البحرين: حقوق الإنسان على شفير الأزمة

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يتعين على السلطات البحرينية أن تسارع فوراً إلى تخفيف أحكام الإعدام الصادرة بحق رجليْن معرَّضيْن للإعدام الوشيك. وحذَّرت المنظمة من أن ردود الفعل القاسية على الاحتجاجات التي نُظمت ضد إعدام ثلاثة رجال رمياً بالرصاص، في 15 يناير/كانون الثاني، إنما تخاطر بزج البلاد في أتون أزمة حقوق الإنسان.

إن منظمة العفو الدولية تحث السلطات البحرينية على تخفيف أحكام الإعدام الصادرة بحق محمد رمضان وحسين علي موسى، اللذيْن حُكم عليهما بالإعدام، في ديسمبر/كانون الأول 2014، في أعقاب تفجير وقع في قرية الدير أودى بحياة رجل شرطة، في فبراير/شباط من نفس العام. ولم يُسمح لأيِّ من الرجلين بالاستعانة بمحام خلال التحقيقات. وقال محمد رمضان إنه كان قد احتُجز بمعزل عن العالم الخارجي، وتعرَّض للضرب والصعق الكهربائي على أيدي المحققين في إدارة التحقيقات الجنائية، في محاولة فاشلة لانتزاع اعتراف منه بالقوة. وقال حسين علي موسى إن “اعترافه” بتورط محمد رمضان انتُزع منه، بعد تعليقه من أطرافه في السقف، وضربه بشكل متكرر على مدى عدة أيام. ورفض المدعي العام البحريني مزاعم التعذيب تلك من دون أن يأمر بإجراء تحقيق فيها، واستُخدم “اعتراف” علي موسى لإدانة الرجليْن.

وقالت لين معلوف، نائبة مدير قسم البحوث في المكتب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في بيروت: “بالإضافة إلى تخفيف أحكام الإعدام هذه، يتعين على السلطات البحرينية أن تعلن فوراً حظر رسمي على تنفيذ أحكام الإعدام. وإن عقوبة الإعدام هي العقوبة النهائية القاسية واللاإنسانية، ولا مكان لها في بلد يدعي أنه ملتزم باحترام حقوق الإنسان.”

يتعين على السلطات البحرينية أن تعلن فوراً حظر رسمي على تنفيذ أحكام الإعدام. وإن عقوبة الإعدام هي العقوبة النهائية القاسية واللاإنسانية، ولا مكان لها في بلد يدعي أنه ملتزم باحترام حقوق الإنسان

لين معلوف، نائبة مدير قسم البحوث في المكتب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في بيروت

وقالت المنظمة إن السلطات البحرينية يجب أن تتخذ خطوات فورية لسحب البلاد من حافة الهاوية لأزمة حقوق الإنسان، بعد أن أطلق إعدام ثلاثة رجال رمياً بالرصاص في 15 يناير/كانون الثاني شرارة الاحتجاجات . وقد ردت السلطات باستخدام القوة المفرطة، وفرض مزيد من القيود التعسفية على وسائل الإعلام. وحذَّرت المنظمة من أن رجلين آخرين، وهما محمد رمضان عيسى علي حسين، وحسين علي موسى حسين محمد، يواجهان عقوبة الإعدام، وأنهما عُرضة للإعدام الوشيك.

وقالت لين معلوف: “إن البحرين وصلت إلى درجة الغليان، إذ أن مئات البحرينيين الذين خرجوا إلى الشوارع احتجاجاً على هذه الإعدامات الصادمة، التي نُفذت وسط مزاعم التعذيب، وإثر محاكمات جائرة، قوبلتْ باستخدام القوة المفرطة على أيدي قوات الأمن، فضلاً عن تصعيد القمع المستمر لحرية التعبير.”

إننا نحث السلطات البحرينية على احترام الحق في التجمع السلمي، وإصدار تعليمات إلى قوات الأمن بالامتناع عن استخدام القوة المفرطة ضد المحتجين. فاستخدام القوة التعسفية والمسيئة من قبل الشرطة، والتدابير القمعية ضد حرية التعبير، لن يؤدي إلا إلى مزيد من تدهور أوضاع حقوق الإنسان الخطيرة أصلاً.”

وقد خرج مئات الأشخاص إلى االشوارع احتجاجاً على عمليات الإعدام التي نُفذت، في 15 يناير/كانون الثاني، بحق كل من علي عبد الشهيد السنكيس، وسامي ميرزا مشيمع، وعباس جميل طاهر محمد السميع، والذين أُدينوا إثر محاكمة جائرة على خلفية مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة، في مارس/آذار 2014.

إن البحرين وصلت إلى درجة الغليان، إذ أن مئات البحرينيين الذين خرجوا إلى الشوارع احتجاجاً على هذه الإعدامات الصادمة، التي نُفذت وسط مزاعم التعذيب، وإثر محاكمات جائرة، قوبلتْ باستخدام القوة المفرطة على أيدي قوات الأمن، فضلاً عن تصعيد القمع المستمر لحرية التعبير

لين معلوف، نائبة مدير قسم البحوث في المكتب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في بيروت

وقال شهود عيان في البحرين لمنظمة العفو الدولية إنه في الوقت الذي كانت فيه بعض المظاهرات سلميّة، وتحوَّلت مظاهرات أخرى إلى استخدام العنف. وقد اندلع أكبر احتجاج في قرية السنابس، مسقط رأس الرجال الثلاثة الذين أُعدموا، وأعقبته احتجاجات كبرى في قرى الدراز وسترة والدية، وردَّت قوات الأمن باستخدام القنابل المسيلة للدموع ورصاصات الخرطوش. وقال شهود عيان لمنظمة العفو الدولية إنهم شاهدوا أفراد الأمن في السنابس وهم يطلقون الغاز المسيل للدموع، والتصويب على المحتجين مباشرة، وإصابتهم بجروح. وفي دراز، جُرح العديد من المحتجين جراء استخدام رصاصات الخرطوش من قبل قوات الأمن.

وقال أحد الشهود العيان إن ضباطاً هددوا المحتجين بأنهم “سيُعدَمون كما أُعدم الرجال الثلاثة.” وجُرح في المصادمات اثنان من أفراد الشرطة، على الأقل، وعشرات المحتجين، وأُضرمت النار في أحد مباني البلدية في الشمالية الواقعة جنوب العاصمة المنامة.

وقُبض على منير مشيمع، شقيق سامي مشيمع، أحد الرجال الثلاثة الذين أُعدموا، أمام مقبرة الماحوز بعد تشييع جنازة شقيقه مباشرة، وتم استجوابه بتهمة “إهانة الملك” خلال الأحداث، وأُطلق سراحه في اليوم التالي.

وفي 16 يناير/كانون الثاني، أصدرت وزارة الإعلام أمراً بوقف تداول النسخة الإلكترونية لجريدة الوسط المستقلة، “نظرا لتكرار قيام الجريدة بنشر وبث ما يثير الفرقة في المجتمع وروح الشقاق والمساس بالوحدة الوطنية وتكدير السلم العام.”

خلفية

في عام 2016، شدَّدت السلطات البحرينية إجراءاتها القمعية ضد حرية التعبير وتكوين الجمعيات والانضمام إليها. فقد سُجن المدافع البارز عن حقوق الإنسان نبيل رجب، وتم حل “جمعية الوفاق”، وهي الحزب السياسي الرئيسي، وحُكم على أمينها العام الشيخ علي سلمان بالسجن لمدة تسع سنوات، وسحب الجنسية من زعيمها الروحي الشيخ عيسى قاسم بصورة تعسفية.

في 9 يناير/كانون الثاني، قضت محكمة التمييز في البحرين بتأييد أحكام الإعدام الصادرة بحق كل من علي عبد الشهيد السنكيس، وسامي ميرزا مشيمع، وعباس جميل طاهر محمد السميع. كما أيَّدت الأحكام بالسجن المؤبد الصادرة بحق سبعة آخرين، وبسحب الجنسية من ثمانية من المدانين العشرة. وقد أُدين هؤلاء الأشخاص العشرة جميعاً إثر محاكمة جائرة على خلفية مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة في مارس/آذار 2014. إن منظمة العفو الدولية تعارض عقوبة الإعدام في جميع الحالات بلا استثناء بغض النظر عن طبيعة الجريمة أو ملابساتها؛ وعن الذنْب أو البراءة أو الدولة التي تنفذ الإعدام، فعقوبة الإعدام انتهاك للحق في الحياة.