يتعين أن يكون تحقيق المملكة المتحدة بشأن أعمال التعذيب مستقلاً ووافياً

دعت منظمة العفو الدولية حكومة المملكة المتحدة إلى ضمان أن يكون تحقيقها بشأن ضلوع المملكة المتحدة في التعذيب وفي انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان ضد المعتقلين خارج البلاد منذ 11 سبتمبر/أيلول 2001 وافياً ومستقلاً وشفافاً قدْر الإمكان. وترحب المنظمة بالتحقيق الذي أعلنه رئيس وزراء المملكة المتحدة، ديفيد كاميرون، أمس، باعتباره خطوة أولى مهمة نحو تحقيق المساءلة الحقيقية عن انتهاكات الماضي لحقوق الإنسان. وتعليقاً على هذا الإعلان، قالت نيكولا داكويرث، مديرة برنامج أوروبا وآسيا الوسطى في منظمة العفو الدولية: “لطالما دعونا إلى مباشرة تحقيق في المزاعم المعقولة بأن مسؤولين في المملكة المتحدة وعملاء لها قد تورطوا في أعمال تعذيب وفي غير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات ترحيل سري واعتقال تعسفي، وغير ذلك من ضروب سوء المعاملة، تعرض لها أفراد اعتقلوا خارج البلاد”. “فحق الأشخاص في معرفة الحقيقة بشأن انتهاكات حقوقهم الإنسانية التي عانوها حق أساسي لضمان حقهم في الانتصاف وكفالة تطبيق العدالة، ولا مكان لارتكاب الدول انتهاكات لحقوق الإنسان وإفلاتها من العقاب.”وسيترأس التحقيق سير بيتر غيبسون، المفوض القانوني الحالي لشؤون أجهزة الاستخبارات، وسوف يتفحص مدى تورط المملكة المتحدة في عمليات مكافحة الإرهاب ضد المعتقلين فيما وراء البحار عقب هجمات 11 سبتمبر/ أيلول على الولايات المتحدة الأمريكية؛ بما في ذلك السياسات التي حكمت سلوك الأجهزة السرية للمملكة المتحدة أثناء عملياتها في الخارج. ولم تُنشر بعد الوثيقة المفصّلة لنطاق صلاحيات التحقيق، ولكن من المتوقع أن تركز بصورة خاصة على الحالات التي تتعلق باعتقال مواطنين من رعايا المملكة المتحدة ومن المقيمين فيها في مرفق الاعتقال في خليج غوانتانامو. وتخضع قضايا المعتقلين السابقين في خليج غوانتانامو حالياً لتحقيقات جنائية و/أو إجراءات مقاضاة مدنية؛ بما في ذلك دعوى قضائية رفعها ستة من المعتقلين السابقين – وهم بشر الراوي وريتشارد بيلمار وعمر دقايس وبينيام محمد وجميل البنا ومارتن موبانغا – ويطالبون فيها حكومة المملكة المتحدة بتعويضات مالية استناداً إلى ادعاءات بأن أجهزة الاستخبارات البريطانية كانت شريكاً في اعتقالهم وتعذيبهم وتعرضهم لأشكال أخرى من سوء المعاملة. وتساور منظمة العفو الدولية بواعث قلق بشأن بعض جوانب التحقيق في صيغته المقترحة من قبل ديفيد كاميرون.وفي هذا السياق، قالت نيكولا داكويرث “إنه من غير الواضح بأن التحقيق سوف يتمتع بالسلطة والاستقلالية الكافيتين عن السلطة التنفيذية لضمان الكشف عن الحقيقة كاملة فيما يتعلق بضلوع المملكة المتحدة في انتهاكات لحقوق الإنسان”. وقالت المنظمة إن نطاق السرية الذي ستحاط به جلسات استماع التحقيق والمدى الذي سيذهب إليه في حجب الأدلة والشواهد عن الجمهور، وعن ضحايا الانتهاكات المزعومة، سيظل أحد بواعث قلقها.  فعلى سبيل المثال، منح رئيس الوزراء نفسه سلطة تقرير المدى الذي يمكن أن يذهب إليه التحقيق في إعلان النتائج على الملأ. ومضت نيكولا داكويرث إلى القول: “إن من غير الجائز التسلح بأسرار الدولة كوسيلة لمنع إجراء تحقيق مستقل وغير متحيز وواف في هذه المزاعم، ولا يجوز التذرع بها لمنع الحقيقة بشأن ما ارتكب من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان من أن تظهر إلى العلن”.وإضافة إلى ذلك، ففي حين توافق منظمة العفو الدولية الحكومة الرأي بأن لا يكون التحقيق مفتوحاً إلى ما لانهاية وأن يباشر به على وجه السرعة، إلا أنها ترى أن السرعة في استكمال التحقيق ينبغي أن لا تكون بديلاً عن شموليته أو تنتقص من هذه الشمولية. وتدعو منظمة العفو الدولية الحكومة إلى كفالة أن تكون إجراءات التحقيق مستقلة ووافية وشفافة قدْر الإمكان، وإلى أن تعلَن الاستخلاصات والتوصيات التي يتوصل إليها على الملأ.فالمساءلة الحقة عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان تقتضي معرفة الجمهور بحقيقة تلك الانتهاكات. كما إن الحكومة قد أصدرت مرشداً جديداً للاستجوابات التي تجريها أجهزة أمن المملكة المتحدة مع المعتقلين ممن يحتجزون فيما وراء البحار لدى أجهزة استخبارات أجنبية وأعلنت أن ثمة كتاباً أخضر سوف ينشر بناء على مراجعة لسبل التعامل مع المعلومات الاستخبارية في إطار الإجراءات القضائية. إن منظمة العفو تدقِّق في الوقت الراهن في أبعاد هذا المرشد الجديد، وسوف توصل أي بواعث قلق تشعر بها حياله إلى الحكومة.