الولايات المتحدة الأمريكية: عودة أمر حظر السفر الذي يتسم بالتعصب ضد المسلمين سوف يتسبب في أضرار هائلة

حذرت منظمة العفو الدولية في تقرير موجز صدر اليوم من أن الأمر التنفيذي الذي أصدرته إدارة ترامب بشأن السفر، والمقرر أن تنظر فيه محكمة استئناف اتحادية يوم الاثنين، من شأنه أن يلحق الضرر بالعديد من المهاجرين والمواطنين الأمريكيين على حد سواء إذا سُمِحَ بدخوله حيز التنفيذ.

وقالت جوان مارينر، كبيرة مستشاري الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية “لقد شتت أمر حظر السفر الذي أصدره الرئيس ترامب عائلات عدة، وبث رسالة تشدد وتعصب. إن هذا الحظر الضار والقائم على التمييز ينبغي له أن يلقى أقصى ما يمكن من التمحيص القضائي المدقق”.

ويبين التقرير الموجز، وهو مبادرة مشتركة لمنظمة العفو الدولية ومشروع “تحقيق المحاسبة والمسؤولية في إنفاذ القانون” بكلية القانون في جامعة مدينة نيويورك والمعروف اختصاراً باسم مشروع “كلير”، تَعَارُضَ حظر السفر الذي فرضه الرئيس ترامب مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، ومخالفته لمعاهدات تعهدت الولايات المتحدة بالالتزام بها. وتشمل المذكرة التي تستند إلى مقابلات مع ما يزيد على 30 شخصاً، تضرروا من الحظر، من بينهم 12 دراسة حالة للأضرار التي لحقت بأفراد وأسر من اليمن، وإيران، والسودان، وغيرها جراء الحظر.

لقد شتت أمر حظر السفر الذي أصدره الرئيس ترامب عائلات عدّة، وبث رسالة تشدد وتعصب.

جوان مارينر، كبيرة مستشاري الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية

ولم يستمر سريان الأمر التنفيذي الأول سوى أسبوع قبل أن تأمر محكمة اتحادية في سياتل بوقف تنفيذه على مستوى البلاد بأسرها، في حكم أيدته محكمة الاستئناف. ومع ذلك، فقد نجح الأمر التنفيذي خلال تلك المدة، على قصرها، في إفساد حياة العديد من الأشخاص. ولم تخفف التعديلات التي أُدخِلَت على الأمر الأصلي من إرباكه لحياة الناس.

وقالت مارغريت هوانغ، المديرة التنفيذية لفرع منظمة العفو الدولية في الولايات المتحدة الأمريكية “لقد كان هذا الأمر محاولة سافرة لتحويل التمييز ضد المسلمين إلى قانون. وبينما تقضي المحاكم برفضه الواحدة تلو الأخرى، فللكونغرس السلطة التي تمكنه من وضع حد له الآن من خلال إصدار تشريع يبطله نهائياً. فلا يمكن للأسر والأفراد الذين عمت حياتهم الفوضى وعدم اليقين أن ينتظروا”.

ويبين التقرير مدى الكلفة الإنسانية للأمر التنفيذي الذي شتت أسراً، وأفسد خطط الناس التي وضعوها لحياتهم بعناية، وسبب معاناة وجدانية هائلة.

واضطر براء ح. (ليس اسمه الحقيقي) وزوجته إلى ترك ابنتهما الرضيعة في ماليزيا في رعاية أصدقاء، خوفاً من منع أسرته من دخول الولايات المتحدة بشكل دائم بسبب جنسيتها اليمنية. وقال براء لمنظمة العفو الدولية “كان خياراً بالغ القسوة”، لكنه يراه خياراً فُرِضَ عليه فرضاً.

وانفصل طبيب سوداني يجري دراسات عليا في الطب الباطني عن زوجته وطفله الرضيع الذي يبلغ عمره أربعة أشهر في دبي حيث خشى أن يضطروا للبقاء هناك شهوراً. وقال “كانت معضلة كبيرة لكل منا. لم نكن نعرف ماذا ستكون النتيجة النهائية.”

ويصف باحث باكستاني شمل الحظر زوجته الإيرانية، ومُنعت من ركوب الطائرة مرتين تلك التجربة قائلاً “ربما كان أفظع أسبوع في حياتي”.

وقد تحركت المحاكم على وجه السرعة لإلغاء الحظر، لكن امرأة سورية مُنِعَت في البداية من السفر إلى الولايات المتحدة شددت على الألم والقلق اللذين سببهما الأمر التنفيذي.

وقالت موضحة “كانت المشاعر المؤلمة هي الأمر الأكثر فداحة. إنه أمر يجعلك تشعر بأنه كائناً من كنت، وأياً كان ما تحققه، فدائماً ما ستُطلَقُ عليك صفة سلبية ما”.

وحتى الأشخاص الذين عاشوا عشرات السنين في الولايات المتحدة أصابهم الحظر بصدمة. وقالت مواطنة أمريكية من أصل إيراني جاءت لتعيش في الولايات المتحدة وعمرها ثمانية أعوام إن الأمر التنفيذي أصابها في صميم فؤادها.

وأضافت بصوت متهدج “كان شيئاً يفطر القلب. تحولت بين عشية وضحاها من الشعور بأنني أمريكية إلى الشعور وكأنني دخيلة في بلدي”.

وتابعت موضحة “شعرت وكأن بلدي لا يريدني. شعرت وكأنهم إن استطاعوا أن ينزعوا عني جنسيتي لفعلوا”.

وبالإضافة إلى توثيق الأضرار التي سببها الأمر التنفيذي الأول للرئيس ترامب خلال المدة الوجيزة نسبياً التي سرى مفعوله فيها، يصف التقرير أوضاع الأشخاص الذين ينتظرون الحصول على تأشيرة دخول أمريكية، والذين قد تلحق بهم أضرار يتعذر إصلاحها إذا قضت المحاكم الأمريكية بأن الأمر التنفيذي الثاني دستوري.

وتعيش لاجئة إيرانية من المتحولين جنسياً، لها عامان تنتظر إعادة توطينها في الولايات المتحدة، في وضع تتعرض فيه للمضايقات والإساءات. وقالت “لم أعد في استطاعتي تحمل العيش على ذلك النحو. كل ما أريده هو أن أعيش في مكان آمن”.

وتعاونت منظمة العفو الدولية ومشروع “كلير” في إجراء البحوث اللازمة لإعداد المذكرة التوضيحية. وخلال مدة سريان الأمر التنفيذي الأول قام طلاب القانون والمحامون في “كلير” بتقديم المشورة القانونية لعشرات المهاجرين واللاجئين الذين تقطعت بهم السبل في الخارج، أو كانوا في طريقهم إلى الولايات المتحدة، أو احتُجِزُوا في المطارات الأمريكية. وأحال العاملون في مشروع كلير بعض هؤلاء الأشخاص إلى منظمة العفو الدولية لإجراء مقابلات معهم، وقدموا المعلومات والتحليلات بخصوص تأثير الأمر التنفيذي.

وستستمع محكمة استئناف الدائرة التاسعة إلى المرافعات الخاصة بالطعن في أمر الرئيس ترامب التنفيذي يوم الإثنين 15 مايو/أيار؛ وكانت محكمة استئناف الدائرة الرابعة قد استمعت قبل أربعة أيام إلى المرافعات الخاصة بطعن مواز. وقدمت منظمة العفو الدولية مع مجموعة من أساتذة القانون والمنظمات غير الحكومية مذكرة قانونية إلى المحكمتين بصفة صديق للمحكمة.

وقالت جوان مارينر “إذا سُمِحَ بدخول حظر السفر حيز التنفيذ فسيسبب معاناة رهيبة لبعض الناس الأكثر ضعفاً في العالم. وقد كانت المحاكم محقة حتى الآن في اعتراض هذه السياسة المشينة”.

يمكن الاطلاع على التقرير الموجز “‘كانت أسرتي في حالة ذهول’: الضرر الناجم عن أمري الرئيس ترامب التنفيذيين بخصوص السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية” في موقع منظمة العفو الدولية: amnesty.org