السياسات القمعية التي تنطوي على تمييز على أساس الجنس تُحفِّز على الكفاح الجريء من أجل حقوق المرأة في عام 2018

  • منظمة العفو تنشر تقريراً حول أوضاع حقوق الإنسان في عام 2018

مع إطلاق تقريرها الخاص بمراجعة حالة حقوق الإنسان خلال العام المنصرم، قالت منظمة العفو الدولية اليوم: “ما فتئت النساء الناشطات حول العالم يقفن على خط المواجهة في النضال من أجل حقوق الإنسان في عام 2018.

في عام 2018 شهدنا العديد من هؤلاء الذين نصّبوا أنفسهم على أنهم “رجال أشداء”، وهم الزعماء الذين يحاولون تقويض مبدأ المساواة بحد ذاته- الذي يُعتبر الأساس الصلب الذي يقوم عليه قانون حقوق الإنسان. ويعتقد هؤلاء الزعماء أن سياساتهم تجعلهم أشداء، ولكنها في الحقيقة ليست سوى “أساليب” تَنمُّر يحاولون بواسطتها شيطنة واضطهاد المجتمعات المهمَّشة والضعيفة أصلاً

الأمين العام لمنظمة العفو الدولية كومي نايدو

وتحذِّر هذه المنظمة العاملة في مجال حقوق الإنسان من أن أفعال زعماء العالم الذين يلعبون دور “الرجال الأشداء”، والذين يدفعون باتجاه تبني السياسات التي تنطوي على ازدراء المرأة ورُهاب الأجانب ورُهاب المثلية، قد عرَّضت الحريات والحقوق التي اكتُسبت منذ فترة طويلة لخطر جديد.

وقال الأمين العام لمنظمة العفو الدولية كومي نايدو: “في عام 2018 شهدنا العديد من هؤلاء الذين نصّبوا أنفسهم على أنهم “رجال أشداء”، وهم الزعماء الذين يحاولون تقويض مبدأ المساواة بحد ذاته- الذي يُعتبر الأساس الصلب الذي يقوم عليه قانون حقوق الإنسان. ويعتقد هؤلاء الزعماء أن سياساتهم تجعلهم أشداء، ولكنها في الحقيقة ليست سوى “أساليب” تَنمُّر يحاولون بواسطتها شيطنة واضطهاد المجتمعات المهمَّشة والضعيفة أصلاً”.

“بيد أن النساء الناشطات هن اللائي قدَّمن هذا العام الرؤية الأقوى لكيفية خوض الكفاح للتصدي الزعماء القمعيين”.

وتُنشر نتائج المراجعة في تقرير “الحقوق اليوم“، وهي مراجعة رئيسية تتضمن تحليلاً لحالة حقوق الإنسان في سبع مناطق حول العالم، هي: أفريقيا، والأمريكيتان، وشرق آسيا، وأوروبا ووسط آسيا، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وجنوب آسيا، وجنوب شرق آسيا. ويتم إطلاقها بمناسبة الذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان- الذي يمثل شرعة الحقوق العالمية الأولى التي اعتمدتها حكومات العالم في عام 1948.

2018: النساء ينهضن

يقول التقرير إنه ينبغي عدم التقليل من شأن القوة المزدهرة لأصوات النساء. ففي حين أن حركات حقوق المرأة أصبحت راسخة تماماً، فإن النساء الناشطات نجحن في احتلال العناوين الرئيسية الخاصة بحقوق الإنسان في العام الماضي. واستطاعت حركات تقودها نساء، من قبيل “ني أونا مينوس” الأمريكية اللاتينية، تحفيز حركات جماهيرية معنية بقضايا حقوق المرأة على نطاق غير مسبوق.

ففي الهند وجنوب أفريقيا خرج آلاف الأشخاص إلى الشوارع للاحتجاج على آفة العنف الجنسي. وفي السعودية وإيران على التوالي، خاطرت النساء الناشطات باحتمال التعرض للاعتقال بهدف مقاومة حظر قيادة السيارة، وارتداء الحجاب الإلزامي. وفي الأرجنتين وأيرلندا وبولندا، خرج المتظاهرون بأعداد ضخمة للمطالبة بوضع حد لقوانين الإجهاض القمعية. وفي الولايات المتحدة وأوروبا وبعض أنحاء في آسيا انضمَّ ملايين الأشخاص إلى مسيرة النساء الثانية بقيادة حركة #MeToo للمطالبة بوضع حد لازدراء المرأة وغيره من الانتهاكات.

غير أن التقرير يشير إلى أننا لا نستطيع الاحتفاء بالصعود الهائل لأنشطة النساء، بدون التعامل مع القوة المحركة التي تقف وراء سبب احتشاد العديد من النساء للمطالبة بالتغيير.  

يقول كومي نايدو: “لطالما وُضعت حقوق المرأة كدرجة أدنى بالنسبة للحقوق والحريات الأخرى من قبل الحكومات التي تعتقد أن باستطاعتها أن تقول كلمات جوفاء حول هذه القضايا، في الوقت الذي لا تفعل شيئاً يُذكر في الواقع لحماية حقوق نصف السكان”.

“أما الأسوأ من ذلك فهو أن العديد من زمرة الزعماء الحاليين في العالم شنُّوا هجمات جديدة على حقوق المرأة بسردياتهم التي تزدري المرأة وتزرع الشِقاق. ويحاول هؤلاء الزعماء أن يحاججوا بأنهم يوفرون الحماية للقيم التقليدية التي تمثل مصالح العائلات. ولكن الحقيقة تقول إنهم يدفعون بأجندات تُحرِم المرأة من الحق الأساسي في المساواة”.

إن تقرير “الحقوق اليوم” يشير إلى مجموعة متزايدة من السياسات والقوانين المصمَّمة لإخضاع النساء والسيطرة عليهن، ولا سيما فيما يتعلق بالصحة الجنسية والإنجابية، ومن بينها الضغوط التي يمارسها صانعو القوانين البولنديون والغواتيماليون بهدف الدعوة إلى سن قوانين إجهاض أشد صرامة، في حين أن تخفيض التمويل لعيادات تنظيم الأسرة في الولايات المتحدة أدى إلى تعريض صحة ملايين النساء للخطر.

وخاطرتْ النساء الناشطات بحياتهن وحرياتهن في سبيل تسليط الأضواء على مظالم حقوق الإنسان. ومن بين هؤلاء عهد التميمي، وهي طفلة فلسطينية ناشطة سُجنت ظلماً بسبب تجرؤها على الوقوف مع شعبها؛ ولجين الهذلول وإيمان النفجان وعزيزة اليوسف، وهن الناشطات الثلاث المعتقلات حالياً في السعودية بسبب نضالهن من أجل حقوق المرأة؛ ومارييل فرانكو التي قُتلت بصورة وحشية في البرازيل، في وقت سابق من هذا العام، لأنها ناضلت بلا خوف من أجل حقوق الإنسان.

عام 2019: علامة مميزة لتحويل مجرى التيار لصالح حقوق المرأة

أشار كومي نايدو إلى أن الذكرى السنوية للصك الدولي لحقوق المرأة في عام 2019- وهي اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)- ستكون بمثابة شاخص مهم على الطريق، لا يمكن لهذا العالم أن يتجاهله.

إن هذا الصك، الذي سيبلغ الأربعين من العمر في العام القادم، يجري اعتماده على نطاق واسع. ومع ذلك فإن العديد من الحكومات اعتمدته بشرط أن يكون بإمكانها رفض أحكام رئيسية فيه مصمَّمة لضمان حريات النساء، من قبيل اتبِّاع سياسة وطنية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في القانون والممارسة، والالتزام بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في الزواج وفي العلاقات العائلية.

إن منظمة العفو الدولية تحث الحكومات على اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان احترام حقوق المرأة- ولا تشمل هذه الإجراءات الالتزام بالمعايير الدولية فحسب، وإنما أيضاً الالتزام بإجراء تغييرات في القوانين الوطنية الضارة والتدابير الفاعلة الرامية إلى تمكين المرأة وحماية حقوقها.

وقال كومي نايدو: “إن وجود عدد كبير من البلدان التي قبلت جزئياً بالصك الدولي لحقوق المرأة يمثل دليلاً على أن العديد من الحكومات تعتقد أن حماية حقوق المرأة ليس سوى تمرين في مجال العلاقات العامة، من شأنه أن يحسِّن صورتها أمام العالم، وليس أولوية يتعين عليها التصدي لها بشكل عاجل وملحٍّ”.

“في سائر بلدان العالم يبلغ معدل الأجور التي تتقاضاها المرأة أقل بكثير مما يتقاضاه قرينها الرجل، وتتمتع بأمن وظيفي أقل بكثير، وتُحرم من الوصول إلى التمثيل السياسي من قبل الذين يتبوأون السلطة، وتواجه آفة العنف الجنسي التي تستمر الحكومات في تجاهلها. ويجب أن نسأل أنفسنا عن سبب ذلك. فلو كنا نعيش في عالم يواجه فيه الرجل هذا النوع من الاضطهاد، هل كان سيُسمح لهذا الظلم بالاستمرار؟

واختتم كومي نايدو قائلاً: “وأود أن أعترف بأن منظمة العفو الدولية تستطيع، ويجب أن تفعل ما هو أكثر من ذلك، من أجل حقوق المرأة. ومع دخول عام 2019، أصبحتُ أعتقد الآن أكثر من أي وقت مضى بأننا يجب أن نقف بصلابة مع الحركات النسائية، والعمل على إسماع صوتها بكل تنوعه، وأن نناضل من أجل الاعتراف بحقوقنا كافة”.