مصر: إجبار عمال الملابس في القطاع الخاص على الاختيار بين صحتهم ومصدر رزقهم

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن الآلاف من عمال صناعة الملابس في القطاع الخاص، في مدينتي بورسعيد والإسماعيلية في مصر، عرضة لخطر فقدان وظائفهم، أو تقليص دخولهم، أو إجبارهم على العمل بدون معدات وقائية وسط مخاوف من تفشي فيروس كوفيد-19. كما تم فصل مئات آخرين من وظائفهم الشهر الماضي. لقد مارس أصحاب الأعمال المصريون ضغوطاً علنية على الحكومة خلال الأسبوعين الماضيين لإبقاء الشركات الخاصة مفتوحة، لكن لا يبدو أن الكثير منهم عالجوا بواعث قلق العمال المشروعة بشأن سلامتهم ومصدر رزقهم.

إن دعوات رجال الأعمال إلى “الإبقاء على عجلة الإنتاج” يجب ألا تحظى بالأولوية على حقوق العمال وصحتهم.

فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة كسب التاييد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في بمنظمة العفو الدولية

وتدعو منظمة العفو الدولية السلطات المصرية إلى ضمان امتثال القطاع الخاص لمعايير العمل وحقوق الإنسان، بما في ذلك تلك المتعلقة بالصحة والسلامة المهنيتين، وإنهاء الخدمة.

وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة كسب التاييد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “يُجبر عمال الملابس في مناطق الاستثمار في مصر على الاختيار بين حماية مصدر رزقهم وحماية حياتهم. فيجب على الحكومة مراقبة امتثال شركات القطاع الخاص لمعايير الصحة والسلامة للتخفيف من التعرض في مكان العمل لفيروس كوفيد-19، بما في ذلك تزويد العمال بوسائل حماية مناسبة دون تمييز ودون تحمل العمال أي تكاليف.  إن دعوات رجال الأعمال إلى “الإبقاء على عجلة الإنتاج” يجب ألا تحظى بالأولوية على حقوق العمال وصحتهم.

“ويجب أن يوفر للعمال، في القطاعات العامة أو الخاصة أو غير المنظم – الذين يفقدون مصدر رزقهم نتيجة للآثار الاقتصادية لفيروس كوفيد-19، سبل الانتفاع من تدابير الحماية الاجتماعية، بما في ذلك إعانات البطالة، لضمان حقهم في مستوى معيشي ملائم. كما ينبغي أن توضع حماية حقوق الإنسان والعمال في صميم إجراءات الحكومة للتصدي للأزمة”.

ففي 21 مارس/آذار، أمر محافظ بورسعيد بإغلاق خمسة مصانع في المحافظة، بعد ورود أنباء تفيد بظهور حالات الإصابة بفيروس كوفيد-19 في المدينة، ووفاة أحد العمال. وقد أدى تقاعس أصحاب المصانع عن تنفيذ هذا القرار على الفور إلى دفع مئات من العمال ذوي الدخل المنخفض إلى القيام باحتجاجات عمالية في 22 و23 مارس/آذار في منطقة بورسعيد الاستثمارية. وانتشرت الإضرابات بشكل سريع في العديد من المصانع بالإسماعيلية.

يجب على الحكومة مراقبة امتثال شركات القطاع الخاص لمعايير الصحة والسلامة للتخفيف من التعرض في مكان العمل لفيروس كوفيد-19، بما في ذلك تزويد العمال بوسائل حماية مناسبة دون تمييز ودون تحمل العمال أي تكاليف.

فيليب لوثر

وقد تحدثت منظمة العفو الدولية مع 11 عاملاً في صناعة الملابس من القطاع الخاص، من سبعة مصانع كبيرة – يعمل في كل منها ما بين 500 و7000 عامل، بحسب من أجريت معهم مقابلات – في منطقتي الاستثمار في الإسماعيلية وبورسعيد، وكذلك مع النشطاء العماليين والمحامين. كما قامت منظمة العفو الدولية بفحص عدد من المواد السمعية والبصرية التي تبادلها العمال، وتتعلق بظروف العمل المكتظة في مصنعيْن، ورسائل من إدارة مصنعين على الأقل، لإبلاغ العمال بتخفيض الأجور أو الإجازة السنوية الإجبارية.

وفي 23 مارس/آذار، أغلقت المصانع السبعة مؤقتًا. بينما مددت ثلاثة مصانع إجازة غير مدفوعة الأجر أو منخفضة الأجر لعمالها حتى 11 أبريل/نيسان، استأنفت أربعة مصانع الإنتاج في 4 أبريل/نيسان.

وقد تحدثت منظمة العفو الدولية إلى تسعة عمال من خمسة مصانع أثاروا بواعث قلق بشأن تقاعس أصحاب العمل عن توفير معدات حماية مناسبة، أو اتخاذ تدابير للحفاظ على التباعد الاجتماعي. ووفقاً للعاملين في مصنعين آخرين، لم يتم تنفيذ الإجراءات المتخذة بانتظام. وأبلغ أحد العمال منظمة العفو الدولية أن زملاءه كانوا يشترون مواد مطهرة وأقنعة وقفازات على نفقتهم الخاصة.

ينبغي أن توضع حماية حقوق الإنسان والعمال في صميم إجراءات الحكومة للتصدي للأزمة.

فيليب لوثر

كما أعرب بعض العمال عن مخاوفهم من فقدان وظائفهم إذا استمروا في الاحتجاج على ظروف عملهم غير الآمنة. ففي مصنعين على الأقل، أخبر العمال منظمة العفو الدولية أنهم شاهدوا المشرفين يدونون أسماء من أضربوا عن العمل، الأمر الذي أثار مخاوف بشأن الفصل من العمل.

التخلي عن عمال القطاع الخاص

إن النتائج التي توصلت إليها منظمة العفو الدولية هي جزء من نمط أوسع نطاقاً من ترك عمال القطاع الخاص دون أن تشملهم إجراءات السلامة حيث تسعى الحكومة المصرية لاحتواء انتشار فيروس كوفيد-19. وأبلغ محامو حقوق الإنسان منظمة العفو الدولية أنهم، منذ 19 مارس/آذار، تلقوا ما يقرب من 100 شكوى من عمال القطاع الخاص تتعلق بالفصل التعسفي، وأمروا بأخذ إجازة بدون أجر، وقبول الأجور المنخفضة، وظروف العمل غير الآمنة.

وفي 16 مارس/آذار، قررت الحكومة خفض عدد العاملين في المؤسسات الحكومية والعامة في المحافظات التي تعاني من حالات الإصابة بفيروس-19، ومنحت إجازة مدفوعة للعمال في بعض المصانع التي تديرها الدولة على الأقل. وبالرغم من ذلك، لم تضع الحكومة أي أحكام مماثلة لعمال القطاع الخاص، الذين تركوا لمواجهة الإجراءات التقديرية لأصحاب العمل. وفي 29 مارس/آذار، أكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أنه ليس هناك أي قيود على حركة الشاحنات أو مركبات النقل العمالية. وفي 1 أبريل/نيسان، طلب من شركات البناء في القطاع الخاص العمل بكامل طاقتها في جميع المواقع، بينما حث المواطنين على ملازمة المنازل أثناء الأزمة.

وأبلغ العمال منظمة العفو الدولية أنهم شعروا بأنهم مهملون، وتركوا بدون أجر أو بدخل منخفض بسبب إغلاق مصانع الملابس، وتباطؤ الإنتاج. وقالوا إن أصحاب العمل في المصانع السبعة يجبرون العمال على أخذ إجازة بدون أجر، أو قبول أجور منخفضة.

كما علمت منظمة العفو الدولية أنه تم فصل مئات العمال تحت فترة الاختبار أو العقود المؤقتة، في ثلاثة مصانع دون سابق إنذار أو مبرر أو فرصة للتشاور بشأن تدابير للتخفيف من آثار فقدان الدخل. وقد يتعرض الآلاف أيضاً لخطر مصير مماثل عندما تنتهي عقودهم المحددة الأجل.

خلفية:

تتكون مناطق الاستثمار في بورسعيد والإسماعيلية من مئات المصانع، بما في ذلك مصانع الملابس، وتوظف الآلاف من النساء والرجال.

ويساور منظمة العفو الدولية القلق من أن القيود المفروضة على الحق في حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، والحق في تشكيل النقابات المستقلة والانضمام إليها في القانون والممارسة تقوض قدرة المفاوضات الجماعية للعمال، وترسخ ديناميات القوة غير المتكافئة بين العمال ذوي الدخول المنخفضة وأصحاب العمل في القطاع الخاص.