يجب على قادة جنوب السودان منع انتشار ” العنف” المفزع

في خضم العنف المندلع عبر البلاد صرحت منظمة العفو الدولية بأنه يجب على الفصائل المتحاربة في جنوب السودان أن تكبح فوراً جماح قواتها لتمنع المزيد من الهجمات على المدنيين. وهناك أدلة متزايدة على أن القوات والمدنيين المسلحين من أكبر جماعتين في جنوب السودان وهما  قبائل الدينكا وقبائل النوير تمارس القتل المستهدف للمدنيين على أساس من الأصل العرقي.وورد أن ثلاثة من عناصر حفظ السلام قد قتلوا يوم الخميس عندما قامت مجموعة مسلحة من شباب النوبر في أبوكو بولاية جونقلي، باقتحام قاعدة لقوات حفظ السلام تؤوي مدنيين من الدينكا.وقال نتسانت بيلاي مدير قسم أفريقيا في منظمة العفو الدولية:  ” إن الهجمات على المدنيين الباحثين عن ملاذ من القتال تطور مرعب  في هذا الصراع المتزايد شراسة.””وحقيقة أن هذه الهجمات قد قام بها شباب مسلح علامة مفزعة على انتقال هذا الصراع لأبعد من كونه قتالاً بين جنود إلى أن يصبح عنفاً واسع الانتشار بين القبائل.” ابتدأ القتال في العاصمة جوبا يوم الأحد لكنه منذ ذلك الحين انتشر إلى أجزاء أخرى من البلاد بما فيها جونقلي، أكبر ولايات جنوب السودان.  في مساء الأربعاء استولى المنشقون عن الجيش بقيادة الجنرال بيتر قاتيت المنتمون إلى قبائل النوير على بور عاصمة ولاية جونقلي من قبضة الحكومة، وقال الجنرال إنه إنشق عن الجيش نتيجة الهجمات التي شنها الجنود الدينكا على المدنيين النوير في جوبا.   كما وردت أيضاً تقارير عن هجمات  شنها جنود النوير على المدنيين الدينكا في بور، التي فر منها آلاف المدنيين. سعى نحو 14 ألف مدني إلى الاحتماء بمجمع مباني الأمم المتحدة في مشارف المدينة، بينما فر آخرون إلى الغابات القريبة. وفي الوقت نفسه فإن مكتب الأمم المتحدة للتنسيق بين الشؤون الإنسانية استطاع أمس أن يجلي 70 من العاملين بالخدمات الإنسانية من بور إلى جوبا كما وضع برنامج مزيد من الإجلاءات اليوم. وفي جوبا، هناك 20 ألف مدني، كثير منهم نساء وأطفال، فروا من منازلهم ليبحثوا عن ملجأ في قاعدتين للأمم المتحدة. وذكرت المستشفيات المحلية أن أكثر من 500 شخص قد توفوا في أحداث العنف ومن بينهم أعداد مرتفعة من المدنيين قتلتهم الحرائق العمد، أو قتلوا من مسافات قريبة. كما حدثت بعض الوفيات نتيجة جروح تنجم من أسلحة رمي. وفي جوبا أخبر شهود العيان المحليون منظمة العفو الدولية أن الجنود أطلقوا النار دون تمييز على المدنيين، بينما دمرت الدبابات المنازل في مناطق مدنية مأهولة. وعن هذا يقول نتسانت بيلاي: ” واضح من أعداد الضحايا التي وردت تقاريرها من جنوب السودان أن جميع الأطراف يجب أن تفعل المزيد لحماية المدنيين.”   وأضاف قائلاً: ” إن استخدام المدفعية في المناطق المدنية المأهولة أمر غير مقبول وسوف ينتهك القانون الإنساني الدولي”. وأخبرت مصادر منظمة العفو الدولية بأن المستشفيات والمشرحة في جوبا قد امتلأت تماماً في الوقت الراهن.كما ذكر أحد الأطباء من المستشفى العسكري لإذاعة تمازج المحلية أن جثث الجنود والمدنيين قد أزيلت من المستشفى في شاحنات ونقلت إلى مكان غير معلوم عندما لم يحضر أفراد من عائلات المتوفين للتعرف على جثثهم. وفي هذا الصدد قال نتسانت بيلاي: ” الوضع الإنساني مدعاة للقلق الشديد، وإذا استمر العنف فسوف يزداد سوءاً على سوء. و جنوب السودان يجاهد بالفعل ليجاري الأعداد الضخمة من المصابين والنازحين.” وحاولت الحكومة أن تقلل من الادعاءات بأن الصراع قد أججه القتال بين القبائل. غير أن، مصادر محلية تذكر أن الجنود من الجيش القومي ينشقون عنه حسب انتماءات قبلية. تلقت منظمة العفو الدولية تقارير مزعجة عن أفراد من الجنود يستهدفون المدنيين بناء على أصولهم العرقية، وقتلوا بعضهم داخل بيوتهم حسبما زعم.كما تلقت المنظمة تقارير عديدة عن جنود يقتلون النوير عند نقاط التفتيش بعد التعرف على هوياتهم عن طريق العلامات المميزة المحفورة في وجوههم أو بطاقاتهم الشخصية. وتلقى أكبر مستشفى في جوبا حالتين على الأقل لمدنيين من قبائل النوير توفوا بإطلاق النار عليهما بعد تقييدهما. وقال نتسانت بيلاي: ” إن القتال بين فصائل العسكريين يزداد تأججه بالعنف بين القبائل مع جر المدنيين إلى داخل الصراع.”  ثم أضاف قائلاً: ” يجب على القادة في جميع الأطراف أن يأمروا قواتهم بعدم مهاجمة المدنيين، بصرف النظر عن القبائل التي يتنمون إليها، وأن يتمسكوا بشدة بواجباتهم بموجب القانون الإنساني الدولي. وعليهم أيضاً إدانة العنف الذي يقوم به مدنيون مسلحون والعمل على تخفيف التوتر بين القبائل. ويجب أن يكون ثمة وقف فوري لأعمال العنف أو اللغة التي قد تزيد من استعمال العنف بين القبائل.” 

خلفية الأحداث

جذور القتال الذي ابتدأ بتبادل النيران بين وحدات مختلفة من الحرس الجمهوري مازالت غير واضحة. وتدعي حكومة جنوب السودان أن العنف قد اشعلته محاولة انقلاب قام بها جنود موالون لريك ماشار النائب السابق لرئيس الجمهورية، الذي أقيل في يوليو/ تموز عندما حل الرئيس كير مجلس الوزراء بأكمله.وفي 17 ديسمبر/ كانون الثاني، أعلن الموقع الرسمي لحكومة جنوب السودان، نبأ القبض على عشرة من كبار المسؤولين. واتهمهم الموقع بأنهم وراء محاولة الانقلاب الفاشلة  وأعلن عن عزم الحكومة على القبض على خمسة آخرين من بينهم ريك ماشار.أنكر ماشار أن محاولة انقلاب أشعلت الصراع، لكنه منذئذ طالب الجيش بتنحية الرئيس كير من السلطة. واتهم مشار الرئيس كير ” بالتحريض على العنف القبلي والعرقي”.وينتمي الرئيس كير إلى قبائل الدينكا الغالبة على جنوب السودان، بينما ينتمي النائب السابق مشار إلى قبائل النوير.وتعود الاشتباكات بين التجمعين القبليين إلى ما قبل استقلال جنوب السودان في يوليو/ تموز 2011 بفترة طويلة ، مما تسبب في نزوح آلاف الأشخاص وسقوط مئات الضحايا المدنيين.