الهند: لا بد من وضع حد لقمع حرية التعبير

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه ينبغي لشرطة دلهي أن تفرج عن رئيس اتحاد طلاب جامعة جواهر لال نهرو، كانهايا كومار، ومحاضر جامعة دلهي السابق سار جيلاني وأن تسقط تهم التحريض الموجهة إليهما على الفور. كما يجب على الشرطة كذلك أن تحقق في تعرض بعض الصحفيين وغيرهم لهجمات متعددة على أيدي المحامين في إحدى محاكم دلهي.

لقد أبدت شرطة دلهي في الأيام الأخيرة تجاهلاً للحقوق المكفولة دستورياً يتسم بالاستهانة بتلك الحقوق، بإلقائها القبض على طالب بموجب قانون من عهد الاستعمار ثم تقاعسها عن منع وقوع هجمات داخل المحاكم.

تارا راو، مديرة البرامج في فرع منظمة العفو الدولية في الهند

وقالت تارا راو، مديرة البرامج في فرع منظمة العفو الدولية في الهند: “لقد أبدت شرطة دلهي في الأيام الأخيرة تجاهلاً للحقوق المكفولة دستورياً يتسم بالاستهانة بتلك الحقوق، بإلقائها القبض على طالب بموجب قانون من عهد الاستعمار ثم تقاعسها عن منع وقوع هجمات داخل المحاكم. هذا الاستخفاف بالحق في حرية التعبير، حسبما يظهر، خطير ويجانبه الصواب.”

وكانت شرطة دلهي، التي تتبع وزارة الداخلية في الحكومة المركزية، قد ألقت القبض على كانهايا كومار في 12 فبراير/شباط بزعم أنه رفع شعارات “مناهضة للروح الوطنية” في مظاهرة سلمية داخل جامعة جواهر لال نهرو قبل ذلك بثلاثة أيام. وفي 16 فبراير/شباطـ، قبضت الشرطة على سار جيلاني لتنظيمه تجمعاً زُعِمَ أن شعارات “مناهضة للهند” رُفِعَت خلاله. وقُبِضَ على الاثنين بموجب الفصل 124أ من قانون العقوبات الهندي الذي يعاقب على جريمة التحريض بالسجن مدى الحياة. ومددت محكمة في دلهي احتجاز سار جيلاني لدى الشرطة حتى 19 فبراير/شباط.

وقالت تارا راو: “لقد قضت المحاكم الهندية بأنه لا يجوز تقييد التعبير استناداً إلى الحفاظ على النظام العام إلا عندما يتضمن تحريضاً على العنف أو الإخلال بالنظام بصورة وشيكة. وبوصم الناس بأنهم ‘مناهضون للروح الوطنية’ لمجرد تعبيرهم عن آراء معارضة، إنما تبدي الحكومة المركزية وشرطة دلهي قدرا ًمروعاً من عدم الاستعداد لتقبل المعارضة.

“لقد استخدم البريطانيون قانون التحريض للحد من حرية التعبير خلال نضال الهند من أجل الاستقلال. ومن المؤسف أن الحكومة تستخدمه الآن لإخراس من يتبنون آراء مخالفة والتربص بهم. ينبغي لهذا القانون أن يُلغَى على الفور من أجل مصلحة المجتمع الهندي.”

وخلال جلسة لنظر قضية كانهايا كومار في إحدى محاكم دلهي يوم 15 فبراير/شباط، تعرض بعض الصحفيين، والطلاب، والمدرسين للتهديد، والصفع، والضرب على أيدي المحامين. ويقول عدة شهود عيان إن أفراد شرطة دلهي لم يتدخلوا، برغم الطلبات المتكررة. واحتج مئات الصحفيين على الهجمات. وفي 17 فبراير/شباط، تعرض كانهايا كومار للاعتداء على أيدي المحامين أثناء نقله إلى المحكمة لحضور جلسة، حسبما أفاد بعض الصحفيين. ومددت المحكمة حبسه رهن الاحتجاز القضائي حتى 2 مارس/آذار.

وقالت تارا راو: “تقاعس الشرطة عن حماية الأشخاص من التعرض لهجمات عنيفة داخل مقر المحكمة أمر محير. فالمحامون ليسوا فوق القانون. وينبغي للشرطة التحقيق في الهجمات وفي تقاعسها عن التدخل ومحاسبة المسؤولين عن ذلك.

“لقد تحدث رئيس الوزراء الهندي بشكل متكرر في الداخل والخارج عن التزام حكومته بحكم القانون. وتبدو هذه الوعود جوفاء بشكل متزايد.”

خلفية

يُعَرِّفُ الفصل 124أ من قانون العقوبات الهندي التحريض بأنه أي عمل أو محاولة “لوضع الحكومة موضع الكراهية أو الازدراء أو… إثارة الاستياء منها”. وقد سُنَّ في عهد الاستعمار البريطاني لإخراس المعارضة خلال كفاح الهند من أجل الاستقلال. ووصفه المهاتما غاندي الذي سُجِنَ بموجب القانون بأنه “سيد الفصول السياسية في قانون العقوبات الهندي التي تهدف إلى قمع حرية المواطن”.

وتكفل المادة 19(1) من دستور الهند لكل المواطنين الحق في حرية الحديث والتعبير. وتقرر المادة 19(2) عدة أسباب، من بينها النظام العام، لتقييد حرية التعبير. غير أن “المحكمة العليا” الهندية قضت بأن مثل هذه القيود لا بد أن تكون في نطاق ما يقره القانون وينبغي ألا تتسم بالإفراط أو بعدم التناسب. وقضت المحكمة كذلك بأن القيود التي تستند إلى الحفاظ على النظام العام لا تسري إلا في حالة وجود ارتباط وثيق بين الحديث المعني وبين الإخلال بالنظام العام، وعندما يكون شيوع الخروج على القانون خطراً وشيكاً.

وفي عام 2015 قضت “المحكمة العليا” الهندية بعدم دستورية قانون بشأن التعبير عن طريق الوسائط الإلكترونية في قضية شريا سينغال، حيث لاحظت أن “مجرد مناقشة قضية ما أو حتى الدعوة إليها، مهما كانت مكروهة، مسألة في صميم المادة 19(1)(أ). ولا تنطبق المادة 19(2) إلا عندما تصل مثل هذه المناقشة أو الدعوة إلى مستوى التحريض.”

ومع ذلك فما زال القانون يُستَخدَم في قمع المنتقدين. واستخدمته الحكومات المتعاقبة في الهند ضد الصحفيين، والنشطاء، والمدافعين عن حقوق الإنسان. وفي عام 2015، استُخدِمَ القانون في القبض على مغن شعبي من الداليت في ولاية تاميل نادو بسبب أغان تنتقد حكومة الولاية، وزعيم محلي في ولاية غوجارات لاحتجاجه على نظام الحصص في التعليم والوظائف.

ووفقاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان الملزم للهندـ، يُسمَح للدول بأن تفرض قيوداً على الحق في حرية التعبير لأسباب من بينها “النظام العام”. غير أن مثل هذه القيود ينبغي أن تكون ضرورية بشكل واضح ومتناسبة، وينبغي ألا تعرض الحق نفسه للخطر.

وفي ديسمبر/كانون الأول قدم عضو في البرلمان مشروع قانون إلى مجلس النواب لتعديل قانون التحريض بحيث يقتصر على الحالات التي تتضمن تحريضاً مباشراً على العنف. ولم يصدر القانون حتى الآن.