك قبل جلسة الاستئناف الخاصة بها في 17 مارس/آذار.

في 27 فيفري/شباط، ذهبت رانيا العمدوني إلى مركز للشرطة لتقديم شكوى حول المضايقات المستمرة التي تتعرض لها من قبل الشرطة، فيما يتعلق بنشاطها في مجال مجتمع الميم، ومشاركتها في الاحتجاجات ضد عنف الشرطة، وتدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية. وبدلاً من تسجيل شكواها، ألقي القبض عليها.

وقالت آمنة القلالي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “إن اعتقال رانيا العمدوني ومحاكمتها يبعث برسالة تخويف إلى النشطاء الذين يواجهون المضايقات بأنهم إذا تجرؤوا على التقدم للإبلاغ عن انتهاكات الشرطة، فإنهم يخاطرون بالتحول من ضحية إلى متهم”.

“إنه لأمر مشين أن يحكم على رانيا العمدوني بالسجن ستة أشهر لمجرد إدلائها بتعليقات اعتُبرت مسيئة للشرطة.  ويجب إطلاق سراحها، فوراً ودون قيد أو شرط، وينبغي إسقاط جميع التهم الموجهة إليها”.

إن اعتقال رانيا العمدوني ومحاكمتها يبعث برسالة تخويف إلى النشطاء الذين يواجهون المضايقات بأنهم إذا تجرؤوا على التقدم للإبلاغ عن انتهاكات الشرطة، فإنهم يخاطرون بالتحول من ضحية إلى متهم.

آمنة القلالي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية

ووفقا لمحامي رانيا العمدوني، عندما رفض ضباط الشرطة في مركز شرطة في وسط مدينة تونس تسجيل شكواها، غادرت- مذهولة- وبدأت تصرخ في الشارع، وتسب الشرطة. ثم قبض عليها ضباط الشرطة، واحتجزوها في مركز احتجاز لمدة يومين.

في 1 مارس/آذار، ومن دون استجواب رانيا العمدوني أو منحها الحق في الطعن في عملية احتجازها، اتُهمت رسميًا بـ “هضم جانب موظف عمومي أو شبهه بالقول أو الإشارة أو التهديد حال مباشرته لوظيفته أو بمناسبة مباشرتها”، والتي يُعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى عام بموجب الفصل 125 من المجلة الجزائية. كما وجهت إليها تهمة “التسبب في الهرج والاضطراب”، و”السكر الواضح”.

في 4 مارس/آذار، أدانتها محكمة الناحية في تونس العاصمة في التهم الثلاث، وقامت باحتجازها. وهي مسجونة حالياً في سجن منوبة للنساء بتونس العاصمة.

وقالت رانيا العمدوني، في تعليق لها على فيسبوك، نشر بعد القبض عليها، وأثناء احتجازها في قسم شرطة: ” موقفة على خاتر معادش نجم نقبل الهرسلة الي قاعدة تسيرلي ”(أي: “[تم] القبض عليّ لأنني لا أستطيع قبول هذه المضايقات التي أتعرض لها بعد الآن”.

أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرًا في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، يوثق إجراء عدد متزايد من المحاكمات الجنائية تستند إلى تهم فضفاضة للغاية بموجب المجلة الجزائية، تحد من حرية التعبير، عادةً بتحريض من مسؤولي الأمن أو الدولة، ردًا على الانتقاد الذي يوجه إليهم. 

وبموجب القانون الدولي، لا يعتبر “هضم الجانب” جريمة معترف بها، ولا يبرر تقييد حرية التعبير. وعلاوة على ذلك، كانت لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة واضحة في هذا الشأن، إذ تقول “إن مجرد اعتبار أن أشكال التعبير مهينة للشخصية العامة لا يكفي لتبرير فرض عقوبات”.

مضايقات الشرطة المتواصلة

كانت رانيا العمدوني في طليعة الاحتجاجات ضد عنف الشرطة، والمطالبة بالحقوق والحريات الفردية في البلاد. وهي عضو في جمعية دمج، الجمعية التونسية للعدالة والمساواة، ورئيسة جمعية شوف أقليات.

في أوت/آب 2020، تعدى ضابط شرطة على رانيا العمدوني لفظياً أثناء سيرها في وسط مدينة تونس، مما أدى إلى وقوع مشادة كلامية بين الاثنين. وجذب هذا انتباه المارة الذين اعتدوا عليها وثلاثة من صديقاتها بعد ذلك. ووقفت الشرطة متفرجة، وتقاعست عن التدخل، وحرضت على العنف باستخدام ألفاظ معادية لمجتمع الميم والعابرين جنسياً.

وقامت رانيا العمدوني وصديقاتها بتوجيه تهم، وتم فتح تحقيق. ولكن على الرغم من حقيقة أن هويات الضباط المعنيين معروفة، فلم يتم تعليق عملهم، أو القبض عليهم، بعد التحقيق.

وقد تصاعدت مضايقات الشرطة ضد رانيا العمدوني بعد مشاركتها في الاحتجاجات ضد الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية في جانفي/كانون الثاني 2021. وانتشرت بشكل واسع صور لها وهي تقف أمام ضباط الشرطة الذين يحملون دروعاً واقية، أثناء مظاهرة في 30 جانفي/كانون الثاني، وتسبب ذلك بحملة من المضايقات عبر الإنترنت ضدها على أساس هويتها القائمة على النوع الاجتماعي، ومظهرها. وذكرت أن النقابات الأمنية نشرت صورها على وسائل التواصل الاجتماعي مصحوبة بتعليقات مهينة.

وقال محاميها إنه قدم ما لا يقل عن خمس شكاوى، نيابة عنها، ضد ضباط الشرطة، لكن لم يتم فتح أي تحقيقات.

وقامت السلطات التونسية مؤخراً باعتقال ومحاكمة العديد من النشطاء البارزين بتهم ملفقة، بما في ذلك “هضم جانب موظف عمومي”.

في 6 مارس/آذار، ألقت قوات الشرطة القبض على مهدي برهومي، مدير برامج منظمة إنترناشونال ألرت، ومنذر سويدي، من المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وسامي حميد، وهو مهندس معماري، خلال تجمع على سطح منزل سويدي في المساء. ووفقاً للمحامي، اتهمهم شرطي بإلقاء قنينة مياه بلاستيكية عليه، وإهانة النقابات الأمنية.  واتهم الثلاثة جميعهم بـ”هضم جانب موظف عمومي” بموجب المادة 125 من المجلة الجزائية، ولكن أفرج عنهم مؤقتاً، في 8 مارس/آذار. 

واختتمت آمنة القلالي قائلة: “تستخدم السلطات التونسية المادة 125 كتهمة شاملة لمحاكمة جميع أولئك الذين يجرؤون على انتقاد الشرطة، أو الشكوى من سلوكها. ويجب عليها الكف عن محاكمة النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان بتهم غامضة، وحماية الحق في حرية التعبير على وجه السرعة”.