ناشط فلسطيني يواجه حكماً بالسجن

حثت منظمة العفو الدولية المحكمة العسكرية الإسرائيلية على عدم إدانة ناشط فلسطيني سلمي معتقل منذ يوليو/ تموز الماضي عقب مشاركته في احتجاج ضد بناء إسرائيل جداراً عازلاً على الأراضي الفلسطينية. فقد وجِّهت إلى أديب أبو رحمة تهم “التواجد في منطقة عسكرية معلنة”، و”التحريض” و”القيام بنشاط ضد النظام العام”. وثمة بواعث قلق حقيقية من أن تدينه محكمة عوفر العسكرية في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل يوم الأحد.وتقول منظمة العفو الدولية إنه “من شأن صدور حكم بالإدانة أن يشكل سابقة تبعث على القلق لدى الناشطين الآخرين الذين وجه إليهم الاتهام وينتظرون المحاكمة، نظراً لأن أديب أبو رحمة سوف يكون أول ناشط ضد جدار العزل يقدم إلى محاكمة كاملة تقوم على الأدلة في قضية من هذا النوع”. حيث يعتقل العديد من الفلسطينيين الذين يحتجون بطريقة لا عنف فيها ضد جدار العزل دون اتهام أو محاكمة، بينما يدخل الآخرون ممن يتهمون بمخالفات من قبيل إلقاء الحجارة في تسويات مع السلطات في كثير من الأحيان. وقد أنكر أديب أبو رحمة جميع التهم الموجهة إليه وقال إنه قد كان حاضراً في عدة مناسبات مختلفة في مظاهرات سلمية ضد جدار العزل. وسُحبت تهمة أولية وجهت ضده بتحريض آخرين على إلقاء الحجارة عقب محاججات وأدلة قدّمها محامو الدفاع. وكان الناشط قد أعرب على نحو متكرر التزامه بمبدأ اللاعنف. وقالت منظمة العفو الدولية إنها ليست على علم بأي دليل ذي مصداقية بأنه يمكن أن يكون قد استعمل العنف أو دعا إليه. وقالت منظمة العفو: “إن النطاق الواسع للأوامر العسكرية الإسرائيلية تعني إمكان أن يسجن أديب أبو رحمة لسبب وحيد هو ممارسته المشروعة لحقه في حرية التعبير عن مناهضته للسياسات الإسرائيلية في الضفة الغربية”.”وإذا ما كان الأمر كذلك، فإننا سوف نعتبره سجين رأي ينبغي الإفراج عنه فوراً وبلا قيد أو شرط.”وبمقتضى الأوامر العسكرية التي تطبق على الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، يمكن أن يحكم على الشخص الذي يدان بتهمة ممارسة “أعمال تحريضية ودعاية معادية” بالسجن عشر سنوات أو بغرامة أو بكليهما. ويمكن أن تصل العقوبة لتهمة “نشاط ضد النظام العام” إلى السجن خمس سنوات. وقبض على أديب أبو رحمة، وهو سائق تكسي وأب لتسعة أطفال من قرية بلعين في الضفة الغربية، حوالي الساعة 1.30 من بعد ظهر 10 يوليو/تموز 2009 أثناء مشاركته في مظاهرة أسبوعية ضد الجدار بالقرب من بلعين. ولم يتمكن أديب أبو رحمة وعائلة زوجته، فاطمة، منذ مارس/آذار 2009، من الوصول إلى نحو 25 فداناً من أراضيهم للعناية بأشجار الزيتون ومزروعاتهم من الحبوب التي غدا الجدار يفصلهم عنها الآن.  وقد دأب القرويون، جنباً إلى جنب مع متضامنين فلسطينيين وإسرائيليين ودوليين، على الالتقاء في مظاهرات أسبوعية على مدار السنوات الخمس الماضية احتجاجاً على الجدار وعلى مصادرة السلطات الإسرائيلية للأراضي. وفي مارس/آذار 2010، علّق الجنود الإسرائيليون منشورات في بلعين أعلنوا فيها أن القرية والمنطقة المحيطة بها قد أصبحت منطقة عسكرية مغلقة كل يوم جمعة، من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الثامنة مساء، وهو اليوم الذي تنظم فيه الاحتجاجات. وبينما ينطبق الأمر على “المواطنين الإسرائيليين والأجانب والفلسطينيين من غير المقيمين في القرية”، فإنه يقول إن سكان القرية غير مشمولين به. وشكل اعتقال ثلاثة من الناشطين البارزين ضد الجدار في السنة الماضية – وهم محمد عثمان وعبد الله أبو رحمة وجمال جمعة – مؤشراً على حملة قمعية ضد التعبير المشروع عن معارضة  بناء الجدار على أراضي الضفة الغربية المحتلة. وأفرج عن محمد عثمان وجمال جمعة دون توجيه تهمة إليهم في يناير/كانون الثاني 2010 عقب دعوات عالمية إلى وضع حد لاعتقالهما. بينما لا يزال عبد الله أبو رحمة، رئيس “اللجنة الشعبية لمناهضة الجدار” والذي قبض عليه في 10 ديسمبر/كانون الأول 2009، رهن الاعتقال. وقد قتلت القوات الإسرائيلية ثمانية أشخاص في السنتين الماضيتين، بمن فيهم صبي في العاشرة وشابان في سن المراهقة، في مواقع المظاهرات ضد الجدار، كما جرحت عشرات غيرهم جراح بعضهم خطيرة للغاية. ولم تستطع السلطات الإسرائيلية إبراز أي أدلة ذات مصداقية بأن من قتلوا كان يمثلون تهديداً لحياة جنودها. ويتلوى الجدار الإسرائيلي البالغ طوله 700 كيلومتراً من شمال الضفة الغربية إلى جنوبها ليطوق القرى الفلسطينية وأحياء بأكملها في القدس الشرقية ومحيطها.  ولم يتم بناء القسط الأكبر من الجدار فوق “الخط الأخضر” (خط الهدنة لسنة 1949 الذي يفصل دولة إسرائيل عن الضفة الغربية المحتلة)، وإنما أقيم فوق أراض فلسطينية داخل الضفة الغربية، وعلى نحو يفصل المدن والقرى والتجمعات السكانية والعائلات عن بعضها البعض وعن الخدمات الضرورية، ويعزل المزارعين الفلسطينيين عن أراضيهم. وفي يونيو/حزيران 2004، أصدرت محكمة العدل الدولية بالإجماع رأياً استشارياً أكد أن بناء الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتملة خرق للقانون الدولي وأن إسرائيل ملزمة بتفكيك الأجزاء التي بنتها فوق هذه الأراضي وبتقديم التعويضات إلى الفلسطينيين المتضررين من إقامته. ورفضت الحكومة الإسرائيلية هذه التوصيات. فضلاً عن ذلك، كثيراً ما استخدمت القوات الإسرائيلية القوة المفرطة ضد الفلسطينيين والمتضامنين الإسرائيليين والدوليين معهم عندما كانوا يتجمعون للتظاهر ضد بناء الجدار. ويجري تسيير بعض هذه المظاهرات بصورة سلمية، بينما يلقي بعض المحتجين الحجارة على الجنود الإسرائيليين أحياناً أو يحاولون هدم جانب من الجدار.