في تقرير جديد لها قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يتعين على حكومة جنوب السودان اتخاذ إجراءات عاجلة لوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان، من قبيل التعذيب وإطلاق النار والعنف الجنسي على أيدي قوات الأمن التي تتولى تنفيذ حملة لنـزع الأسلحة من المدنيين في ولاية جونقلي.وقد ارتُكبت تلك الانتهاكات من قبل جيش جنوب السودان (المعروف باسم الجيش الشعبي لتحرير السودان) والقوة المساندة في جهاز الشرطة السوداني أثناء “عملية استعادة السلام” التي شنَّتها الحكومة في مارس/آذار 2012.وقال أودري غوغران، مدير برنامج أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “لقد ارتكب الجيش الشعبي لتحرير السودان وقوة الشرطة المساندة انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان، لكن السلطات لا تفعل شيئاً يُذكر لوقف تلك الانتهاكات.”وأضاف يقول: “لقد قبلت السلطات أن هناك أفراداً مذنبين بارتكاب تلك الانتهاكات، ولكنها تدعي أن هذا السلوك لا يمثل الجيش الشعبي لتحرير السودان ككل. بيد أنه لا يجوز استخدام هذه المقولة لتبرير الانتهاكات أو عدم التعامل معها بشكل سليم.”وقد أجرى باحثو منظمة العفو الدولية، الذين سافروا إلى بعض القرى النائية جداً في مقاطعة بيبور بجنوب شرق ولاية جونقلي، مقابلات مع عشرات الأشخاص الذين وصفوا أفعال التعذيب وإساءة المعاملة التي تعرَّض لها المدنيون، ومن بينهم أطفال لم تتجاوز أعمارهم 18 شهراً، بالإضافة إلى نهب ممتلكاتهم وإتلاف محاصيلهم.وتحدث الباحثون إلى امرأة أُردي شقيقها بالرصاص عل يدي شخص يُعتقد أنه من أفراد الشرطة المساندة أمام منـزلهم، وعن رجلين أُطلقت عليهما النار في كمين نصبه الجنود، مع أن أياً منهما لم يكن يحمل سلاحاً.كما قامت منظمة العفو الدولية بتوثيق أنباء ذات صدقية حول اقتراف أفعال اغتصاب ومحاولات اغتصاب من قبل أفراد الجيش الشعبي لتحرير السودان. فقد وصفت امرأة مسنَّة كيف قام جندي باغتصاب ابنتها، بينما انهال جنود آخرون عليها وعلى حفيدتها بالضرب بعصي غليظة إلى أن فقدت حفيدتها الوعي.وقال مدنيون لمنظمة العفو الدولية إن الجنود في العديد من القرى عادوا إلى المنطقة مرتين أو ثلاث مرات لنـزع أسلحة السكان. ففي قرية ثنغاجون، مثلاً، جاء الجنود مرتين في يوليو/تموز ومرة في أغسطس/آب.وقالت كيه إي، وهي أم لأربعة أطفال: “كنتُ في المنـزل مع خمس نساء أُخريات وأطفالنا، عندما طلبوا منا أسلحة. قلنا إننا لا نملك أية أسلحة، فانهالوا علينا بالضرب بالعصي. ثم اقتادونا إلى بِرك تقع خلف منازلنا، حيث داس أحد الجنود على عنقي لدفع رأسي إلى أسفل، بينما داس آخر على ظهري، فلم أستطع الخروج. وقد فقدت زوجة أخي الوعي.”إن منظمة العفو الدولية تدعو سلطات جنوب السودان إلى إجراء تحقيقات مستقلة ومحايدة في مزاعم الهجمات ضد المدنيين على أيدي القوات المسلحة، وإلى مراقبة عملية نزع أسلحة المدنيين بشكل فعال.إن المنظمة على علم بوجود خمسة جنود معتقلين في مقاطعة بيبور بتهمة الاغتصاب والقتل بحسب ما زُعم. وإن عدم وجود قاض ومحام ومدع عام مدني في بيبور يعني أن التحقيقات والمحاكمات لم تمض قُدماً.وقال غوغران: “إن قوات الأمن التي ارتكبت أفعال العنف الفظيعة هذه يجب أن تخضع للمساءلة التامة.”كما تدعو منظمة العفو الدولية بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان إلى زيادة جهودها من أجل حماية المدنيين، بما في ذلك عن طريق نشر قوة لحفظ السلام في المناطق التي تشهد احتمالات كبيرة لوقوع انتهاكات على أيدي الجيش الشعبي لتحرير السودان.