يتعين على المملكة العربية السعودية أن تُدعِّم تنازلاتها بشأن حقوق الإنسان بالأفعال

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن قرار المملكة العربية السعودية بقبول عدة توصيات تهدف إلى تحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان في جلسة الاستعراض التي عقدها مجلس حقوق الإنسان، في جنيف اليوم، لا يُرجَّح أن يضع حداً للانتهاكات الجسيمة والتمييز أو يؤدي إلى تحقيق العدالة والإنصاف للضحايا.وقال سعيد بومدوحة، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إنه: “إلى أن تتطابق أفعال المملكة العربية السعودية مع أقوالها فإن السمعة الفظيعة للمملكة كدولة ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان لا يحتمل أن تتغير.”وأضاف بومدوحه يقول: “يجب أن تثبت السعودية أن قبولها لهذه التوصيات يعني أكثر من مجرد تمرين في العلاقات العامة صُمِّم لصرف الانتباه عن انتقاد سجلها في مجال حقوق الإنسان.”ومع أن السعودية قبلتْ كلياً أغلبية التوصيات التي قُدمت إليها خلال استعراض سجلها في مجال حقوق الإنسان، فإنها رفضت توصيات مهمة للغاية تتعلق بالتصديق على المعاهدات الدولية الأساسية، ومنها تلك التي تكفل حقوق المرأة وتمكِّن الضحايا من إحقاق العدالة.وليس ثمة في الأفق خطط تسمح لفرق العمل التابعة للأمم المتحدة والمقررين الخاصين أو المنظمات المستقلة لحقوق الإنسان، ومنها منظمة العفو الدولية، بتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد.وقال بومدوحه : “لا يزال سجل المملكة في مجال حقوق الإنسان مريعاً. وفي الوقت الذي نرحب فيه بأية علامات تشير إلى التزام السعودية بتحسين أوضاع حقوق الإنسان فيها، فإن التدابير المقبولة اليوم وحدها لن تكون قادرة على منع السلطات من سجن منتقديها السلميين أو وضع حد للتمييز الصارخ ضد النساء والفتيات.”وما فتئت المملكة العربية السعودية تنفذ بثبات سياسات قمعية لخنق حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، في تحدٍّ للانتقادات الدولية. كما أن المظاهرات والتجمعات السلمية في السعودية محظورة، ويُسجن العديد من الأشخاص لا لشيء إلا بسبب نشر رسائل غير مؤذية على وسائل التواصل الاجتماعي.كما شنت السعودية حملة ترهيب ومضايقة بلا هوادة ضد النشطاء المحليين لحقوق الإنسان حيث اعتُقل عشرات الأشخاص، وحُكم عليهم بالسجن لمدد طويلة إثر محاكمات جائرة للغاية في الأشهر الأخيرة.وأدى قانون جديد لمكافحة الإرهاب، صيغ بعبارات غامضة ومَنح السلطات صلاحيات واسعة، إلى إثارة مخاوف من شن حملة قمعية جديدة ضد المعارضة السلمية باسم الدفاع عن الأمن الوطني.إن الأغلبية العظمى من التوصيات التي قبلتْها الممكلة العربية السعودية اليوم في مجلس حقوق الإنسان هي عبارة عن وعود مصوغة بعبارات غامضة، من قبيل “النظر” في إجراء تغييرات، وليست تعهدات ملموسة بتنفيذ تلك التوصيات. فعلى سبيل المثال قبلت السعودية “النظر” في تصديق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهو أمر دأبت السعودية على فعله منذ عام 2009 على أقل تقدير. ومع ذلك فقد رفضت توصيات حثَّتها على تصديق المعاهدة نفسها.ومضى بومدوحه يقول: “إن كمية التوصيات التي قبلتها السعودية ليست بذات أهمية محسوسة. وبدون اتخاذ خطوات ملموسة تؤدي إلى تحسينات بريئة على الأرض، فإن العملية لن تعدو كونها محاولة صفقه من قبل السعودية لتبييض سجلها في مجال حقوق الإنسان.”وخلص بومدوحة إلى القول: “إن السلطات السعودية بإرسالها إشارة تعكس استعدادها للنظر في اتخاذ بعض التدابير الخاصة بحقوق الإنسان، فإنما السلطات تخطو خطوات صغيرة في الاتجاه الصحيح، ولكن لا يزال الطريق أمامها طويلاً وشاقاً.”كما فشلت السلطات على نحو ثابت في التصدي للتمييز الممنهج القديم، ولاسيما ضد النساء والأقليات. وعلى الرغم من قبول توصية بتفكيك نظام راسخ يفرض وصاية الذكور على النساء، فقد رفضت السلطات الاعتراف بوجود نظام وصاية من هذا القبيل، وزعمت أن القوانين في السعودية تكفل حقوقاً متساوية للنساء والرجال. وبوجه عام لا تزال النساء في السعودية يعامَلن كمواطنات من الدرجة الثانية.

خلفية

من أصل 225 توصية، قبلتْ المملكة العربية السعودية 145 توصية كلياً، و 36 توصية جزيئاً، ولم تقدم أجوبة عن 6 توصيات ورفضت 38 توصية. أما المعاهدات التي رفضتها السعودية في مجلس حقوق الإنسان فهي: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما رفضت سحب تحفظاتها على معاهدات أخرى كاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).

استمرار قمع نشطاء حقوق الإنسان وحرية التعبير

منذ مطلع عام 2013، سُجن معظم الأعضاء المؤسسين لجمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية بسبب عملهم ذاك. أما المنظمات المستقلة لحقوق الإنسان المتبقية والتي اضطرت للعمل بدون ترخيص، فقد تم اغلاقها عنوةً، ويمثُل أعضاؤها أمام المحاكم في الوقت الحالي.واستُدعي اليوم محمد العتيبي، وهو مؤسس “الاتحاد لحقوق الإنسان”، وهو منظمة غير حكومية محلية كانت قد اُغلقت بعد مرور أقل من شهر على إنشائها في العام الماضي. وغداً ستُعقد جلسة الاستماع التالية لفوزان الحربي، وهو عضو مؤسس لجمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية، حيث يُحتمل أن يُحكم عليه بالسجن لمدة طويلة بسبب نشاطه السلمي.وقبل أسبوعين أعلنت وزارة الداخلية أنها ستتخذ تدابير ضد النشطاء المتواطئين مع المنظمات الدولية على تخريب المصالح الوطنية للسعودية.وفي هذا الشهر قررت السلطات السعودية حظر عرض مئات الكتب في معرض الرياض للكتاب، ومن بينها أعمال الشاعر الفلسطيني الشهير محمود درويش والكتب المتعلقة بحق المرأة في قيادة السيارة.