مصر: جيل من الشباب النشطاء في السجون ضمن محاولة لقمع المعارضة

قالت منظمة العفو الدولية في تقرير نُشِر اليوم إن السلطات المصرية تشن هجمة متواصلة على النشطاء الشبان في محاولة سافرة لقمع روح أشجع العقول الشابة في البلاد وأكثرها تألقاً، والقضاء على أي تهديد مستقبلي لحكمها في مهده.

ويركز التقرير، وعنوانه “جيل السجون: شباب مصر من التظاهر إلى السجون“، على حالات 14 شاباً من بين آلاف قُبِضَ عليهم تعسفياً، واحتُجِزوا، وسُجِنوا في مصر على مدى السنتين الأخيرتين بسبب التظاهر. ويكشف التقرير عن عودة البلاد تماماً إلى سابق عهدها كدولة بوليسية.

وقالت حسيبة حاج صحراوي، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية “بعد عامين على عزل الرئيس محمد مرسي، أفسحت الاحتجاجات الحاشدة المجال لعمليات قبض جماعي. وباستهداف نشطاء مصر الشبان بلا هوادة، تقمع السلطات أمل جيل كامل في مستقبل أكثر إشراقاً. 

بعد عامين على عزل الرئيس محمد مرسي، أفسحت الاحتجاجات الحاشدة المجال لعمليات قبض جماعي. وباستهداف نشطاء مصر الشبان بلا هوادة، تقمع السلطات أمل جيل كامل في مستقبل أكثر إشراقاً

حسيبة حاج صحراوي، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية

 “لقد حظي شبان مصر، بعد انتفاضة 2011، بإشادة قادة البلاد العسكريين وشركائها الدوليين على السواء باعتبارهم منارة الأمل للبلاد. وكانت مثاليتهم والتزامهم بالدعوة إلى “العيش، والحرية، والعدالة الاجتماعية” قوة دافعة حاسمة نحو التغيير. أما اليوم، فيقبع كثير من هؤلاء النشطاء الشبان وراء القضبان، فيما يوفر كل الدلائل على أن مصر قد عادت إلى دولة تقوم على القمع بلا كلل.”

و تجدد منظمة العفو الدولية استنكارها لحادث قتل النائب العام المصري هشام بركات امس بعد هجوم انتحاري علي موكبه في القاهرة, و قد وصفته بانه “عمل خسيس و جبان و قتل بدم بارد”.

اذا كانت الرغبة هي ان تسود سيادة القانون في مصر, فيجب ان يمارس القضاة عملهم بحرية وبدون الشعور بالتهديد بالعنف 

و تحث المنظمة السلطات بعدم الرد علي حادث القتل بمزيد من القمع يستهدف المتظاهرين السلميين و النشطاء, و قد عبرت عن قلقها عن الاعداد المحتجزة حاليا ضمن موجة القمع علي المعارضة.

إن نطاق الحملة القمعية هائل …
فالقابعون وراء القضبان يتراوحون بين زعماء للحركة الشبابية حظوا بإشادة دولية، ومدافعين عن حقوق الإنسان، وبين طلاب قُبِض عليهم لمجرد ارتدائهم قمصاناً عليها شعارات مناهضة للتعذيب.

حسيبة حاج صحراوي

 لقد مرت مدة تزيد على العام على تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة، ولم تبد حكومته أي دلائل على تخفيف شدة حكمها القمعي. وتفيد أحدث تقديرات متاحة من نشطاء حقوق الإنسان المصريين بأن حملة القمع شهدت القبض على او اتهاما أكثر من 41000 شخص، أو ، أو الحكم عليهم بعد محاكمات جائرة.

وقالت حسيبة حاج صحراوي “إن نطاق الحملة القمعية هائل. لقد أظهرت السلطات المصرية أنها لن تقف عن محاولاتها لقمع أي تحدي لسلطتها.

“فالقابعون وراء القضبان يتراوحون بين زعماء للحركة الشبابية حظوا بإشادة دولية، ومدافعين عن حقوق الإنسان، وبين طلاب قُبِض عليهم لمجرد ارتدائهم قمصاناً عليها شعارات مناهضة للتعذيب.”

ويُمَكِّن قانون التظاهر، الذي صدر في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، السلطات من القبض على المشاركين في مظاهرات سلمية وملاحقتهم قضائياً بلا ضابط ولا رابط، ويُجَرِّم فعل التظاهر نفسه دون الحصول على تصريح مسبق. كما يطلق العنان لقوات الأمن لاستخدام القوة المفرطة والمميتة ضد المتظاهرين السلميين.

وقالت حسيبة حاج صحراوي “لقد أصبح قانون التظاهر طريقاً سريعاً إلى السجن بالنسبة إلى المشاركين في مظاهرات سلمية الذين يُعَامَلون كالمجرمين، وينبغي إلغاؤه على الفور.”

وكانت حملة قمعية قد بدأت بالقبض على محمد مرسي وأنصاره، بما في ذلك كبار زعماء جماعة الإخوان المسلمين، في يوليو/تموز 2013، وسرعان ما اتسع نطاقها ليشمل كل ألوان الطيف السياسي في مصر.

ومن بين الشبان الذين وجدوا أنفسهم مسجونين تعسفياً النشطاء البارزون أحمد ماهر ومحمد عادل من “حركة شباب 6 إبريل” وأحمد دومة، وهو مدون ومحتج معروف، وعلاء عبد الفتاح، وهو مدون يجاهر بانتقاد السلطات قضى وقتاً في السجن في عهد حسني مبارك وكذلك في ظل حكم “المجلس الأعلى للقوات المسلحة”.

ومن بينهم كذلك المدافعتان البارزتان عن حقوق الإنسان يارا سلام وماهينور المصري.

وهم ينضمون إلى من احتُجِزوا لاحتجاجهم على عزل الرئيس محمد مرسي، مثل إبراهيم حلاوة الذي يحمل الجنسية الأيرلندية، أو الطالبين الجامعيين أبرار العناني، ومنة الله مصطفى، والمُعلمة  يسرا الخطيب.

وقد سُجِنوا جميعاً لتحديهم قانون التظاهر الشديد القسوة، أو تشريعات أخرى تقيد الحق في حرية التجمع السلمي بشكل تعسفي. 

لقد نكث زعماء العالم بالوعود التي قدموها عندما سقط حسني مبارك في فبراير (شباط) 2011 بالوقوف إلى جانب شبان مصر. فمصر تسجن النشطاء السلميين والمجتمع الدولي يشيح بناظريه بعيداً. ثمة صمت من جانب الدول، صمت من جانب زعماء العالم، وصمت في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة

حسيبة حاج صحراوي

وشهدت موجة جديدة من عمليات القبضفي أواسط عام 2015 على ما لا يقل عن 160 شخصاً في ظروف قد ترقي الي الاختفاء القسري، حسبما أفادت جماعة النشطاء المصرية “الحرية للجدعان”. وأفادت جماعة الإخوان المسلمين من جانبها بعمليات قبض جديدة على بعض انصارها.

وسعت السلطات المصرية في كثير من الأحيان لتبرير أساليبها القمعية بالقول إنها تحافظ على الاستقرار والأمن. وقد استخدم بعض المتظاهرين العنف خلال التظاهرات، لكن رد قوات الأمن كان غير متناسب في المعتاد.

ووجد كثير ممن احتُجِزوا أنفسهم محالين إلى المحاكم بتهم ملفقة أو ذات دوافع سياسية، أو حُكِم عليهم في محاكمات جماعية أُدين فيها المئات استناداً إلى أدلة لا تُذكَر أو بلا أدلة، أو استناداً فحسب إلى أقوال أفراد قوات الأمن أو تحريات الأمن الوطني.

واحتُجِز آخرون لفترات مطولة دون تهمة أو محاكمة. ومن بينهم الطالب محمود محمد أحمد حسين، الذي كان عمره 18 عاماً فقط عندما أُلقِي القبض عليه بسبب شعار على قميصه وهو في طريق عودته إلى بيته من احتجاج.

وأفادت أسرته ومحاموه بأنه تعرض للتعذيب “ليعترف” بالقيام بأنشطة ذات صلة بالإرهاب. وقضى عيد ميلاده التاسع عشر في السجن وله الآن ما يزيد على 500 يوم محتجزاً دون تهمة أو محاكمة.

والتباين صارخ بين آلاف المحتجين الذين أُدينوا بتهم زائفة أو بسبب قوانين تقيد حرية التجمع السلمي والتعبير تعسفياً، وبين العدد الهزيل من أفراد قوات الأمن الذين لوحقوا قضائياً فيما يتصل بانتهاكات لحقوق الإنسان منذ يناير/كانون الثاني 2011. ولم تُوَجَّه إلى فرد واحد من أفراد قوات الأمن أي تهمة جنائية فيما يتصل بقتل مئات من أنصار مرسي في ميداني رابعة العدوية والنهضة يوم 14 أغسطس/آب 2013.

وتحذر منظمة العفو الدولية شركاء مصر الدوليين من التضحية بحقوق الإنسان في محادثاتهم مع السلطات.

فقد جلس زعماء دول مؤثرة من أعضاء الاتحاد الأوروبي، من بينها فرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي في الوقت الذي تزج فيه إدارته بالآلاف من معارضيها السياسيين وراء القضبان. ولا يوجد ما يشير إلى أن وقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مصر كان مطروحاً في جدول الأعمال خلال اجتماعاتهم.

ودعت المملكة المتحدة كذلك الرئيس السيسي لإجراء محادثات، وأكد متحدثهم الرسمي هذه الدعوة بعد يوم واحد من صدور حكم بإعدام الرئيس المعزول محمد مرسي بعد محاكمة جائرة.

وأعلنت الحكومة الأمريكية في مارس/آذار رفع التجميد عن نقل الأسلحة إلى مصر وستعرض كذلك مساعدة عسكرية وأمنية مستمرة للجيش وقوات الأمن في مصر.

وقالت حسيبة حاج صحراوي “لقد افتضح النفاق المقزز لشركاء مصر في سباق على العقود التجارية المربحة، والنفوذ السياسي، والتعاون في مجال المخابرات، وكذلك المبيعات وعمليات النقل الجديدة لمعدات الشرطة التي قد تسهل انتهاكات حقوق الإنسان.

“”لقد نكث زعماء العالم بالوعود التي قدموها عندما سقط حسني مبارك في فبراير (شباط) 2011 بالوقوف إلى جانب شبان مصر. فمصر تسجن النشطاء السلميين والمجتمع الدولي يشيح بناظريه بعيداً. ثمة صمت من جانب الدول، صمت من جانب زعماء العالم، وصمت في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.”

وقد بررت السلطات الحملة القمعية بالإشارة إلى زيادة في العنف السياسي. وتتعرض مصر لهجمات جماعات مسلحة قالت السلطة إنها أودت بحياة مئات من أفراد قوات الأمن، وخصوصاً في شمال شبه جزيرة سيناء، وكذلك عدد من المدنيين. وتدين منظمة العفو الدولية بلا تحفظ الهجمات على المدنيين. غير أن المنظمة تحث السلطات المصرية على عدم استخدام مثل هذه التهديدات ذريعة لقمع حقوق الإنسان.