مازال احتدام الجدال الدولي حول تسريب موقع ويكيليكس لبرقيات الولايات المتحدة الديبلوماسية مستمراً. وفي الأيام الأخيرة منعت شركات بايبال وفيزا وماستركارد عملاءها من التبرع لموقع الويكيليكس زاعمة بأن الموقع قد يكون متورطاً في ممارسات غير قانونية.هل تعتبر محاكمة جوليان أسانج لتسريبه وثائق خاصة بالحكومة الأمريكية انتهاكاً لحق حرية التعبير؟كانت الحكومة الأمريكية قد أعلنت منذ يوليو/تموز 2010 أنها تجري تحقيقاً قانونياً حول ما يقوم به موقع ويكيليكس ومؤسسه جوليان أسانج من نشر لوثائق سرية. وقد دعا عدد من الشخصيات السياسية الأمريكية إلى مقاضاة أسانج جنائياً.وطبقاً لما تراه منظمة العفو الدولية فإنه لا يمكن على الإطلاق تبرير الإجراءات الجنائية الرامية إلى معاقبة شخص ما لنشره أدلة حول انتهاكات حقوق الانسان. وينطبق هذا أيضاً على المعلومات حول نطاق واسع من الأمور الأخرى المتعلقة بالصالح العام. وعلى أقل تقدير فإن عدداًً هاماً من الوثائق التي سربتها ويكيليكس تندرج تحت هذا التصنيف، فيما يبدو، ولذا فإن أي مقاضاة بناء على كل هذه الوثائق أو بعضها لن تتمشى مع حرية التعبير.وحرية التعبير حق من حقوق الانسان معترف به دولياً وهو يحد من سلطة الدولة في فرض الحظر على تلقي المعلومات أو نشرها. ويقع الحمل على الدولة لتظهر أن أي قيود تفرض في هذا الصدد ضرورية وبدرجة مناسبة وأنها لا تهدد الحق في حرية التعبير ذاته.ونحن لانعلم شيئاً عن أي إجراء قانوني تم اتخاذه ضد جوليان أسانج لتسريبه تلك الوثائق. ومن ثم فإن منظمة العفو الدولية ليست في وضع يسمح لها بالتعليق على أي قضية محددة قد ترفع ضده، إذ ليس ثمة تهم يمكن التعليق عليها. هل يشكل اعتراض التبرعات المدفوعة إلى ويكيليكس عبر الشبكة انتهاكاً لحرية التعبير؟في الأيام القليلة الماضية، سحبت شركات بايبال وفيزا وماستركارد من عملائها القدرة على التبرع لموقع ويكيليكس عن طريق الانترنت، مؤكدة أن سبب ذلك تورط أو احتمال تورط ويكيليكس في أنشطة غير قانونية. وهناك ظنون بأن هذه القيود جاءت بضغط من الحكومة الأمريكية.وليس لدى منظمة العفو الدولية من المعلومات ما يجعلها تؤكد أو ترفض هذه الظنون، لكنها تؤكد أن الحكومات لاتستطيع تجنب مسؤولياتها نحو احترام الحق في حرية التعبير بمحاولتها الإتيان بطريق غير مباشر بما يحرم عليها فعله مباشرة. وكذلك فإن الشركات أيضا ينبغي أن تتيقن من أن تصرفاتها تحترم حقوق الانسان، كحد أدنى.هل مقاضاة موظفي الحكومة الأمريكية الذين قد يزودون ويكيليكس بالوثائق تعد انتهاكاً لحرية التعبير؟مايزال الجندي الأمريكي برادلي مانينغ في معتقله مواجها عدة اتهامات من بينها تسريب معلومات عن الدفاع القومي؟بينما يتمتع موظفو الحكومة بالحق في حرية التعبير، فإن عليهم في الوقت ذاته واجباتهم كموظفين، ولهذا فالحكومات لديها مجال لفرض القيودعلى موظفيها أوسع مما لها إزاء الأفراد غير الحكوميين ممن يتلقون أو يعيدوا نشر معلومات. غير أن منظمة العفو الدولية سوف يصيبها الهم إذا سعت إحدى الحكومات لمعاقبة شخص ما، لأنه بدوافع ضميرية، أذاع بطريقة مسؤولة معلومات يُعتقد بدرجة معقولة أنها دليل على انتهاكات لحقوق الانسان تحاول الحكومة إبقاءها سراً لتمنع الجمهور من معرفة حقيقة هذه الانتهاكات.هل من المشروع أن تسعى الحكومات للمحافظة على سرية مناقشاتها ومفاوضاتها الديبلوماسية عندما ترى ذلك من مصلحتها الوطنية؟بالطبع تستطيع الحكومات عامة السعي لإبقاء اتصالاتها سرية باستخدام وسائل تقنية أو بإلزام موظفيها بواجباتهم نحوذلك، لكن ليس من المشروع أن تقوم الحكومات بتوسيع مفاهيم الأمن القومي أو المصلحة القومية لتبرير إخفائها الأدلة على انتهاكات حقوق الانسان. وكذلك، فعندما تصل المعلومات إلى أيدي الأفراد، لاتستطيع الحكومات الاعتماد على ادعاءات مطلقة بالمصلحة العامة لتبرير اتخاذها اجراءات تهدف إلى منع الكشف عن المعلومات أو مناقشتها. إن القانون الدولي لحقوق الانسان لا يسمح للدول بتقييد حق حرية التعبير إلا بناء على أسس معينة وفي أضيق الحالات: الأمن القومي، النظام العام، وصحة الجمهور أو أخلاقياته، حماية حقوق الآخرين أو سمعاتهم. لكن عند توفر أحد هذه الأسباب فإن الدول ليس لديها الحق المطلق في أن تقرر المحافظة على سرية المعلومات أو معاقبة من ينشرونها بمجرد إعلان أنها من أمور “الأمن القومي”: بل يجب على الدولة أن تظهر كيف أن القيود المعينة ضرورية وتتناسب مع الخطر الذي تدعي أنه يبرر فرض هذه القيود.هل تشعر منظمة العفو الدولية بالقلق حول الضرر الذي قد يصيب الأفراد نتيجة للمعلومات المسربة؟لقد أهابت منظمة العفو الدولية القائمين على موقع ويكيليكس بصفة مستمرة أن يبذلوا كل جهد ممكن لتأمين عدم تعريض الأفراد لمزيد من العنف أو غير ذلك من انتهاكات حقوق الانسان نتيجة ، مثلاً، لإمكانية التعرف عليهم كمصادر للوثائق. غير أن، هذا النوع من الأخطار ليس كخطر الإحراج أمام الجماهير أو المطالبة بالمحاسبة التي سيواجههما المسؤولون وذلك إذا ما كشفت الوثائق عن تورطهم في انتهاكات حقوق الانسان أو غير ذلك من أشكال سوء التصرف.هل تحتوي الرسائل الديبلوماسية التي سربتها ويكيليكس على معلومات تتعلق بحقوق الانسان؟بعض وثائق وزارة الخارجية المسربة تؤكد أو تقدم المزيد من التفاصيل عن انتهاكات لحقوق الانسان أثارتها منظمة العفو الدولية علناً في الماضي. فعلى سبيل المثال:ناقشت برقية بتاريخ فبراير/ شباط 2007 معارضة الولايات المتحدة لإمكانية إصدار السلطات الألمانية لأمر دولي بالقبض على ثلاثة عشر من عملاء وكالة المخابرات المركزية لتورطهم المزعوم في تسليم خالد المصري واختفائه القسري ورجعت البرقية ذاتها إلى عدد من تقارير منظمة العفو الدولية، وأحدث هذه التقارير: السر المفضوح: تعاظم الأدلة على تواطؤ أوروبا في عمليات الترحيل والاعتقال السري (15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2010).وفي برقية بتاريخ يناير/ كانون الأول 2010 تتحدث عن اجتماع بين رئيس الجمهورية اليمنية وعسكريين أمريكيين، تم تضمينها نتائج سبق أن توصلت إليها منظمة العفو الدولية من أن صاروخاً أمريكياً يبدو أنه أطلق في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2009 في أثناء هجوم على أهالي المعجلة في منطقة أبين في جنوب اليمن. وطالبت منظمة العفو الدولية حكومة الولايات المتحدة بالكشف عن تورطها في الحادث – على الرغم من ادعاء الحكومة اليمنية بأنها قد قامت منفردة بالهجوم. وبعض الوثائق الأخرى السابق تسريبها عن طريق ويكيليكس حول أفغانستان والعراق قد تضمنت معلومات كنا قد تلقيناها من مصادر أخرى. وسوف تواصل منظمة العفو الدولية تقييم واقتباس معلومات من الوثائق التي تقدمها ويكيليكس ولها علاقة بقضايا حقوق الانسان، إلى جانب العديد من مصادرها الأخرى للمعلومات.هل المحاولات المبذولة لتسليم جوليان أسانج بسبب جرائم جنسية في السويد تحركها دوافع سياسية؟ورد أن الاتهامات التي يواجهها جوليان أسانج في السويد لاعلاقة لها بتسريبات ويكيليكس. وهناك شكوك في أن السلطات في السويد وفي غيرها لاتتعامل مع القضية بأسلوب معتاد، وأن الطريقة التي تتم متابعتها بها هي نتيجة لاستهداف أكثر عموما لجوليان أسانج نتيجة لما تقوم به ويكيليكس. وايس لدى منظمة العفو الدولية بعدُ المعلومات التي تسمح لها بتأكيد هذه الشكوك أو نفيها.ومثل أي قضية جنائية أخرى، يجب اتباع الإجراءات المقررة، وسوف تراقب منظمة العفو الدولية تطورات هذه القضية عن كثب. ما موقف منظمة العفو الدولية من أحدث المواد التي سربتها ويكيليكس؟ترحب منظمة العفو الدولية بالجهود التي تبذل من أجل وضع المعلومات عن انتهاكات حقوق الانسان في متناول الجمهور.وقد أعلنت ويكيليكس أنها سوف تسرب آلاف الوثائق تدريجياً على مدى الأسابيع أو الشهور القادمة، وسوف تدرس منظمة العفو الدولية بعناية أي وثيقة يبدو أن لها علاقة بانتهاكات حقوق الانسان.وبينما لم تكن كل الوثائق التي سربتها ويكيليكس حتى الآن ذات علاقة بانتهاكات حقوق الانسان، فإننا نؤكد أن الحق في حرية التعبير يشمل الحق في تلقي ونقل كل أنواع المعلومات، رهناً لاستثناءات شديدة التحديد فحسب.