مصر: فرصة تاريخية سانحة للمجتمع الدولي لوضع حد للقمع ضد حركة حقوق الإنسان

قالت منظمة العفو الدولية اليوم، إن قرار المحكمة اليوم بتجميد أصول ثلاثة من كبار المديرين من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية يؤكد أن الحاجة ماسة لمواصلة المجتمع الدولي الضغط لوقف التهديد الوجودي لحركة حقوق الإنسان المصرية. ويأتي هذا التطور قبيل زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى باريس غدا للقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. 

واليوم، قضت محكمة مصرية بتأييد أمر النائب العام بتجميد أصول مديري المبادرة المصرية الثلاثة محمد بشير، وكريم عنارة، وجاسر عبد الرازق – الذين أطلق سراحهم من الاحتجاز، على ذمة التحقيقات، في 3 ديسمبر/كانون الأول إثر ممارسة ضغوط وطنية ودولية كبيرة. ولا شك أن هذه الصفعة التي وجهت حديثاً للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية لا تزال تشكل خطراً على حركة حقوق الإنسان في مصر، وذلك في ظل الاعتقالات التعسفية المستمرة، والتحقيقات الجنائية، وتجميد الأصول، وحظر السفر ضد العاملين في منظمات المجتمع المدني.

وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية: “على الرغم من أن هؤلاء الحقوقيين أحرار طلقاء الآن، إلا أنه ما كان ينبغي أن يقضوا يوماً واحداً خلف القضبان، وإطلاق سراحهم سوف يجلب شعوراً كبيراً بالارتياح لدى عائلاتهم، ومجتمع حقوق الإنسان الذي يواجه مشاكل في مصر. ومع ذلك، فهذا يعد بمثابة نصر ممزوج بالسعادة والألم والحزن يسلط الضوء على الاعتقال الجائر المستمر للعديد من المدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان في مصر”.

'تجميد الأصول الشخصية لثلاثة من مديري المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في أعقاب الاعتداء غير المسبوق على المنظمة يدل على نية السلطات في القضاء على حركة حقوق الإنسان المصرية.

فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية

‘فتجميد الأصول الشخصية لثلاثة من مديري المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في أعقاب الاعتداء غير المسبوق على المنظمة يدل على نية السلطات في القضاء على حركة حقوق الإنسان المصرية. ففي خضم الاعتقالات التعسفية المستمرة، والتحقيقات الجنائية، وتجميد الأصول، وحظر السفر ضد عشرات المدافعين عن حقوق الإنسان، يجب على أعضاء المجتمع الدولي ضمان استمرار ممارسة الضغوط المنسقة والعلنية على السلطات المصرية لإظهار التزامها الصادق بالإبقاء على حركة حقوق الإنسان في مصر”.

وفي ظل اعتقال مدافعين آخرين عن حقوق الإنسان، ومنهم الباحث في شؤون النوع الاجتماعي في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، باتريك جورج زكي، تواصل السلطات المصرية احتجاز الآلاف تعسفياً، ومن بينهم سجناء رأي، وإعدام العشرات بعد محاكمات جائرة، وارتكاب التعذيب والاختفاء القسري على نطاق واسع مع الإفلات التام من العقاب.

أثناء جلسة الاستماع الموضوعية الوحيدة في قضية تجميد أصول مديري المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، التي عقدت في 1 ديسمبر/كانون الأول، لم يسمح القاضي في دائرة إرهاب بمحكمة جنائية في القاهرة للمحامين بعرض دفاعهم، أو الاطلاع على ملفات القضايا، بما في ذلك أساس قرار النيابة الآمر بتجميد الأصول، أو التحدث إلى موكليهم على انفراد، في انتهاك جسيم لحقهم في الحصول على محاكمة عادلة. 

الرئيس المصري يزور فرنسا بينما تمر حركة حقوق الإنسان بأزمة

تدعو منظمة العفو الدولية الرئيس ماكرون إلى العمل وفقاً لالتزامه المعلن بتعزيز حقوق الإنسان في مصر، وإلى الضغط على الرئيس السيسي لإطلاق سراح المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين تعسفياً وتوفير الحماية لحركة حقوق الإنسان.

ففي مصر، يخضع ما لا يقل عن 31 من قادة منظمات المجتمع المدني لحظر السفر، في حين أن 10، بالإضافة إلى ثلاثة مديرين كبار في المبادرة المصرية، يخضعون لتجميد أصولهم، من بينهم مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حسام بهجت؛ ومزن حسن من منظمة “نظرة للدراسات النسوية”؛ ومحمد زارع من معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان؛ وعزة سليمان، مديرة مركز المساعدة القانونية للمرأة المصرية؛ وجمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان؛ وعايدة سيف الدولة، من مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب. ويواجه جميع هؤلاء المدافعين عن حقوق الإنسان تحقيقًا جنائيًا يُعرف باسم “القضية 173″، أو “قضية التمويل الأجنبي” في عملهم المشروع، وقد يُحكم عليهم بالسجن لفترات طويلة.

وفي 2020، أضاف قضاة دوائر المحاكم الجنائية المعنية بالإرهاب محامي حقوق الإنسان محمد الباقر وزياد العليمي؛ ومنسق مصر لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات رامي شعث؛ والناشط الحقوقي علاء عبد الفتاح إلى “قوائم الإرهابيين”، ممّا منعهم من السفر، وجمد أصولهم، لمدة خمس سنوات. ولا يزال الأربعة جميعاً محتجزين تعسفياً بتهم لا أساس لها تتعلق بالإرهاب.

واختتم فيليب لوثر قائلاً: “كجزء من الاستجابة الأوسع للضغط على السلطات المصرية لوقف اعتدائها على حركة حقوق الإنسان، يجب على المجتمع الدولي، من خلال مجلس حقوق الإنسان، إنشاء آلية رصد وإبلاغ عن حالة حقوق الإنسان في مصر”.

خلفية

في الفترة من 15 إلى 19 نوفمبر/تشرين الثاني، اعتقلت السلطات المصرية موظفين في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عقب اجتماعهم مع دبلوماسيين غربيين. منذ سنوات، والمجتمع الدولي يتجاهل إلى حد كبير إساءة السلطات المصرية استخدام إجراءات مكافحة الإرهاب لتبرير اعتقالها لعشرات المدافعين عن حقوق الإنسان بتهم ذات صلة بالإرهاب لا أساس لها. ومن بين المدافعين عن حقوق الإنسان المعتقلين بتهم ملفقة تتعلق بالإرهاب مدير مركز عدالة للحقوق والحريات، محمد الباقر؛ والصحفية والمدافعة عن حقوق الإنسان إسراء عبد الفتاح؛ والمحامية الحقوقية ماهينور المصري؛ والباحث إبراهيم عز الدين، والمحامي هيثم محمدين من المفوضية المصرية للحقوق والحريات؛ والمحامي ومؤسس رابطة أُسر المختفين قسرياً ابراهيم متولي؛ والمحامية هدى عبد المنعم.

وفي وقت سابق من هذا العام، حكم قاض في إحدى دوائر الإرهاب على المدافع عن حقوق الإنسان المخضرم بهي الدين حسن بالسجن 15 عاماً في غيابياً بتهم ملفقة تتعلق بـ “إهانة القضاء”، و”نشر أخبار كاذبة”، على تغريداته بشأن حقوق الإنسان.

وقد مثل اليوم، الباحث في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية باتريك جورج زكي ومحاميه أمام محكمة لمراجعة احتجازه السابق للمحاكمة، على ذمة التحقيقات في تهم لا أساس لها من الصحة تتعلق بالإرهاب، منذ فبراير/شباط 2020. ولم يصدر قرار المحكمة بعد.

انتهى