الانقسامات في مجلس حقوق الإنسان يجب ألا تحول دون المساءلة بشأن غزة

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن الانقسامات السياسية بشأن اعتماد قرار مجلس حقوق الإنسان المتعلق بأوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة يجب ألا تشكل عقبة في سبيل إجراء تحقيقات في الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي التي ورد أنها ارتُكبت إبان النـزاع في غزة وجنوب إسرائيل.

ويتصدى القرار لانتهاكات حقوق الإنسان على أيدي الإسرائيليين، ولكنه في الوقت الذي يشجب “كل استهداف للمدنيين”، فإنه لا يذكر صراحةً الانتهاكات على أيدي حركة حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية. وقد اعتُمد القرار بانقسام في التصويت، شهد بلداناً من جميع مناطق العالم تمتنع أو تعارض أو ترفض التصويت على القرار.

ومع أن القرار يتبنى التوصيات الواردة في تقرير غولدستون، فإن السيرورة التي أدت إلى إصدار القرار ستجعل من الصعب على الأمم المتحدة أن تعمل بشكل بناء من أجل إنفاذ مفعول النتائج الرئيسية للتقرير.

ففي المناقشات التي أجراها المجلس حول تقرير غولدستون، اعترفت أغلبية الوفود من جميع مناطق العالم بقيمة التقرير ودعت إلى وضع حد للإفلات من العقاب وإلى المساءلة على انتهاكات القانون الدولي التي ارتكبها جميع أطراف النـزاع. بيد أن منظمة العفو الدولية تعرب عن أسفها لأن الدول الأعضاء لم ترتق إلى مستوى التحدي للوصول إلى صيغة من شأنها أن تعكس الإجماع على ضرورة فرض المساءلة.

ويوصي القرار بأن تقوم الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي الهيئة التالية التي تستطيع النظر في تقرير غولدستون، بأن تنظر فيه خلال دورتها الحالية. إن منظمة العفو الدولية تحث الجمعية العامة على الطلب من إسرائيل وإدارة حماس في غزة الشروع بإجراء تحقيقات مستقلة وتفي بالمعايير الدولية في جرائم الحرب المزعومة والجرائم ضد الإنسانية المحتملة وغيرها من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي التي ورد أنها وقعت إبان النـزاع.

ويجب أن تتماشى هذه التحقيقات مع التوصيات التي تضمّنها تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن النـزاع في غزة برئاسة القاضي ريتشارد غولدستون.

كما يتعين على الجمعية العامة أن تنشئ لجنة مؤلفة من خبراء في القانون الدولي يتسمون بالاستقلال والحيدة، كي تتولى مهمة تقييم فاعلية وأصالة التدابير التي تُتخذ ضمن إطار زمني محدد من قبل الإسرائيليين والفلسطينيين، بالإضافة إلى اتساقها مع المعايير الدولية، أو أن تطلب من الأمين العام للأمم المتحدة الاضطلاع بهذه المهمة. كما ينبغي أن تضع نصاً يتعلق بالتصدي لفشل السلطات الإسرائيلية والفلسطينية ذات الصلة في فرض المساءلة بشكل فعال.

وخلص تقرير غولدستون إلى أن إسرائيل وحماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة في غزة ارتكبت انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، ومنها جرائم حرب وربما جرائم ضد الإنسانية.

ونشير إلى أن النتائج التي توصل إليها التقرير تتسق تماماً مع النتائج التي توصلت إليها منظمة العفو الدولية وغيرها من منظمات حقوق الإنسان التي أجرت تحقيقات مشابهة.

بيد أنه لم يتم إجراء أية تحقيقات ذات صدقية من جانب إسرائيل أو الفلسطينيين حتى الآن.

وتذكِّر منظمة العفو الدولية الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف لعام 1949 بمسؤوليتها الفردية عن ضمان المساءلة من خلال ممارسة الولاية القضائية العالمية في إجراء تحقيقات جنائية في المحاكم الوطنية حيثما تتوفر أدلة كافية مقبولة على وقوع انتهاكات لاتفاقيات جنيف.

وتعتقد المنظمة أن المساءلة على الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي تعتبر مكوناً أساسياً من مكونات عملية إرساء سلام عادل ودائم في المنطقة