البحرين: مخاوف من وقوع المزيد من أعمال القمع العنيف في ذكرى الانتفاضة

 مع اقتراب الاحتجاجات الجماهيرية في 14 فبراير/شباط لإحياء الذكرى السادسة لانتفاضة عام 2011، حثت منظمة العفو الدولية السلطات البحرينية على الامتناع عن استخدام القوة المفرطة ضد المحتجين؛ إذ أن البحرين تقف على شفير أزمة إنسانية، حيث شهدت الأسابيع الأخيرة نمطاً من القمع المتزايد الذي اتسم باستخدام العنف ضد المحتجين وعمليات الإعدام وقمع حرية التعبير.

وقالت لين معلوف، نائبة مدير قسم البحوث بالمكتب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في بيروت: “لقد وصلت البحرين إلى نقطة حرجة؛ إذ شهد الشهران الأولان من العام 2017 وحدهما ارتفاعاً مُقلقاً في معدلات استخدام القوة التعسفية والمسيئة على أيدي قوات الأمن، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات الإعدام الأولى منذ عام 2011.”

“ويتعين على السلطات كبح جماح قوات الأمن واحترام الحق في التجمع والتعبير وتكوين الجمعيات والانضمام إليها، ووقف الإعدامات، وإلا فإن ثمة مخاطر من انفجار أزمة حقوق الإنسان بشكل كامل ووشيك.”

لقد وصلت البحرين إلى نقطة حرجة؛ إذ شهد الشهران الأولان من العام 2017 وحدهما ارتفاعاً مُقلقاً في معدلات استخدام القوة التعسفية والمسيئة على أيدي قوات الأمن، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات الإعدام الأولى منذ عام 2011

لين معلوف، نائبة مدير قسم البحوث في المكتب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في بيروت

وعشية 12 فبراير/شباط، خرج مئات المتظاهرين إلى الشوارع في عدد من القرى احتجاجاً على عدم سماح السلطات لهم بالمشاركة في مراسم دفن ثلاثة رجال قُتلوا على أيدي قوات خفر السواحل، في 9 فبراير/شباط، عقب فرارهم من سجن جو في 1 يناير/كانون الثاني. ودعا رجال الدين الشيعة إلى تنظيم مسيرات جماهيرية احتجاجاً على ذلك، وقد حافظ بعض تلك المسيرات على الطابع السلمي، بينما تحوَّل البعض الآخر إلى العنف. وحصلت منظمة العفو الدولية على تقارير وصور تتعلق بوقوع إصابات ناجمة عن طلقات البنادق في الظهر والأذن والقدم والرِّجْل. وفي سترة تم تصوير فيلم فيديو لمركبة مدرعة كبيرة وهي تندفع نحو المحتجين، وبدا أنها كانت تطلق قنابل الغاز المسيل للدموع على مستوى الأجساد، مما تسبب في وقوع إصابات. ثم تم تفجير المركبة وأعلنت جماعة تدعى “المقاومة لوحدة الاعلام الحربي” مسؤوليتها عن الحادثة، ولم ترد السلطات البحرينية علناً على ذلك الهجوم.

وفي 15 يناير/كانون الثاني 2017، أُعدم ثلاثة رجال في البحرين بعد قضاء نحو سبع سنوات على فترات متقطعة، وإثر محاكمة جائرة على نحو صارخ. ورداً على ذلك، اندلعت احتجاجات في 20 قرية في شتى أرجاء البلاد، وتحوّل عدد منها إلى العنف، حيث شوهدت مركبات مدرعة تابعة للحكومة تندفع نحو المحتجين وتكاد تدهسهم، فضلاً عن استخدام القوات الحكومية قنابل الغاز المسيل للدموع وبنادق الخرطوش ضد المحتجين بشكل مباشر.

ومنذ ذلك الحين استمر ارتفاع حدة التوتر، حيث قُبض على عشرات الأشخاص بعد 15 يناير/كانون الثاني، ومن بينهم منير مشيمع، شقيق سامي مشيمع، أحد الرجال الثلاثة الذين أُعدموا. وقد قُبض عليه عقب تشييع جنازة شقيقه مباشرة، واتُهم “بإهانة الملك” أثناء مراسم الدفن، ثم أُطلق سراحه في اليوم التالي.

وشاهدت منظمة العفو الدولية شريط فيديو لرجال مسلحين يرتدون أقنعة سوداء وهم يطلقون النار من بنادق خرطوش شبه آلية “بنيلي” خلال المصادمات التي وقعت في الدراز في 26 يناير/كانون الثاني. ومن غير الواضح ما إذا كان أولئك الملثمون يطلقون ذخيرة حية، أو ذخائر أقل فتكاً، للسيطرة على حوادث الشغب. كما شوهد فريق من الرجال الملثمين وهم يحملون مسدسات شبه آلية جاهزة للإطلاق، بالإضافة إلى رجل آخر يحمل سلاحاً شخصياً من طراز MP7.

وفي بعض الحالات لجأ المحتجون إلى استخدام العنف ضد قوات الأمن، حيث ألقوا زجاجات حارقة وأضرموا النار في الإطارات، مما تسبب في إصابة اثنين من أفراد الأمن بجروح، وقتل اثنين آخرين، وفقاً لبيان وزارة الداخلية. وفي 14 يناير/كانون الثاني، أُطلقت النار على شرطي في بني جمرة، وتوفي متأثراً بجراحة في وقت لاحق. وفي 29 يناير/كانون الثاني، أُردي شرطي غير مناوب برصاص رجال مسلحين في “البلاد القديم”.  

وفي 29 يناير/كانون الثاني، أيضاً اندلع المزيد من الاحتجاجات، حيث خرج آلاف الأشخاص للاحتجاج السلمي على محاكمة الشيخ عيسى قاسم، الزعيم الروحي لجمعية “الوفاق” المعارضة التي جرى حلها في يوليو/تموز 2016.

وقالت لين معلوف: “ما فتئت الحكومة البحرينية، وعلى مدى ست سنوات، تدعي أنها اتخذت خطوات حقيقية نحو الإصلاح واحترام التزاماتها في مجال حقوق الإنسان، ومنها محاكمة الأشخاص المسؤولين عن الانتهاكات التي ارتُكبت إبان انتفاضة في عام 2011. بيد أن الأسابيع القليلة الماضية شهدت تجديد نمط مقلق جداً للانتهاكات، ومنها الاعتقال التعسفي والتعذيب، الذي أسهم استمرار مناخ الإفلات من العقاب في تسهيل ارتكابها.”

وعلى الرغم من هذه الادعاءات عمدت الحكومة البحرينية إلى قمع حرية التعبير على مدى السنوات الست الماضية من خلال زيادة القيود التعسفية على وسائل الإعلام، وحظر الاحتجاجات في المنامة، وحبس الأشخاص الذين يجهرون بآرائهم.

ففي عام 2016، مثلاً سُجن المدافع البارز عن حقوق الإنسان نبيل رجب مرة أخرى، وتم حلُّ “جمعية الوفاق” المعارضة، وإسقاط جنسية زعيمها الروحي الشيخ عيسى قاسم بصورة تعسفية، والحكم على الأمين العام للجمعية الشيخ علي سلمان بالسجن لمدة تسع سنوات، بسبب إعلان الهدف السلمي للجمعية المتعلق بتحقيق المطالب الإصلاحية لانتفاضة عام 2011، ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان.

وفي 16 يناير/كانون الثاني أصدرت وزارة الإعلام أمراً بوقف تداول النسخة الإلكترونية لصحيفة “الوسط” المستقلة بتهمة “تكرار قيام الجريدة بنشر وبث ما يثير الفرقة في المجتمع وروح الشقاق والمساس بالوحدة الوطنية وتكدير السلم العام.”وفي 19 يناير/كانون الثاني، سمحت وزارة الثقافة بصدور النسخة الإلكترونية لصحيفة الوسط.

ولا تزال الحكومة البحرينية تحتجز الدكتور علي العكري وأحد عشر ناشطاً معارضاً، من بينهم عبد الهادي الخواجة وحسن مشيمع، ممن قُبض عليهم بسبب معارضتهم السلمية للحكومة إبان انتفاضة عام 2011. وقد زعم العديد من المعتقلين أنهم تعرضوا للتعذيب خلال استجوابهم، ووصفوا كيف تعرضوا للضرب، وأُرغموا على الوقوف لفترات طويلة/ وتلقوا تهديدات بالاغتصاب من قبل أفراد جهاز الأمن الوطني.

واختتمت لين معلوف بقولها: “إن الدكتور علي العكري والنشطاء المعارضين الأحد عشر الآخرين هم جميعاً سجناء رأي ما زالوا يقبعون خلف القضبان بسبب مشاركتهم السلمية في الانتفاضة، ويجب على السلطات البحرينية ان تطلق سراحهم فوراً وبلا قيد أو شرط.”