جيل جديد من النشطاء الشباب يقود المعركة ضد القمع المتفاقم في آسيا

  • تقرير جديد يستعرض حالة حقوق الإنسان في 25 دولة ومنطقة في آسيا والمحيط الهادئ خلال عام 2019
  • المتظاهرون الشباب يخرجون إلى الشوارع احتجاجاً على القمع المتزايد
  • عمليات الاعتقال والاحتجاز وحالات الوفاة حيث تقمع السلطات المعارضة باستخدام القوة المفرطة.
  • لكن الاحتجاجات مهمة للمساعدة في ضمان تحقيق انتصارات فارقة لحقوق الإنسان

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن موجة من الاحتجاجات التي يقودها الشباب في جميع أنحاء آسيا تجابه القمع المتصاعد على مستوى القارة ضد حرية التعبير والتجمع السلمي، حيث تنشر المنظمة تقريرها السنوي بشأن حالة حقوق الإنسان في الإقليم.

يصف التقرير تحت عنوان: استعراض حالة حقوق الإنسان في آسيا والمحيط الهادئ لعام 2019* (باللغة الانكليزية) والذي يتضمن تحليلاً مفصلاً لتطورات حقوق الإنسان في 25 دولة وإقليم، كيف يناضل جيل جديد من النشطاء ضد الحملة القمعية الوحشية ضد المعارضة، وعمليات مواقع التواصل الاجتماعي المسمومة، والرقابة السياسية الواسعة النطاق.

لقد كان عام 2019 عام قمع في آسيا، ولكن كان أيضاً عام نضال ومقاومة. ففي الوقت الذي تحاول فيه الحكومات في جميع أنحاء القارة اقتلاع الحريات الأساسية، يناضل الناس من أجل الحريات – والشباب هم في طليعة النضال

نيكولاس بيكيلين

وقال نيكولاس بيكيلين، المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية لشرق وجنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ: “لقد كان عام 2019 عام قمع في آسيا، ولكن كان أيضاً عام نضال ومقاومة. ففي الوقت الذي تحاول فيه الحكومات في جميع أنحاء القارة اقتلاع الحريات الأساسية، يناضل الناس من أجل الحريات – والشباب هم في طليعة النضال

“من الطلاب في هونغ كونغ، الذين يقودون حركة جماهيرية ضد الانتهاك الصيني المتزايد، إلى الطلاب في الهند الذين يحتجون على السياسات المناهضة للمسلمين؛ ومن الناخبين الشباب في تايلند الذين يتدفقون على حزب معارض جديد إلى متظاهرين مؤيدين لمعاملة أفراد “مجتمع الميم” على قدم المساواة مع غيرهم.  فعلى الإنترنت وخارجها، تتحدى الاحتجاجات الشعبية التي يقودها الشباب النظام القائم”.

تحدي هونغ كونغ يتردد صداه في جميع أنحاء العالم

تحدّد الصين والهند، أكبر قوتين في آسيا، مسار حملة القمع في جميع أنحاء المنطقة برفضهما الصريح لحقوق الإنسان. وأثار دعم بكين لمشروع قانون تسليم “المجرمين” خاصة بهونغ كونغ، والذي يمنح الحكومة المحلية سلطة ترحيل المشتبه بهم إلى البر الرئيسي، احتجاجات جماهيرية في الإقليم على نطاق غير مسبوق.

منذ يونيو/حزيران، خرج الناس في هونغ كونغ بشكل منتظم إلى الشوارع للمطالبة بإجراء المساءلة إزاء تكتيكات انتهاكات الشرطة التي تضمنت الاستخدام المروع للغاز المسيل للدموع، والاعتقالات التعسفية والاعتداءات البدنية، والإساءات في الحجز. لقد تكرر هذا النضال ضد النظام القائم في جميع أنحاء القارة.

أما في الهند، فقد ندد الملايين بقانون جديد، يميز ضد المسلمين، في موجة من المظاهرات السلمية. وفي إندونيسيا، احتشد الناس ضد سن البرلمان للعديد من القوانين التي تهدد الحريات العامة. وفي أفغانستان، خاطر المتظاهرون بسلامتهم للمطالبة بإنهاء النزاع الطويل الأمد في البلاد. وفي باكستان، تحدت حركة “بشتون تحفظ” غير العنيفة قمع الدولة، للاحتشاد ضد الاختفاءات القسرية، وعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء.

المعارضة تواجه بالقمع

كثيراً ما تواجه السلطات الاحتجاجات والمعارضة السلميين بأفعال انتقامية.

فقد تعرض المحتجون للاعتقال والسجن في فيتنام ولاوس وكمبوديا وتايلند؛ حيث اتخذت الحكومات القمعية في مختلف أنحاء جنوب شرق آسيا خطوات صارمة لإسكات معارضيها، وتكميم وسائل الإعلام.

ففي إندونيسيا، قُتل العديد من الأشخاص عندما قمعت الشرطة الاحتجاجات بالقوة المفرطة. ومع ذلك، لم تتخد خطوات تُذكر لمحاسبة أي شخص على وقوع حالات الوفاة. ولم يلق القبض على أي من  أفراد الشرطة، ولم يتم تحديد أي مشتبه به. 

وفي باكستان وبنغلاديش، استُهدف النشطاء والصحافيون على حد سواء من خلال القوانين الصارمة التي تقيد حرية التعبير، وتعاقب المعارضة على الإنترنت.

وفي هونغ كونغ، استخدمت الشرطة أساليب تكتيكية متهوّرة وعشوائية لقمع الاحتجاجات السلمية، بما في ذلك التعذيب أثناء الاحتجاز. ولم تتم الاستجابة للمطالبة بإجراء التحقيق المناسب في سلوك قوات الأمن.

وقال بيراج باتنايك، مدير برنامج جنوب آسيا في منظمة العفو الدولية: “محاولات السلطات لسحق أي شكل من أشكال النقد، وقمع حرية التعبير، كانت بلا رحمة، بقدر ما كانت متوقّعة، حيث من تجرأ على التحدث علناً ضد الحكومات القمعية غالبًا ما يدفع ثمناً باهظًا”.

“يتم إخبار الآسيويين بأن تطلعاتهم إلى مجتمعات أكثر عدالة ما هي إلا أوهام؛ وأن التفاوتات الاقتصادية لا يمكن علاجها؛ وأن ظاهرة الاحتباس الحراري لا يمكن تفاديها، ولا يمكن تجنب الكوارث الطبيعية. وما قيل بصورة قاطعة إلى حد كبير هو أن تحدي هذا الخطاب لن يتم التسامح معه”.

الأقليات تشعر بهول القومية المتعصبة

في الهند والصين، كان مجرد احتمال وقوع عصيان، في المناطق ذات الحكم الذاتي اسمياً، كافياً لاستنفار القوة الكاملة للدولة، باعتبار الأقليات تهديدًا “للأمن القومي”، عندما يعتبر ذلك ملائماً.

ففي مقاطعة شينجيانغ الصينية، تم احتجاز ما يصل إلى مليون من الأويغور، وغيرهم من الأقليات العرقية ذات الأغلبية المسلمة، قسراً في معسكرات “القضاء على التطرف”.  

وقد شهدت كشمير، الولاية الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة في الهند، إلغاء وضعها الخاص المتمتع بالحكم الذاتي، حيث فرضت السلطات حظر التجول، وقطعت الوصول إلى جميع وسائل الاتصال، واحتجزت الزعماء السياسيين.

وفي سري لنكا، حيث اندلعت أعمال عنف ضد المسلمين في أعقاب تفجيرات عيد الفصح يوم الأحد، أدى انتخاب الرئيس جوتابايا راجاباكسا إلى تضاؤل الآمال في تقدم حقوق الإنسان. وواصل رجل آخر يصف نفسه بالرجل القوي، وهو الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي، “حربه الدامية على المخدرات”.

لقد حاولت الحكومات تبرير القمع من خلال شيطنة منتقديها على أنهم بيادق لـ “قوى أجنبية”، وتشديد هذا القمع من خلال عمليات وسائل التواصل الاجتماعي المعقدة. ولم تحاول رابطة بلدان شرق آسيا (آسيان)، ولا رابطة بلدان جنوب آسيا للتعاون الاقتصاي الإقليمي (سارك)، وهما الهيئتان الإقليميتان الرئيسيتان، مساءلة أعضائها، حتى في حالة وقوع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

وقد تُرك الأمر للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها جيش ميانمار في ولاية أراكان ضد الروهينيغيا في عام 2017. وتنظر المحكمة أيضًا في الآلاف من عمليات القتل التي تقوم بها الشرطة في الفلبين، وتستمع إلى جلسة استئناف بشأن قرارها بعدم السماح بإجراء تحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في أفغانستان.

وفي الوقت نفسه، أدت سياسات الاحتجاز الخارجية وراء البحار الشنيعة التي تتبعها أستراليا إلى ترك اللاجئين وطالبي اللجوء يعانون من تدهور الحالة البدنية والعقلية في جزر المحيط الهادئ ناورو ومانوس وبابوا غينيا الجديدة.

إحراز تقدم رغم الصعاب

تعرض الذين يتحدثون علناً ضد هذه الأعمال الوحشية للعقاب بشكل روتيني، إلا نضالهم قد أحدث فرقًا. وكان هناك العديد من الأمثلة التي أثمرت فيها الجهود المبذولة لتحقيق تقدم في مجال حقوق الإنسان في آسيا.

ففي تايوان، أصبح زواج المثليين قانونيًا في أعقاب حملات دؤوبة للنشطاء. وفي سري لنكا، قام المحامون والنشطاء بحملة ناجحة ضد استئناف عمليات الإعدام.

وأُجبرت بروناي على التراجع عن إنفاذ القوانين لجعل “الزنا” وممارسة الجنس بين الرجال يعاقب عليها بالرجم، في حين واجه رئيس الوزراء الماليزي السابق نجيب رزاق المحاكمة بتهم الفساد، لأول مرة.

وتعهدت الحكومة الباكستانية بمعالجة مشكلة التغير المناخي وتلوث الهواء، وتم تعيين امرأتين قاضيتين في المحكمة العليا في جزر المالديف لأول مرة.

وفي هونغ كونغ، أجبرت قوة الاحتجاج الحكومة على سحب مشروع قانون تسليم “المجرمين”.. ومع ذلك، ومع عدم إجراء المساءلة عن شهور من الانتهاكات ضد المتظاهرين، يستمر النضال.

واختتم نيكولاس بيكيلين قائلاً: “لقد تعرض المحتجون في شتى أنحاء آسيا خلال عام 2019 لقمع وحشي، فسقط منهم قتلى وجرحى، ولكن ذلك لم يحطم عزيمتهم. ولم تفلح القيود الخانقة في إسكات أصواتهم. لقد وجهوا معاً رسالة تحد قوية للحكومات التي تواصل انتهاك حقوق الإنسان من أجل إحكام قبضتها على السلطة”.

 * يتوفر ملخص عنا التقرير باللغة العربية هنا