مصر: أفرجوا عن الناشطين الذين يواجهون السجن جراء احتجاجهم على قانون التظاهر القمعي

عشية صدور الحكم يوم الأحد في قضيتهم بتهمة المشاركة في احتجاج غير مرخص، قالت منظمة العفو الدولية إنه يتعين على السطات المصرية أن تفرج عن مجموعة من الناشطين يُحاكمون لقيامهم بالاحتجاج على قانون التظاهر القمعي في البلاد.

وتُحاكم مجموعة قوامها 22 شخصاً بتهمة المشاركة في احتجاج غير مرخص بهدف تهديد “السلم العام” علاوة على تهم أخرى ملفقة؛ وتضم المجموعة المدافعة البارزة عن حقوق الإنسان يارا سلاّم والناشطة المعروفة سناء سيف، على الرغم من أن يارا لم تشارك في الاحتجاج أصلاً. ومن الممكن أن يُحكم على الناشطين بالسجن خمس سنوات في حال إدانتهم.

وفي معرض تعليقها على الموضوع، قالت نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية حسيبة حاج صحراوي: “تظهر هذه المحاكمة الاستعراضية القائمة على أدلة مشكوك في أمرها أحدث مثال على عزم السلطات المصرية سحق الاحتجاجات وخنق أي شكل من أشكال المعارضة”.

وأضافت حاج صحراوي قائلة: “يجب الإفراج عن جميع الناشطين الذين جرى استهدافهم لمجرد قيامهم بالاحتجاج على قانون التظاهر غير الشرعي في مصر. ومن غير المقبول احتجاز الأشخاص لمجرد ممارستهم سلميا للحق في حرية التعبير عن الرأي والتجمع”.

وأُلقي القبض على يارا سلام رفقة ابن عمها أثناء قيامهما بشراء زجاجة ماء بتاريخ 21 يونيو/ حزيران في ضاحية هليوبوليس بالقاهرة التي كانت تشهد احتجاجا في ذلك الوقت.

وأُفرج عن ابن عمها في اليوم التالي ولكن ظلت يارا سلام موقوفة عقب أن اتضح لقوات الأمن أنها تعمل مع “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية” وهي إحدى المنظمات الرائدة في مجال حقوق الإنسان في مصر.

وقالت حسيبة حاج صحراوي: “يتعين على مصر أن تسقط جميع التهم غير المنطقية المسندة إلى يارا سلام التي لم تشارك أصلاً في الاحتجاج المعني”.

وأردفت حاج صحراوي قائلة: “إنها لحقيقة تبعث على القلق أن نرى يارا تُحاكم لا لشيء سوى لما تقوم به من عمل في مجال حقوق الإنسان على ما يظهر. وتُعد يارا سجينة رأي يجب الإفراج عنها فورا ودون شروط علاوة على إسقاط جميع التهم المسندة إليها”.

وأخبر محامو باقي المتهمين، وعددهم 21 متهما، منظمة العفو الدولية أن الأدلة المستخدمة ضد موكليهم – بما في ذلك التسجيلات الصوتية والمرئية– لم تظهر قيام المحتجين بأي أعمال عنف.

وعلقت حسيبة حاج صحراوي قائلة: “تمتلك السلطات سجلا حافلا بحالات توقيف الأشخاص دون مسوغ وعقد محاكمات سياسية وإصدار إدانات مبنية على أدلة مشكوك في أمرها. ومن المرجح أن يكون جميع المحتجين في هذه المجموعة من سجناء الرأي الذين احتُجزوا لمجرد محاولة تحديهم للحظر المفروض فعليا على الاحتجاجات في مصر”.

وأضافت حاج صحراوي: “إذا توافرت أدلة فعلية وكافية تثبت ارتكاب أي من المحتجين نشاطا جرميا عنيفا، فيمكن حينها محاكمتهم وفق تهم جنائية معترف بتوصيفها في ظل إجراءات تتسق بشكل كامل مع المعايير الدولية المرعية في مجال المحاكمات العادلة”.

وعُقدت جلسات محاكمة المجموعة المكونة من 22 محتجاً في معهد الشرطة بطرة الملحق بمجمع مباني سجن طرة، أي أن المحاكمة لم تُعقد في قاعة محكمة كما ينبغي. ومنعت السلطات عائلات المتهمين جميعا من حضور جلسات المحاكمة.

واختتمت حسيبة حاج صحراوي تعليقها قائلة: “إن محاكمة المتهمين داخل مجمع سجن طرة وعدم السماح للجمهور بحضور الجلسات يقوضان من مبدأ قرينة البراءة والحق في الحصول على جلسات محاكمة عادلة وعلنية ويناقضان أحكام القانونين الدولي والمصري”.

وأخبر المحامون منظمة العفو الدولية أنه وأثناء آخر جلسات المحاكمة في 11 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، لم يتمكن المتهمون من سماع المحاكمة أو التواصل مع الفريق القانوني الموكل بالدفاع عنهم جراء تركيب حاجز زجاجي جديد داكن اللون يفصل بين المتهمين وباقي أجزاء قاعة المحكمة.

كما رفض القاضي الطلبات المتكررة التي تقدم بها فريق الدفاع لإصدار أمر بالإفراج عن المتهمين مؤقتا على الرغم من عدم وجود سبب حقيقي يبرر توقيفهم بانتظار المحاكمة.

ولقد حرصت منظمة العفو الدولية على جمع أدلة متزايدة تظهر أن السلطات المصرية لا تزال تستخدم الاعتقال في انتظار المحاكمة لفترات طويلة تتجاوز مدة السنة الواحدة في بعض الأحيان دون مسوغ قانوني.  وتخشى المنظمة من أن السلطات المصرية تستخدم هذا الإجراء كنوع من التدابير العقابية بهدف إسكات صوت المعارضة.

ولا يجوز اللجوء إلى إجراءات التوقيف بانتظار المحاكمة إلا في حال ثبوت وجود خطر كبير من احتمال فرار المتهم أو إلحاقه الأذى بالآخرين أو عبثه بالأدلة أو تدخله في التحقيقات، ما يبرر حينها عدم الاكتفاء بتوقيفه لفترة قصيرة. كما يتعين أن يتم النظر باستمرار في مدى مشروعية توقيف الشخص على ذمة كل قضية منفصلة ومدى ضرورة استمرار هذا النوع من التدابير على هامش كل قضية من تلك القضايا.

وألقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خطاباً الشهر الماضي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلن فيه أن “مصر الجديدة” تحترم حرية الرأي وتطبق سيادة القانون وتحترم الدستور وتكفل استقلالية القضاء.

خلفية 

أثناء سير المحتجين باتجاه قصر الرئاسة في القاهرة بتاريخ 21 يونيو/ حزيران، اعتدت عليهم مجموعات من الرجال يرتدون ملابس مدنية عادية.

والقت قوات الأمن القبض على 24 شخصاً أثناء قيامها بتفريق المحتجين. وأُخلي سبيل أحدهم، فيما يُحاكم الفتى إسلام توفيق محمد حسن (16 عاما) أمام محكمة الأحداث على ذمة قضية منفصلة.

 وتُحتجز يارا سلام رفقة ست أخريات يُحاكمن على ذمة هذه القضية في سجن القناطر. فيما يُحتجز الرجال في سجن طرة.

ويواجه المتهمون، البالغ عددهم 23 متهما، تهما من قبيل إتلاف الممتلكات العامة واللجوء إلى القوة بهدف ترهيب المارة وتعريض حياتهم للخطر والمشاركة في تجمع لأكثر من خمسة أشخاص بهدف تهديد “السلم العام” وارتكاب جرائم.

ويُذكر أن والد سناء المحامي البارز المتخصص في حقوق الإنسان، أحمد سيف الإسلام، قد توفي في أغسطس/ آب الماضي.  وأعلنت سناء إضراباً عن الطعام احتجاجاً على رفض السلطات السماح لها بقضاء بعض الوقت مع والدها الراحل في أيامه الأخيرة.

وكان الرئيس السابق عدلي منصور قد اعتمد قانون “تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية” في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013.

وينص هذا القانون المروع على وجوب قيام منظمي الاحتجاجات تقديم خط سيرهم للسلطات التي تتمتع بصلاحية إلغاء المظاهرات أو تعديل مسارها. كما يمنح القانون المذكور قوات الأمن صلاحية استخدام القوة المفرطة والمميتة بحق المحتجين السلميين واحتجاز المتظاهرين السلميين في التجمعات غير المرخصة.