استهداف الصحفيين الفلسطينيين

دعت منظمة العفو الدولية السلطات الفلسطينية والإسرائيلية إلى الإفراج عن جميع الصحفيين المعتقلين لقيامهم بأنشطتهم المهنية المشروعة، وسط مناخ من استمرار مضايقة العاملين في الإعلام في المنطقة. وجاءت هذه الدعوة إثر إفراج “حماس” عن الصحفي البريطاني بول مارتن، الذي قُبض عليه في غزة الشهر الماضي بعد أن وجِّهت إليه تهمة “التعاون مع إسرائيل”، وهي مزاعم ينكرها بشدة. حيث احتجز بول مارتن لأكثر من ثلاثة أسابيع بعد سفره إلى غزة لتقديم شهادته في محاكمة فلسطيني متهم بالتعاون مع إسرائيل. وقد دأبت السلطات الفلسطينية والإسرائيلية، على السواء، على استهداف الصحفيين الفلسطينيين العاملين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا يزال عدد من هؤلاء الصحفيين رهن الاعتقال، بينما يعتبر التحرش بالعاملين في الإعلام من الأمور المعتادة. وتعليقاً على الإفراج عن الصحفي البريطاني، قال مالكوم سمارت، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “إن الإفراج عن بول مارتن، وهو أمر مرحّب به، يوجِّه الأنظار إلى استمرار القيود المفروضة على الحرية الإعلامية وعلى المضايقات التي يتعرض لها الصحفيون العاملون في غزة والضفة الغربية. “وعلى وجه الخصوص، فإن الصحفيين الفلسطينيين هم الأكثر استهدافاً. ولا يتعرضون فحسب للمضايقات من جانب القوات الإسرائيلية، ولكن يواجه من يعتبرون من المتعاطفين مع “حماس” في الضفة الغربية التهديد بالاعتقال من قبل قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، بينما جرى استهداف المتعاطفين من الإعلاميين مع “فتح” في غزة على أيدي الأجهزة الأمنية التابعة لحماس.”ففي الضفة الغربية، حكمت محكمة عسكرية تابعة للسلطة الفلسطينية في الشهر الماضي على طارق أبو زياد، وهو صحفي ينتمي إلى “حماس”، بالسجن 18 شهراً رغم كونه مدنياً. ووجهت إليه تهمة “تقويض وضع السلطة ومقاومة السياسة العامة للسلطة الفلسطينية”. وقال مكتب الادعاء العام أيضاً إن طارق أبو زياد قد وجِد مذنباً بالتحريض و”بإفشاء معلومات” وتقديم أموال إلى أطراف مناهضة للسلطة الفلسطينية. وقد تعرض طارق أبو زياد لعمليات اعتقال متكررة. ففي 2008، احتجزته السلطات الإسرائيلية بلا تهمة أو محاكمة لمدة 11 شهراً. وعقب إفراج السلطات الإسرائيلية عنه، اعتقله في 2009 رجال الاستخبارات العسكرية التابعين للسلطة الفلسطينية. وفي 12 يناير/كانون الثاني 2010، أمرت المحكمة الفلسطينية العليا بالإفراج الفوري عن طارق أبو زياد، بيد أن أجهزة الأمن الفلسطينية لم تنصع لأمر المحكمة. وأُفرج عن صحفي آخر، هو مصطفى صبري، الذي كان فيما سبق يعمل في صحيفة “الرسالة”، في مطلع هذا الأسبوع بعد اعتقال بلا تهمة أو محاكمة لأكثر من أسبوعين لدى قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية. وكان مصطفى صبري، وهو كذلك عضو منتخب في مجلس بلدي قلقيلية عن قائمة “التغيير والإصلاح”، قد تعرض للاعتقال المتكرر من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية رغم قرارات “المحكمة الفلسطينية العليا” بالإفراج عنه في جميع المرات التي اعتقل فيها. وفي غضون ذلك، اعتقلت السلطات الإسرائيلية في الآونة الأخيرة عمر بلادي، مالِك إذاعة “كل الناس” الفلسطينية ومقدم البرامج فيها. وصدر قرار اعتقاله بناء على أمر من محكمة عسكرية إسرائيلية بحبسه 50 يوماً وتغريمه 1,500 شيكل (400 دولار أمريكي)، رغم عدم توجيه أي تهمة جنائية معترف بها إليه. لقد دأبت منظمة العفو الدولية على الإعراب بصورة متكررة عن بواعث قلقها بشأن الاعتداء على حرية التعبير للصحفيين العاملين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. إذ عمدت السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وإدارة الأمر الواقع “لحماس” في غزة على تكبيل الحرية الإعلامية وعلى اتخاذ الإجراءات ضد وسائل الإعلام والصحفيين من منتقديهما. في حين تواصل القوات الإسرائيلية مضايقة الصحفيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكثيراً ما تستخدم القوة المفرطة ضدهم.