خمسة طرق أمام المملكة العربية السعودية لتحقيق إصلاح حقيقي في مجال حقوق الإنسان

في وقت سابق من الأسبوع الحالي، قدَّم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود تعهداً علنياًبالعمل على “تحديث” المملكة العربية السعودية، مما يشير إلى احتمال أن تكون هناك إصلاحات جوهرية على قائمة الأولويات في المملكة.

ومنذ تعيين ولي العهد السعودي في منصبه، في يونيو/حزيران 2017، ليكون من الناحية الرسمية خليفة للملك، بدأ في تنفيذ حملة علاقات عامة واسعة لتحسين صورة المملكة على الصعيد العالمي.

فقبل بضعة أسابيع، أعلنت السلطات السعودية بأن النساء في البلاد سوف يحصلن أخيراً على الحق في قيادة السيارات. ولا شك أن هذا القرار يمثل خطوة إلى الأمام بالنسبة للمرأة السعودية، كما يُعد بمثابة شهادة على صحة مواقف الناشطات المدافعات عن حقوق المرأة في البلاد، واللاتي ناضلن على مدى سنوات عديدة لنيل هذا الحق، إلا إن هذه الخطوة تأخرت كثيراً عن موعدها، كما إنها لا يمكن أن تحجب الحقيقة المتمثلة في أن المرأة السعودية تواجه تمييزاً واسع النطاق في شتى جوانب الحياة الأخرى.

وقد امتدح بعض المعلقين الوعود التي أطلقها ولي العهد السعودي بالإصلاح باعتبارها مؤشرات على أن ثمة تغييراً يلوح في الأفق في المملكة العربية السعودية. ومع ذلك، فمن المهم عدم إغفال الصورة الأكبر للوضع، ومؤداها أن المملكة العربية السعودية هي واحدة من أكثر بلدان العالم التي ترتكب أسوأ الانتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان. فلم تشهد الشهور التي أعقبت تعيين ولي العهد أية تحسينات، بل على العكس لقد استمر التدهور في سجل المملكة المزري في مجال حقوق الإنسان.

وفيما يلي خمسة إجراءات جوهرية يتعين على السلطات السعودية أن تبادر بتنفيذها على وجه السرعة لكي تبرهن على التزامها حقاً بالإصلاح:

1- إنهاء استخدام عقوبة الإعدام

لا تزال المملكة العربية السعودية في مقدمة دول العالم التي تنفذ عمليات إعدام. فمنذ بدء العام الحالي وحتى الآن، أُعدم ما لا يقل عن 110 أشخاص، وأُعدم 70 منهم منذ يوليو/تموز. وعادةً ما تصدر أحكام الإعدام في المملكة العربية السعودية إثر محاكمات جائرة، وفي بعض الحالات تصدر مثل هذه الأحكام بعد أن يكون المتهمون قد تعرضوا للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة لإجبارهم على “الاعتراف”. كما استُخدمت عقوبة الإعدام كسلاح سياسي لإسكات المعارضة ولاستهداف أبناء الأقلية الشيعية. ومن بين المسجونين على ذمة حكم الإعدام أربعة من الأحداث الجانحين صدر ضدهم الحكم بسبب جرائم ارتُكبت وهم دون سن الثامنة عشرة.

2- الكف عن قمع حرية التعبير

لا يزال المدافعون عن حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية يتعرضون لاعتداءات متكررة ويواجهون محاكمات ومضايقات واسعة النطاق في محاولة لقمع أنشطتهم السلمية. ويقبع جميع النشطاء المستقلين البارزين في البلاد تقريباً خلف قضبان السجون دونما سبب سوى ممارسة حقهم في حرية التعبير. كما شنَّت السلطات، في غضون الشهور الأخيرة، موجة اعتقالات ألقت خلالها القبض على ما لا يقل عن 20 من القيادات الدينية والكتاب والصحفيين والأكاديميين والنشطاء.

3- الكف عن اضطهاد أبناء الأقلية الشيعية

لطالما عانى أبناء الأقلية الشيعية في المملكة العربية السعودية من التمييز، فضلاً عن الاعتقال والسجن والمضايقة في محاولة لترهيبهم ومن ثم إسكاتهم. وقد استهدفت السلطات على وجه الخصوص النشطاء في المنطقة الشرقية من المملكة، والتي ينتمي أغلب سكانها إلى الطائفة الشيعية، للاشتباه في مشاركتهم في مظاهرات احتجاج أو في تأييدهم لها، أو لقيامهم بالتعبير عن آراء تنتقد الحكومة. وفي الفترة الأخيرة، استُخدمت عقوبة الأعدام كسلاح سياسي لمعاقبة أبناء الطائفة الشيعية، لإقدامهم على التظاهر احتجاجاً على المعاملة التي يلقونها وعلى قمع المعارضة. ويوجد في السجون حالياً ما لا يقل عن 34 من أبناء الطائفة الشيعية الذين حُكم عليهم بالإعدام إثر إدانتهم بتهم تتعلق بالأمن القومي.

4- إنهاء التمييز المنظم ضد المرأة

بالرغم من الإعلان مؤخراً عن السماح للنساء بقيادة السيارات، فإن المرأة في المملكة العربية السعودية لا تزال تعاني من التمييز على نطاق واسع، في ظل نظام الوصاية القمعي، حيث تخضع كل فتاة وامرأة لولي أمر من الذكور له سلطة اتخاذ القرارات بالنيابة عنها. ومن الضروري أن تبادر السلطات السعودية على وجه السرعة بإصلاح القوانين التي تعامل المرأة باعتبارها مواطناً من الدرجة الثانية بالمقارنة مع الرجل، وخاصة في الأمور الأسرية، مثل الزواج والطلاق وحضانة الأطفال والميراث.

5- الكف عن قتل المدنيين في غمار النزاع في اليمن

تفيد بحوث منظمة العفو الدولية بأن المملكة العربية السعودية، التي تقود التحالف العسكري في اليمن، قد ارتكبت، هي وجميع أطراف النزاع في اليمن، انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، من خلال شن هجمات غير مشروعة، على ما يبدو، بل وينبغي التحقيق في بعضها باعتبارها جرائم حرب.

ففي غضون السنوات الأخيرة، قتلت قوات التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية وأصابت آلاف المدنيين خلال النزاع في اليمن، وبين الضحايا كثير من الأطفال. ويفيد التقرير السنوي عن “الأطفال والنزاعات المسلحة”، الصادر عن الأمين العام للأمم المتحدة، أن 683 طفلاً قد قُتلوا أو أُصيبوا في عام 2016 على أيدي قوات التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية. كما أقدمت قوات التحالف على استخدام ذخائر عنقودية، وهي عبارة عن أسلحة متفجرة مميتة تتسم بعدم التمييز بحكم طبيعتها، وهي محظورة على نطاق واسع بموجب القانون الدولي بسبب الإصابات المروِّعة التي يمكن أن تُلحقها بالمدنيين.