قالت منظمة العفو الدولية اليوم، تعقيباً على إعدام كرديين، في 13 يوليو/تموز في سجن أرومية في محافظة أذربيجان الغربية إن ثمة تصعيد مثير للقلق في استخدام عقوبة الإعدام ضد المحتجين والمعارضين، وأفراد الأقليات في إيران. في عام 2015، أدين كل من دیاکو رسولزاده وصابر شيخ عبدالله، وحكم عليهما بالإعدام استناداُ فقط على “اعترافات مشوبة بالتعذيب”، ووسط أدلة دامغة تشير إلى براءتهما.
بعد ساعات، أعلن مسؤول قضائي، أنه في نوفمبر/تشرين الثاني، قد تم تأييد أحكام الإعدام الصادرة بحق ثلاثة شبان فيما يتعلق بالاحتجاجات المناهضة لنظام الدولة. وفضلاً عن ذلك فإن ما لا يقل عن خمسة سجناء من الأقلية الكردية في إيران، وثلاثة سجناء من الأقلية العربية في الأهواز في إيران، عرضة لخطر الإعدام. ولا يزال رجل كردي آخر مختفياً قسراً، ويُعتقد أنه أُعدم رمياً بالرصاص سراً على أيدي فرقة إعدام.
،دیاکو رسولزاده وصابر شيخ عبدالله هما أحدث ضحايا نظام العدالة الجنائية الإيراني المعيب للغاية، والذي يعتمد بشكل ممنهج على أدلة ملفقة، بما في ذلك “اعترافات” تم الحصول عليها تحت وطأة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة لتأمين إصدار أحكام إدانة جنائية.
ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية
وتدعو منظمة العفو الدولية الأمم المتحدة، ودولها الأعضاء، إلى التدخل العاجل لإنقاذ أرواح أولئك المعرضين لخطر الإعدام، وتحث إيران على التوقف عن استخدام عقوبة الإعدام لزرع الخوف، وإسكات صوت المعارضة السياسية.
وقالت ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن “دیاکو رسولزاده وصابر شيخ عبدالله هما أحدث ضحايا نظام العدالة الجنائية الإيراني المعيب للغاية، والذي يعتمد بشكل ممنهج على أدلة ملفقة، بما في ذلك “اعترافات” تم الحصول عليها تحت وطأة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة لتأمين إصدار أحكام إدانة جنائية. فاستخدام السلطات عمليات الإعدام كأداة لغرس الخوف في نفوس الناس، وإبقاء قبضتها الحديدية على المجتمع أمر قاس إلى حد لا يمكن تخيله”.
“إن عقوبة الإعدام هي دوماً عقوبة قاسية ولا إنسانية. أما قضية هذين الرجلين فهي مشوبة بالعيوب وتفتقر إلى أي دليل ذات مصداقية مما يسلط الضوء على أهوال تنفيذ حكم الإعدام فيهما بشكل أكبر”.
في 13 يوليو/تموز، تم نقل دیاکو رسولزاده وصابر شيخ عبدالله، اللذين كانا في أوائل العشرينيات والثلاثينيات من العمر على التوالي، خارج زنزاناتهما في سجن أرومية. ووفقاً للمعلومات التي تسربت من داخل السجن، فقد أخبرهما المسؤولون في السجن، بشكل مخادع، أن المحكمة العليا قد ألغت حكم الإعدام الصادرة بحقهما، وأنه يجري أخذهما خارج السجن لبدء عملية إعادة محاكمتهما. وبدلاً من ذلك، قام مسؤولو السجن بنقلهما إلى الحبس الانفرادي وإعدامهما في الساعات الأولى من اليوم التالي، دون تلقي محاميهما إشعاراً مسبقًا.
إن عقوبة الإعدام هي دوماً عقوبة قاسية ولا إنسانية. أما قضية هذين الرجلين فهي مشوبة بالعيوب وتفتقر إلى أي دليل ذات مصداقية مما يسلط الضوء على أهوال تنفيذ حكم الإعدام فيهما بشكل أكبر.
ديانا الطحاوي
وكان الرجلان ينتظران تنفيذ حكم الإعدام منذ 2015، وقد صدر الحكم عليهما في ما يتعلق بهجوم مسلح دام في 2010، وقد أنكرا تورطهما في هذا الهجوم مراراً وتكراراً. وكانت محاكمتهما بالغة الجور؛ فقد تجاهلت هذه المحاكمة حجج الرجلين القوية التي قدمت، واستندت بشكل كامل إلى “اعترافات” مشوبة بالتعذيب، والتي – وفقاً لمحاميهما – أملاها مسؤولون من وزارة الاستخبارات للرجلين، وتسودها التناقضات.
تصاعد مفزع في استخدام عقوبة الإعدام
تأتي عمليات الإعدام الأخيرة هذه عقب ارتفاع معدلات استخدام السلطات الإيرانية لعقوبة الإعدام على نحو مروع، وذلك فيما يبدو بهدف تصعيد الخوف، وردع الاحتجاجات الشعبية بشأن تفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية التي تجتاح البلاد.
وبعد ساعات من تنفيذ أحكام الإعدام في أرومية، أعلن المتحدث باسم السلطة القضائية أن المحكمة العليا أيدت أحكام الإعدام الصادرة بحق ثلاثة شبان فيما يتعلق باحتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني 2019 في طهران. وهذا على الرغم من الإدانة الدولية الواسعة النطاق والغضب الشعبي.
وقد خضع أيضاً أميرحسين مرادي ومحمد رجبي وسعيد تمجيدي إلى محاكمات بالغة الجور. فقد تم تجاهل ادعاءاتهم بالتعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، وتم الاستناد إلى “الاعترافات” التي انتزعت من أميرحسين مرادي، بدون وجود محام، إثر تعرضه، حسبما ورد، للضرب والصدمات الكهربائية والتعليق في وضع مقلوب، لإدانتهم بتهمة “محاربة الله” (المحاربة)، من خلال أعمال الحرق المتعمد والتخريب.
ولقد أنكر الرجال التهم الموجهة إليهم. وحتى لو كانت هذه الأفعال صحيحة فإن أعمال الحرق المتعمد والتخريب لا تبلغ حد “أشد الجرائم خطورة”، والتي تنطوي على القتل المتعمد، والتي لابد وأن يكون استخدام عقوبة الإعدام مقيداً بها بموجب القانون الدولي.
وفي وقت سابق، في 30 يونيو/حزيران 2020، أعلنت السلطة القضائية أن المعارض السياسي والصحفي، روحالله زم، قد حكم عليه بالإعدام بتهمة “الإفساد في الأرض” من خلال إدارة قناة إخبارية معروفة على وسائل التواصل الاجتماعي، تسمى آمدنیوز AmadNews، والتي اتهمتها السلطات بالتحريض على احتجاجات ديسمبر/كانون الأول 2017 ويناير/كانون الثاني 2018. وقد تم بث “اعترافاته” القسرية مرارا وتكرارا على شاشات التلفاز الرسمي في الأشهر الأخيرة. ولا يزال الاستئناف الذي قدمه قيد النظر أمام المحكمة العليا.
إن استخدام إيران المتزايد لعقوبة الإعدام كسلاح سياسي للقمع أمر مثير للقلق، ويستدعي الاهتمام الفوري من المجتمع الدولي. وفي غياب التحركات الدبلوماسية والعلنية العاجلة، فإن المزيد من الأرواح في إيران معرضة لخطر الموت بفعل آلة الإعدام التي تستخدمها الدولة.
ديانا الطحاوي
وهناك ما لا يقل عن ثلاثة سجناء ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام من أقلية العرب الأحوازيون في إيران، وهم: حسين سيلاوي، وعلي خسرجي وناصر خفاجيان، وكذلك خمسة سجناء من الأقلية الكردية في إيران، استهدفوا لانتمائهم الحقيقي أو المفترض إلى جماعات المعارضة السياسية الكردية المسلحة، وهم: حيدر قرباني، وهوشمند علیبور وسامان كريمي، وارسلان خودكام، ومحي الدين ابراهيمي؛ هم عرضة أيضا لخطر الإعدام. وقد صدر الحكم بالإعدام على الرجال جميعاً إثر محاكمات بالغة الجور جرت بين 2016 و2020، واستندت بشكل أساسي أو حصرياً على “اعترافات” تم الحصول عليها بدون حضور محام، وتحت وطأة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.
كما اختفى قسريًا سجين كردي آخر ينتظر تنفيذ حكم الإعدام فيه، وهو هدايت عبدالله بور، منذ 9 مايو/أيار 2020، حيث ترفض السلطات الكشف عن الحقيقة المتعلقة بإعدامه سراً، وإعادة جثمانه إلى عائلته. وفي 12 أبريل/نيسان 2020، أُعدم سجين كردي سابع، مصطفى سليمي، في مدينة سقز بمحافظة كردستان. وقد أُعدم بعد فترة وجيزة من إعادة القبض عليه انتقاماً، على ما يبدو، لهروبه من السجن في أواخر مارس/آذار وسط احتجاجات وأعمال شغب بسبب تفشي وباء فيروس كوفيد-19 في السجون الإيرانية.
وتشعر منظمة العفو الدولية بالقلق من أن السجناء الذين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام، من الأقليات العرقية المحرومة في إيران، عرضة للخطر بشكل خاص، نظراً لنمط السلطات في إعدام السجناء من هذه المجموعات، عندما يساورها القلق إزاء اندلاع الاحتجاجات الشعبية.
وأضافت ديانا الطحاوي قائلة: “إن استخدام إيران المتزايد لعقوبة الإعدام كسلاح سياسي للقمع أمر مثير للقلق، ويستدعي الاهتمام الفوري من المجتمع الدولي. وفي غياب التحركات الدبلوماسية والعلنية العاجلة، فإن المزيد من الأرواح في إيران معرضة لخطر الموت بفعل آلة الإعدام التي تستخدمها الدولة”.
تفاصيل عمليات الإعدام الأخيرة في أرومية
في 2014، اعتُقل كل من دیاکو رسولزاده وصابر شيخ عبدالله ورجل ثالث، وهو حسين عثماني، بشكل منفصل في مهاباد وتم نقلهم فيما بعد إلى مركز احتجاز في أرومية، حيث احتجزوا دون الاتصال بمحاميهم وأسرهم، وكانوا معظم الوقت قيد الحبس الانفرادي لأكثر من عام. وأثناء هذه الفترة، قالوا إنهم تعرضوا للتعذيب مراراً وتكراراً، بما في ذلك من خلال التعرض للضرب المبرح، والجلد، والصدمات الكهربائية، والإذلال الجنسي، والتعليق من السقف، والتهديدات بالقبض على أقاربهم، لكي يقوموا بـ”الاعتراف” زوراً بأنهم شاركوا في الهجوم المسلح الذي وقع في 2010، وسافروا إلى العراق لتلقي التدريب العسكري.
وقد تجاهل الفرع الأول للمحكمة الثورية في مهاباد، الذي ترأس قضيتهم، وجود أدلة قاطعة تبين أن الرجال الثلاثة كانوا في مكان آخر وقت الهجوم، وتقاعس عن التحقيق في ادعاءات التعذيب، حتى بعد أن أظهر حسين عثماني للقاضي آثار التعذيب على جسده. ووفقاً لمعلومات حصلت عليها منظمة العفو الدولية، فإن الرجال فد تعرضوا للتهديد من قِبَل مسؤولين في وزارة الاستخبارات بأنهم سوف يتعرضون للمزيد من التعذيب إذا ما تراجعوا عن “اعترافاتهم” أمام المحكمة. كما وُعدوا كذباً بأنهم سينجوا من عقوبة الإعدام إذا “تعاونوا”.
وفي يناير/كانون الثاني 2017، ألغت المحكمة العليا أحكام الإدانة، والأحكام الصادرة بحقهم، بسبب نقص الأدلة وأحالت قضاياهم لإعادة المحاكمة. وفي وقت لاحق، تم تخفيف حكم الإعدام على حسين عثماني إلى السجن لمدة 30 عاماً؛ ولكن صدر حكم الإعدام على صابر شيخ عبدالله ودیاکو رسولزاده بالإعدام مرة أخرى في أكتوبر/تشرين الأول 2017. وتم بعد ذلك تأييد الأحكام الصادرة بحقهم دون معالجة ما ما ذكروه من مخاوف إزاء تعرضهم للتعذيب، وعلى الرغم من عدم وجود أدلة ذات مصداقية. وفي السنوات التالية، تم رفض طلباتهم للعفو مراراً وتكراراً.
هذا، وتُعارض منظمة العفو الدولية عقوبة الإعدام في جميع الحالات بلا استثناء، وبغض النظر عن طبيعة الجريمة أو ملابسات ارتكابها؛ أو كون الفرد مذنبًا أو بريئًا، أو غير ذلك من سمات الفرد؛ أو الطريقة التي تستخدمها الدولة في تنفيذ الإعدام. فعقوبة الإعدام تنتهك الحق في الحياة كما هو معلنٌ في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.