تشريع أمريكي تاريخي يعالج مشكلة العنف الجنسي ضد نساء السكان الأصليين

رحبت منظمة العفو الدولية بقانون يمثل تحولاً كبيراً في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يعالج المعدلات المثيرة للقلق من أفعال العنف الجنسي التي تُرتكب ضد النساء المنحدرات من أصول هندية في أمريكا ونساء السكان الأصليين في ألاسكا مع بقاء الجناة بمنأى عن العقاب.وكان مجلس النواب الأمريكي قد أقر، يوم الأربعاء 21 يوليو/تموز 2010، “التشريع الخاص بالقانون والنظام في المناطق القبلية”، الذي يهدف إلى معالجة قضايا السلامة العامة في المناطق التي تقطنها قبائل الهنود الحمر.وقالت منظمة العفو الدولية إن هذا التشريع من شأنه أن يعزز نظام القضاء الجنائي، عن طريق تحسين التعاون والاتصال بين هيئات تنفيذ القانون على المستوى الاتحادي ومستوى الولايات والمستوى المحلي والقبلي.وقال لاري كوكس، المدير التنفيذي للفرع الأمريكي لمنظمة العفو الدولية، إن “هذا التشريع التاريخي الذي صدر بموافقة الحزبين الرئيسيين يعالج انتهاكات حقوق الإنسان التي طال أمد تجاهلها في المناطق التي يقطنها الهنود الحمر، وهو يمثل جهداً مهماً من أجل التصدي لمشاكل كبرى تتيح تفشي الجرائم ضد السكان الأصليين في أمريكا وألاسكا”.ومضى لاري كوكس قائلاً: “إذا ما نُفذ هذا القانون على النحو الواجب، فإنه سوف يفتح الباب أمام الحكومة الأمريكية لمعالجة مشكلة تدهور السلطة في المناطق القبلية. أما على الصعيد الآني، فمن شأن القانون أن يقلل معدلات الاغتصاب المرتفعة وأن يوفر لنساء السكان الأصليين في نهاية الأمر إنصافاً فعالاً في حالة تعرضهن للإيذاء الجنسي. وباختصار، فإن القانون يحد من مناخ الإفلات من العقاب الذي يتيح لمرتكبي جرائم الاغتصاب أن يجعلوا نساء السكان الأصليين فريسة سائغة لهم”.ويُذكر أن الفرع الأمريكي لمنظمة العفو الدولية قد تناول هذه القضية في تقريره الصادر باللغة الانجليزية عام 2007 بعنوان: “متاهة العدالة: التقاعس عن حماية نساء السكان الأصليين من العنف الجنسي في الولايات المتحدة“.وقد عرض التقرير المعدلات المرتفعة وغير المتناسبة لجرائم الاغتصاب والعنف الجنسي التي تعاني منها نساء السكان الأصليين في الولايات المتحدة وألاسكا، حيث تزيد بنحو مرتين ونصف عن مثيلتها لدى النساء من غير السكان الأصليين في الولايات المتحدة.وفي كثير من الأحيان، يؤدي تعقيد النظم القضائية، على المستوى القبلي ومستوى الولايات والمستوى الاتحادي، إلى السماح للجناة بأن يرتكبوا جرائم الاغتصاب وهم بمنأى عن العقاب، علماً بأن 86 بالمئة من هؤلاء الجناة هم رجال من غير السكان الأصليين.وفي إطار هذه المتاهة، يتعين على السلطات أن تحدد ما إذا كانت الجريمة قد وقعت على أرض قبلية، وما إذا كان الجاني من السكان الأصليين أو من غير السكان الأصليين حتى يتسنى لها أن تقرر الهيئة المكلفة بتنفيذ القانون التي لها ولاية قضائية على القضية، وفي غضون هذا كله يكون وقت كبير قد أُهدر. ويؤدي هذا بدوره إلى عدم كفاية التحقيقات أو إلى التقاعس عن اتخاذ إجراء للرد.وتعليقاً على ذلك، قالت سارة دير، الأستاذة المساعدة في كلية وليام ميتشل للحقوق، وهي من المستشارين الذين استعان بهم الفرع الأمريكي لمنظمة العفو الدولية في إعداد تقرير “متاهة العدالة”: “مما يبعث على التفاؤل أن يبدأ الكونغرس في التصدي لبعض القضايا المعقدة المتعلقة بالولاية القضائية في الأراضي التي يسكنها الهنود الحمر”.وأضافت سارة دير تقول إن “مسألة تدهور السلطة في المناطق القبلية تعني أن الجاني من السكان الأصليين، إذا ما حُوكم أمام محكمة قبلية، قد يُحكم عليه بالسجن سنة واحدة فقط عقاباً على الجريمة، أما الجاني من غير السكان الأصليين فقد لا يُحاكم على الإطلاق. ويوفر التشريع الجديد خطوات أولية لتمكين سلطات الحكم القبلية من اتخاذ مزيد من الإجراءات المباشرة في حالات الجرائم العنيفة.”وحين يعلم الضحايا أن الجناة سوف يُحاسبون على أفعالهم، فسوف يكونون أكثر ميلاً للإبلاغ عن الجرائم. ومربط الفرس في هذا الصدد هو تمكين الأشخاص المكلفين بتنفيذ القانون في المناطق القبلية من حماية مجتمعاتهم”.ومن العوامل الأخرى التي تؤدي إلى عدم محاكمة الجناة الافتقار إلى ممرضات مدربات لفحص حالات الإيذاء الجنسي في مرافق هيئة الصحة المعنية بمناطق الهنود الحمر، بحيث يمكنهن إجراء فحوص الطب الشرعي وجمع أدلة أساسية. وقد أعرب تقرير “متاهة العدالة” عن القلق بشأن عدم وجود محاكمات والحاجة إلى معلومات دقيقة بخصوص معدلات المحاكمات.وقالت شارون أسيتوير، رئيسة المجلس الاستشاري المعني بالسكان الأصليين في الفرع الأمريكي لمنظمة العفو الدولية، إنه “لا توجد في الوقت الحالي نظم موحدة بخصوص الإيذاء الجنسي لدى مرافق هيئة الصحة المعنية بمناطق الهنود الحمر، وهو الأمر الذي يعني أن ضحايا الجرائم الجنسية العنيفة قد لا يحصلون على طاقم الأدوات الخاصة بحالات الاغتصاب، والتي تتيح الحصول على أدلة جوهرية لمحاكمة الجناة”.