الأردن: يتعيَّن على الحكومة سحب مقترح تعديلات قانون الجرائم الإلكترونية

مع حلول موعد جلسة المراجعة لسجل الأردن في مجال حقوق الإنسان من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف اليوم، حذَّرت منظمة العفو الدولية من أن التعديلات المقترحة على قانون الجرائم الإلكترونية الوطني ستوجِّه ضربة قاصمة لحرية التعبير في الأردن.

إن التعديلات المقترحة على قانون الجرائم الإلكترونية في الأردن .المشوب بالعيوب أصلاً تثير بواعث قلق عميق.

هبة مرايف، مديرة مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية

وتشمل هذه التعديلات المقترحة تجريم خطاب الكراهية باستخدام تعريف فضفاض جداً للجريمة وتغليظ العقوبات، بما فيها فرض أحكام بالسجن لمدد أطول على جرائم الانترنت. وي من المحتمل التصويت على إقرار هذه التعديلات في أي وقت.

وقالت هبة مرايف، مديرة مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “إن التعديلات المقترحة على قانون الجرائم الإلكترونية في الأردن المشوب بالعيوب أصلاً تثير بواعث قلق عميق. فبدلاً من اتخاذ خطوات لحماية حقوق الأشخاص في استخدام الانترنت، يبدو أن السلطات تسير بخطوات إلى الوراء، حيث تُدخل تعديلات تنص على المزيد من قمع حرية التعبير”.

“ويتعين على السلطات الأردنية العمل على إلغاء جميع الأحكام القمعية الواردة في قانون الجرائم الإلكترونية الحالي، بما يتماشى مع القانون الدولي، وليس توسيع نطاقها بما يفرض مزيداً من القيود على أنشطة الأشخاص على الانترنت”.

وكانت التعديلات المقترحة على قانون الجرائم الإلكترونية لعام 2015 قد أُدخلت من قبل الحكومة الأردنية في عام 2017. وفي سبتمبر/أيلول 2018، أحال البرلمان تلك التعديلات إلى اللجنة القانونية البرلمانية لمناقشتها قبل تحديد موعد التصويت عليها. وقد يجري التصويت عليها في البرلمان في أي وقت في الأسابيع القادمة. كما أن بوسع الحكومة أن تقرر سحب التعديلات المقترحة.

ويتعين على السلطات الأردنية العمل على إلغاء جميع الأحكام القمعية الواردة في قانون الجرائم الإلكترونية الحالي، بما يتماشى مع القانون الدولي، وليس توسيع نطاقها بما يفرض مزيداً من القيود على أنشطة .الأشخاص على الانترنت

هبة مرايف

ويتمثل أحد هذه التعديلات المقترحة في إضافة خطاب الكراهية كجريمة جنائية يُعاقَب عليها بالحبس لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، ودفع غرامة تصل إلى 10,000 دينار أردني (حوالي 14,000 دولار أمريكي). بيد أن مسودة القانون تتضمن تعريفاً مُبهماً لخطاب الكراهية بأنه: “كل قول أو فعل من شأنه إثارة الفتنة، أو النعرات الدينية أو الطائفية أو العرقية أو الإقليمية أو التمييز بين الأفراد أو الجماعات”.

إن مثل هذا التعريف الفضفاض يمكن أن يشمل أموراً يحميها الحق في حرية التعبير، من قبيل الحق في نشر تعليقات على الانترنت، يمكن أن تُعتبر مسيئة للغاية، ولكنها لا تصل إلى حد خطاب الكراهية.

كما تتضمن مسودة قانون الجرائم الإلكترونية اقتراحاً بتجريم توزيع المقالات التي تصل إلى حد التشهير. وهذا يعني أنه يمكن حبس الأشخاص بسبب مشاركة مقال يُزعم أنه يتضمن التشهير على وسائل التواصل الاجتماعي.

إن للسلطات الأردنية سجلاً فظيعاً في مجال إسكات منتقديه، سواء على الانترنت أو في الواقع. ويتعين عليها إلغاء جميع القوانين التي تجرِّم .الحق في حرية التعبير

هبة مرايف

في الأسبوع الماضي كتب الملك عبدالله مقالاً في جريدة “جوردان تايمز” أكَّد فيه على الحاجة الملحة لتطوير تشريعات جديدة “للقضاء على الشائعات والأخبار المضلِّلة ومنع التحريض على الكراهية،” في ما بدا أنه إشارة إلى دعمه للتعديلات المقترحة. كما حذَّر الملك من أن “كل من يسيء إلى أردني- سواء من عائلتي الكبيرة أو الصغيرة- فهو يسيء لي شخصياً”.

وتنص المادة 195 من قانون العقوبات الأردني على أنه يُعاقب بالحبس لمدة تصل إلى ثلاث سنوات على جريمة “إطالة اللسان على الملك”.

واختتمت هبة مرايف قائلة: “إن للسلطات الأردنية سجلاً فظيعاً في مجال إسكات منتقديه، سواء على الانترنت أو في الواقع. ويتعين عليها إلغاء جميع القوانين التي تجرِّم الحق في حرية التعبير”.

وقد أشار تقرير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قبيل موعد جلسة المراجعة الدوري الشامل المقرر في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، إلى أن حرية التعبير في الأردن شهدت تراجعاً حاداً في الأشهر الأخيرة.

خلفية

لقد منحت المعايير الدولية لحقوق الإنسان قيمة عليا على التعبير الحر في سياق “النقاش العام المتعلق بالشخصيات العامة في المجال السياسي والمؤسسات العامة.” وكانت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان واضحة في هذا الشأن، إذ تقول: “إن مجرد اعتبار أشكال من التعبير مهينة لشخصية عامة ليس كافياً لتبرير فرض عقوبات على صاحبها”. وإن منظمة العفو الدولية تعارض القوانين التي تحظر إهانة أو عدم احترام رؤساء الدول أو الشخصيات العامة، بالإضافة إلى القوانين التي تجرِّم التشهير، سواء كان ضد الشخصيات العامة أو الأفراد العاديين، الأمر الذي ينبغي التعامل معه كمسألة خاضعة للتقاضي المدني.