مصر: ينبغي الكف عن المحاكمات العسكرية للصحفيين

قالت منظمة العفو الدولية إنه يتعين على القوات المسلحة المصرية الكف عن محاكمة اثنين من الصحفيين محاكمةً عسكرية، والإفراج عنهما فوراً ودون قيد أو شرط، وإسقاط جميع التهم الموجهة إليهما. واعتبرت المنظمة أن الصحفيين في عداد سجناء الرأي.ومن المقرر أن يمثل الصحفيان عمرو القزاز وإسلام فرحات أمام محكمة الجنح العسكرية بشمال القاهرة، يوم 26 فبراير/شباط 2014، بتهمة الحصول بشكل غير قانوني على وثائق و فيديوهات عسكرية سرية ونشرها، ومن بينها مقابلات مع وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي. وقد يواجه الصحفيان عقوبة السجن لمدة أقصاها ثلاث سنوات في حالة إدانتهما.وقال فيليب لوثر، مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن “الصحفيين يُعتبران من سجناء الرأي، حيث احتُجزا لممارستهما السلمية لحقهما في حرية التعبير من خلال أداء مهام عملهما”.ومضى فيليب لوثر قائلاً: “يجب على السلطات المصرية الإفراج عن الصحفيين فوراً ودون قيد أو شرط، وإسقاط جميع التهم الموجهة إليهما. فالصحافة ليست جريمة، وينبغي ألا يُحاكم المدنيون، بما في ذلك الصحفيون، أمام محاكم عسكرية”.وتصر السلطات العسكرية المصرية على القول بأن الوثائق و الفيديوهات، التي نشرها الصحفيان على الإنترنت حسبما زُعم، من شأنها زعزعة الوضع الأمني في البلاد.وقال أحمد حلمي، المحامي المعني بحقوق الإنسان، إن ملف القضية الخاصة بالصحفيين يدعي أن المعلومات العسكرية السرية التي نشراها تتضمن مقاطع فيديو لوزير الدفاع خلال مقابلة مع صحيفة “المصري اليوم” اليومية، ومقاطع لاجتماع عقده مع عدد من كبار قادة القوات المسلحة.كما يُتهم الصحفيان بنشر 21 وثيقة تتضمن تفاصيل عن خطط الحكومة للرد على محاولات جماعة “الإخوان المسلمين المحظورة” من أجل الدفاع عن شرعيتها وشرعية حكم الرئيس المعزول محمد مرسي.وقالت أسرة عمرو القزاز لمنظمة العفو الدولية أن ضباط أمن مسلحين يرتدون ملابس مدنية ألقوا القبض على عمرو القزاز من منزله يوم 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، وأنهم فتشوا المنزل، وصادروا أجهزة الحاسوب والهاتف وآلة التصوير وبعض الأوراق والكتب الخاصة به. وبعد ستة أيام، ألقى ضباط من المخابرات العسكرية القبض على إسلام فرحات في أحد شوارع القاهرة واقتادوه في سيارة تحمل لوحات مدنية، حسبما ورد.وقد اقتيد الصحفيان إلى مقر المخابرات العسكرية في منطقة حدائق القبة بالقاهرة، حيث احتُجزا 10 أيام على الأقل، خضعا خلالها للتحقيق أمام النيابة العسكرية. وقال أهالي الصحفيين إنهما كانا معصوبي العينين ومكبلين بالقيود طوال التحقيق معهما في مقر المخابرات العسكرية. ويُعتبر سجن عمرو القزاز وإسلام فرحات انتهاكاً للقانون الدولي والقانون المصري، حيث ينص الدستور المصري الجديد في المادة 71 على حظر السجن في القضايا التي تنطوي على “جرائم” تتعلق بالنشر.وقال أهالي الصحفيين لمنظمة العفو الدولية إنهم لم يتمكنوا من زيارة الاثنين إلا بعد نقلهما من مقر المخابرات العسكرية  إلى سجن المحكوم في طرة، يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، حسبما ورد. وذكرت الأنباء أن عمرو القزاز تعرض للضرب في سجن المحكوم، كما وُضع في زنزانة صغيرة مع 11 مسجوناً آخرين، وصُودرت الأغطية الخاصة به.ولم يحصل المحامون الذين يتولون الدفاع عن عمرو القزاز وإسلام فرحات على نسخة كاملة من ملف القضية إلا بعد جلسة المحاكمة الأولى يوم 24 فبراير/شباط 2014، مما يهدر قدرتهم على إعداد دفاع كاف.وقال فيليب لوثر إنه “ينبغي على السلطات المصرية السماح لكل من عمرو القزاز وإسلام فرحات بالاتصال بأهلهما وبالمحامين، وذلك لحين الإفراج عنهما”.

خلفية

قُبض على عمرو القزاز وإسلام فرحات في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، بتهمة إفشاء أسرار عسكرية، وذلك بموجب القضية رقم 3558 لسنة 2013. وأحالت النيابة العسكرية القضية إلى محكمة الجنح العسكرية بشمال القاهرة يوم 22 فبراير/شباط 2014، وتقرر أن تُعقد الجلسة الأولى للمحاكمة يوم 24 فبراير/شباط 2014. وفي ذلك اليوم، قررت المحكمة تأجيل نظر القضية إلى يوم 26 فبراير/شباط 2014.ويجيز الدستور المصري الحالي، الذي أُقر في يناير/كانون الثاني 2014، محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، ويمنح المحاكم العسكرية الولاية القضائية لنظر القضايا المتعلقة بالاعتداءات على أفراد عسكريين أو منشآت أو معسكرات أو مناطق عسكرية أو الاعتداءات على الحدود. كما يترك الدستور الباب مفتوحاً أمام “القانون” ليحدد أية جرائم أخرى تقع في نطاق الولاية القضائية للمحاكم العسكرية.وخلال فترة حكم “المجلس الأعلى للقوات المسلحة”، التي دامت 17 شهراً من فبراير/شباط 2011 إلى يونيو/حزيران 2012، حُوكم ما لا يقل عن 12 ألف مدني، وبينهم عدد من الصحفيين، أمام محاكم عسكرية.كما استمرت هذه المحاكمات العسكرية خلال فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي وبعدها. ومنذ عام 2013، واجه اثنان من الصحفيين على الأقل محاكمات عسكرية، وهما أحمد أبو دراع، مراسل صحيفة “المصري اليوم”؛ ومحمد صبري، وهو مدوِّن وصحفي حر، حيث احتُجز الأول لمدة شهر واحتُجز الثاني بضعة أيام، ثم حُكم عليهما بالحبس ستة أشهر مع وقف التنفيذ.  هذا، وتعارض منظمة العفو الدولية محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، وهي محاكمات تتسم في جوهرها بالجور وتمثل انتهاكاً لعدد من ضمانات المحاكمة العادلة، ومن بينها الحق في نظر القضية في جلسة عادلة وعلنية أمام محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة مُشكلة وفقاً للقانون؛ والحق في الحصول على الوقت الكافي لإعداد الدفاع؛ والحق في أن يتولى الدفاع عنه محام من اختياره؛ والحق في استئناف الحكم أمام محكمة أعلى.