جنوب السودان: أوقفوا العمل بعقوبة الإعدام

صرحت جماعات حقوقية دولية وأخرى جنوب سودانية اليوم أنه ينبغي على دولة جنوب السودان الانضمام إلى الغالبية العظمى من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي سبق لها وأن قامت بإلغاء تطبيق عقوبة الإعدام قانوناً أو في واقع الممارسة العملي، وذلك من خلال القيام بوقف اختياري لجميع عمليات الإعدام.من المفترض في ديسمبر/ كانون الأول من العام الجاري أن تُتاح لدولة جنوب السودان الفرصة للمشاركة في التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلق بإصدار وقف لتنفيذ أحكام الإعدام في سبيل إلغاء العقوبة في نهاية المطاف.  وفي معرض خطابها الذي بعثت به في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري إلى وزير الشؤون الخارجية بدولة جنوب السودان، عبّرت تلك المنظمات الحقوقية عن بواعث قلقها حيال استمرار لجوء دولة جنوب السودان إلى تطبيق عقوبة الإعدام. وقالت مديرة برنامج أفريقيا بمنظمة العفو الدولية، أودري كوكران: “ينبغي على دولة جنوب السودان أن تنتهز فرصة التصويت على قرار الجمعية العامة المتعلق بعقوبة الأعدام، وأن تبادر إلى الانضمام إلى الحركة الرامية إلى إلغاء عقوبة الإعدام في غير دولة من الدول الأفريقية وباقي أنحاء العالم”.وأضاف كوكران قائلاً: ” ينبغي على الرئيس سلفا كير ميارديت أن يبادر من فوره إلى الإعلان عن وقف رسمي لعمليات الإعدام، وعلى الحكومة أت تتصدى على نحو عاجل لأوجه النقص القائمة في إدارة نظام العدالة في البلاد”.فلقد استمرت دولة جنوب السودان باللجوء إلى تطبيق عقوبة الإعدام على الرغم من الضعف الموثّق الذي يعانية النظام القضائي فيها، وهو ما يحول دون قيام البلد بضمان الحقوق القانونية الخاصة بمن تُوجه إليهم تهمة ارتكاب جريمة من الجرائم.  وفي 28 أغسطس/ آب الماضي، أُعدم رجلان شنقاً في سجن جوبا.  ولا يزال حوالي 200 سجين مكبلين بالأصفاد، وقد زُج بهم في زنازين مكتظة وقذرة بانتظار تنفيذ حكم الإعدام بهم.  وعلى الصعيد العالمي، فلقد بادرت أكثر من ثلثي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، أو 137 دولة على وجه التحديد، إلى إلغاء عقوبة الإعدام قانوناً أو في واقع الممارسة العملي.  ويتضمن ذلك الرقم 37 دولة من الدول الأربع والخمسين الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، أو ما يزيد على ثلثي دول القارة السمراء.ومنذ العام 2000، قامت كل من بوروندي وكوت ديفوار والغابون ورواندا والسنغال وتوغو بإلغاء فرض عقوبة الإعدام على جميع الجرائم.  وخلال الأشهر القليلة الماضية، فلقد أعلنت حكومة غانا عن قبولها بتوصية لجنة المراجعة الدستورية، والقاضية بإلغاء عقوبة الإعدام بموجب أحكام دستور البلاد الجديد.  وأصبحت بنين الدولة الخامسة والسبعين عالمياً، والعاشرة إفريقياً، التي تصادق على البرتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، على أمل إلغاء عقوبة الإعدام في نهاية المطاف.  كما قامت مدغشقر في سبتمبر/ أيلول من العام الجاري بالتوقيع على العهد الدولي المذكور. وقال دونغ صموئيل من الجمعية القانونية بجنوب السودان: “إن حرمان أحدٍ ما من حقه في الحياة لهو أقسى أشكال العقوبة التي لا يمكن التراجع عن عواقبها؛” مضيفاً أنه “حتى في ظل غياب أبسط أشكال الحماية القانونية الأساسية، تظل المخاطر الناجمة عن العشوائية والخطأ في إيقاع العقوبة عند مستويات عالية”.ومنذ العام 2006، قامت وزارة العدل في جنوب السودان على توفير المساعدة القانونية في ما مجموعه ست قضايا فقط.  ولم تحظَ الغالبية العظمى من المحكومين بالإعدام بفرصة الحصول على تمثيل قانوني لهم، الأمر الذي جعل معظمهم غير مستعد بشكل كافٍ للتحضير للدفاع عن أنفسهم، أو التقدم بطلب استثناف الحكم الصادر بحقهم.  وتنص أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنه، وفي حال عدم إلغاء الدولة لعقوبة الإعدام، فينبغي أن يقتصر اللجوء إليها على الحالات التي تتضمن أكثر الجرائم خطورة، شريطة الامتثال الصارم للمعايير الدولية المعتمدة في مجال ضمان المحاكمات العادلة، وعلى أن يتم ذلك عقب صدور حكم قطعي عن المحكمة المختصة.   ويناشد تحالف المنظمات الحقوقية حكومة جنوب السودان القيام يزيادة المعلومات العامة المتوفرة، ورفع مستوى الشفافية المحيط بمدى اللجوء إلى فرض عقوبة الإعدام، بما في ذلك الإفصاح عن الأرقام الخاصة بعدد أحكام الإعدام الصادرة، وتلك التي جرى تنفيذها منها، وضرورة إشعار عائلات المحكومين بموعد التنفيذ. وتكتسي مسألة توافرهذه المعلومات وإتاحة الحصول عليها أهمية خاصة في إطار العملية الجارية لمراجعة الدستور حالياً حسب ما أفادت به تلك الجماعات الحقوقية.  ويتعين على الحكومة في الأثناء أن تحرص على تيسير النقاش الدائر حول المواد والأحكام الدستورية الجوهرية المتعلقة بالحق في الحياة.  وأضاف دانييل بيكلي، مدير برنامج أفريقيا بمنظمة هيومان رايتس ووتش قائلاً: “تكتسي الشفافية أهمية مفصلية في مجال إدارة العدالة، وتُعد بمثابة أمر جوهري من شأنه أن يتيح لدولة جنوب السودان تقييم آلية وكيفية فرض عقوبة الإعدام فيها”. واختتم تعليقه قائلاً: “بيد أن عقوبة الإعدام سوف تظل على الدوام أحد أشكال الافتئات على حقوق الإنسان إلى أن يجري فرض وقف اختياري ناجز وفعال على تنفيذها، وصولاً إلى إلغاء العمل بالعقوبة في نهاية المطاف بموجب القوانين الدستورية”.