تقرير إيران المقدم إلى الأمم المتحدة يرسم صورة مشوهة عن واقع حقوق الإنسان

قالت منظمة العفو الدولية الجمعة في ورقة تحليلية أعدت بالعلاقة مع مراجعة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لحالة إيران إن رؤية الحكومة الإيرانية لأوضاع حقوق الإنسان في البلاد مشوهة للغاية.

وأُعدت ورقة منظمة العفو هذه للرد على عرض تقدمت به إيران في إطار المراجعة الدورية العالمية. حيث ستقوم مجموعة عمل تابعة لمجلس حقوق الإنسان بتقييم سجل إيران في مضمار حقوق الإنسان في 15 فبراير/شباط.

ولدى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الفرصة كي تثير أسئلة أثناء المراجعة حول سجل إيران لحقوق الإنسان، ولأن تطرح توصيات على الحكومة الإيرانية، التي يمكن أن تقول بعدها أي هذه التوصيات تقبل به، إن كان هناك ما ستقبل به.

وتعليقاً على الموقف الإيراني في هذا الصدد، قالت حسيبة حاج صحراوي، نائبة مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “إما أن إيران قد فقدت صلتها بالواقع أو أنها غير راغبة في الاعتراف به. فتقرير الحكومة لا يرى أن هناك أية أزمة لحقوق الإنسان، وكل ما في الأمر أن هناك انتقادات تخفي وراءها دوافع سياسية.

وأضافت حسيبة حاج صحراوي قائلة: “يتعين على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تنظر إلى ما يحدث فعلاً في إيران: من اعتقالات وعمليات احتجاز جماعي، إلى ضرب المتظاهرين السلميين، إلى التعذيب حتى الموت في الحجز، إلى “المحاكمات الاستعراضية” والإعدامات على خلفية سياسية. فالسعي إلى إرضاء إيران أو التضامن الذي ليس في مكانه معها ينبغي أن لا يقفا عائقاً في سبيل مطالبة إيران باحترام واجباتها إزاء حقوق الإنسان”.

ويتضمن تحليل منظمة العفو الدولية أمثلة تبيِّن امتناع إيران عن احترام حقوق الإنسان، كما هو الحال بالنسبة للحق في محاكمة عادلة وفي حرية التعبير، وبالنسبة لاحترام حق النساء والأقليات الإثنية والدينية في الحرية من التمييز. كما يسلط التحليل الضوء على المغالطات التي يتضمنها تقرير الحكومة الإيرانية.

إذ يقول التقرير إن إيران تحظر استخدام التعذيب لانتزاع “الاعترافات”، غير أن واقع الحال يختلف كثيراً عن هذا. فالتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة لانتزاع “الاعترافات” متفش على نطاق واسع. كما تظهر المقاطع التي تم بثها على شاشات التلفزيون مؤخراً من “المحاكمات الاستعراضية” متهمين يعتريهم الذهول وهم يعتذرون ويقدمون ما بدا “اعترافات” تم الحصول عليها بالإكراه.

أما النظام القضائي الإيراني فليس تلك السلطة المستقلة التي يصورها تقرير الحكومة، حيث تؤثر الاعتبارات السياسية بصورة هائلة على تقديرات القضاة في القضايا الحساسة. كما إنه يميِّز ضد المرأة من أوله حتى آخره. فالنساء غائبات تماماً عن أي وظائف قيادية أو مواقع لصنع القرار، بينما تعادل شهادة المرأة في المحكمة نصف شهادة الرجل، ولا تتلقى سوى نصف التعويض الذي يحصل عليه الرجل في حالات الإصابة البدنية أو الوفاة.
وينتقد تقرير منظمة العفو الدولية امتناع إيران عن التواصل مع منظمات حقوق الإنسان ومع خبراء الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الذين لا تني تماطل بشأن السماح لهم بزيارة البلاد – خلافاً لما تدعيه بأنها قد تعاونت مع جماعات حقوق الإنسان. فلم يسمح لمنظمة العفو بزيارة إيران لإجراء أبحاث ميدانية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان منذ أبريل/نيسان 1979.

وما زالت عدة مشاريع قوانين لحقوق الإنسان قيد النظر من قبل المجلس منذ سنوات دون أن تحرز أي تقدم. وبين هذه مشروع قانون التحقيقات في جرائم الأحداث، الذي يمكن أن يقلص من عدد أحكام الإعدام التي تصدر بحق مذنبين أحداث، ومشروع قانون يحدد “الجرائم السياسية” وضع برلمان سابق مسودته قبل أكثر من خمس سنوات.

إن منظمة العفو الدولية قد اعترفت بأن تحسينات قد أدخلت على تشريعات ورد ذكرها في تقرير إيران المقدم إلى الأمم المتحدة. وتشمل هذه إحياء مكاتب النائب العام، والمساواة في الدية بين المسلمين وغير المسلمين، والجهود المبذولة لمكافحة الاتجار بالبشر.

وتختتم حسيبة حاج صحراوي بالقول: “لقد حان الوقت كي تتخذ إيران التدابير اللازمة لتحسين حالة حقوق الإنسان في البلاد بالسماح للمدافعين عن حقوق الإنسان بالعمل دونما رهبة، وللصحفيين بإعداد تقاريرهم بحرية، وللناس بأن يتظاهروا دون أن يتعرضوا للعنف، وبالتأكد من وضع آليات لتحسين حال القضاء وضمان المساءلة”.