محكمة سعودية تصدر أمراً تعسفياً باحتجاز أحد المدافعين عن حقوق الإنسان

صرحت منظمة العفو الدولية اليوم إن حرية التعبير عن الرأي والتجمع في هذه المملكة الخليجية قد تلقت ضربة جديدة بعد أن أصدرت محكمة أمر احتجاز تعسفي لمدة أربعة أشهر بحق أستاذ جامعي الذي كان من مؤسسي منظمة تُعنى بحقوق الإنسان.  ففي يوم الخميس الماضي، أصدرت المحكمة الجنائية في البريدة، التي تقع على بُعد 350 كلم شمال الرياض، أمراً باحتجاز الدكتور عبد الكريم يوسف الخضر (48 عاماً).  ويُذكر أن الدكتور عبد الكريم الخضر هو أحد مؤسسي جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية، وأستاذ الفقه المقارن في كلية الشريعة بجامعة القصيم.  ولم يُفصح عن أية أسباب وراء الأمر باحتجاز الدكتور الخضر الذي صدر بعد أن قام القاضي بشكل تعسفي بمنع مجموعة من حوالي 10 نساء من الدخول إلى المحكمة لحضور المحاكمة.  وفي أعقاب إصدار الحكم، رفض القاضي اللقاء بالخضر أو محاميه، ولا يزال الدكتور عبد الكريم الخضر قيد الاحتجاز في سجن بريدة منذ ذلك اليوم.  ولقد بدأت محاكمة الدكتور الخضر في يناير/ كانون الثاني 2013 بتهم تتضمن الخروج على ولي الأمر، والتحريض على الفوضى من خلال الدعوة إلى تنظيم المظاهرات، ونشر أخبار كاذبة عبر جماعات أجنبية، والمشاركة في تأسيس جمعية غير مرخصة.وفي معرض تعليقه على الموضوع، قال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، فيليب لوثر: “ما كان ينبغي لهذه المحاكمة أن تُجرى أصلاً، ويظهر أن التهم المسندة إلى الدكتور الخضر لا تستند إلى شيء سوى إلى عمله المشروع في مجال حقوق الإنسان من خلال جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية”. وأضاف لوثر قائلاً: “إن الدكتور عبد الكريم يوسف الخضر هو أحد سجناء الرأي.  ويتعين إطلاق سراحه فوراً ودون شروط، وينبغي على السلطات أن تُسقط الدعوة المرفوعة ضده”.ومن غير الواضح لماذا قام القاضي بمنع النسوة من حضور جلسة المحكمة.  فما من قانون في السعودية يحظر على النساء التواجد في المحكمة أثناء المحاكمة، وأصدرت وزارة العدل بياناً في أكتوبر / تشرين الأول الماضي تعلن فيه عن عزمها السماح للمحاميات بالترافع في القضايا أمام المحاكم.  ويُذكر أن أول محامية في البلاد الآن تحت التدريب.وعلى الرغم من أن محاكمة الدكتور الخضر لم تكن سرية، فلقد تواجد عدد كبير من عناصر قوات الأمن المدججين بالسلاح.وفي 10 إبريل/ نيسان، قدّم الخضر طلبا لعزل القاضي الذي ينظر في قضيته، ولكن من دون جدوى طبعاً.  ويدفع الخضر بالقول أن القاضي المشار إليه قد عبر علناً عن آراء سلبية حياله قبيل بدء المحاكمة، وأن القاضي لم يعد يتمتع بالتالي بالحياد المطلوب.وقبيل بدء محاكمته في يناير / كانون الثاني من العام الجاري، نشر الخضر عريضة تطالب بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق تُعنى بالتحقيق فيما تقوم وزارة الداخلية به من ممارسات احتجاز التعسفي وقمع بحق الناشطين السلميين.  كما كتب الدكتور الخضر مقالاً يتناول فيه 20 طريقة يمكن توظيفها في تعزيز نجاح المظاهرات السلمية، ووصف فيه الدولة السعودية على أنها دولة بوليسية.

المضايقات التي تُمارس بحق مؤسسي جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية

في 9 مارس/ آذار الماضي، أمرت السلطات السعودية بحل جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية بشكل كامل، ومصادرة جميع ممتلكاتها.  وكانت الجمعية قد تأسست في عام 2009، وأصبحت إحدى أبرز المنظمات المستقلة القليلة التي تُعنى بحقوق الإنسان في البلاد.ودأبت الجمعية على الإبلاغ عن انتهاكات حقوق الإنسان، وساعدت العديد من أُسر الأشخاص المحتجزين دون تهمة في تحريك دعاوى ضد وزارة الداخلية.  ولقد أُغلقت جميع صفحات الجمعية على مواقع التواصل الاجتماعي في نفس اليوم.وفي التاسع من مارس أيضاً، حُكم على اثنين آخرين من مؤسسي الجمعية، وهما د. عبد الله بن حامد بن علي الحامد (66 عاماً) ومحمد بن فهد بن مفلح القحطاني (47 عاماً)، بالسجن 10 سنوات و11 سنة على التوالي، وصدر بحقهما أيضاً أمرا بمنع السفر لمدة تضاهي مدة سجن كل واحد منهما.ولقد اتُهم الاثنان بقائمة من الجرائم التي تشابه ما أُسند إلى الدكتور الخضر من تهم. 

وتعتبر منظمة العفو الدولية الاثنين من سجناء الرأي، كونهما قد سُجنا لا لشيء سوى لممارستهما السلمية لحقهما في التعبير عن الرأي وتشكيل الجمعيات، إضافة إلى نشاطهما في مجال الحقوق الإنسان على وجه الخصوص.وفي إبريل من عام 2012، أصدرت محكمة مختصة بالنظر في قضايا الإرهاب حكماً بالسجن خمس سنوات، ومنع سفر لمدة مماثلة بحق أحد مؤسسي الجمعية، ويُدعى محمد صالح البجادي.  ولقد زُعم أن البجادي قد أُدين بتهم تتعلق بالضلوع في تأسيس جمعية غير مرخصة، وإلحاق الضرر بصورة الدولة في وسائل الإعلام، ودعوة أسر المحتجزين السياسيين إلى الاحتجاج وتنظيم الاعتصامات، والطعن في استقلالية القضاة، وحيازة كتب ممنوعة.ولقد أضرب البجادي عن الطعام في السجن في سبتمبر 2012، ولم ترد أية أخبار منه منذ ذلك الحين.وفي 24 مارس 2013، تقدم محاميه، ويُدعى فوزان الحربي، بطلب مكتوب لمدير سجن الحائر الذي يُعتقد أن البجادي محتجز فيه، وحاول اللقاء به فعلاً.  بيد أن المحامي لمّ يُمنح بعد الإذن بزيارة موكله، ولم يحصل على رد على طلبه الرسمي الذي تقدم به على هذا الصعيد.وفي وقت سابق من العام الجاري، أي في 6 يناير تحديداً، التقى الحربي بالمدعي العام في السعودية، وطلب السماح له بزيارة البجادي.  كما إنه قد حاول تسليم المدعي العام طلباً رسمياً لزيارة موكله، واشتكى من الظروف الذي يُحتجز فيها موكله.  ولكن المدعي العام رفض استلام الشكوى، وأخبر المحامي أنه سوف يتابع الأمر – بيد أنه لم تطرأ أية تطورات على القضية من ذلك الحين.