إيران: ينبغي الكف عن استخدام فرق المتطوعين (الباسيج) في التصدي للمظاهرات

في أعقاب الأنباء الواردة من إيران عن لجوء أفراد من فرق المتطوعين، المعروفة باسم “الباسيج”، إلى الإفراط في استخدام القوة ضد المتظاهرين، وعلى ضوء التاريخ الطويل من الانتهاكات التي استخدمها هذا الفرع من قوات الأمن والذي لا يخضع للمحاسبة، فإن منظمة العفو الدولية تدعو الحكومة الإيرانية إلى الكف فوراً عن استخدام هذه الفرق في التصدي للمظاهرات.

وفرق “الباسيج” هي قوات شبه عسكرية من المتطوعين الذكور والإناث، وتخضع لسيطرة “قوات الحرس الثوري الإسلامي”. ويوجد أعضاء هذه الفرق في المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية والخاصة وفي المصانع، وحتى بين القبائل. وتُستخدم فرق “الباسيج” على نطاق واسع للحفاظ على القانون والنظام ولقمع المعارضة، وكثيراً ما اتُهمت باستخدام الوحشية المفرطة.

وقد ذكر كثيرون ممن شاركوا في المظاهرات الأخيرة أن أفراداً مسلحين لا يرتدون زياً رسمياً، ويُعتقد أنهم من أفراد فرق “الباسيج”، قد أفرطوا في استخدام القوة وارتكبوا انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك ضرب المتظاهرين في الشوارع واستخدام الأسلحة النارية ضدهم. وقد التُقط شريط فيديو يظهر فيه أحد أفراد “الباسيج” وهو يطلق النار من مبنى تستخدمه فرق “الباسيج” خلال المظاهرات التي اندلعت يوم الاثنين 14 يونيو/حزيران وقُتل خلالها ما لا يقل عن ثمانية أشخاص. وكان من الواجب أن يؤدي ظهور هذا الشريط إلى إسراع السلطات بإجراء تحقيق في الواقعة وإصدار تعليمات واضحة للحيلولة دون سقوط مزيد من القتلى. كما وُزع على نطاق واسع شريط فيديو آخر تظهر فيه شابة، ذُكر أن اسمها نيدا، وهي تُحتضر من جراء جرح في الصدر على ما يبدو، وترددت ادعاءات عن ضلوع أفراد من فرق “الباسيج” في الحادث.

إلا إن السلطات الإيرانية لم ترد على هذه الادعاءات بفتح تحقيق ملائم لإيضاح الملابسات التي تكتنف حالات الوفاة، بل لجأت بدلاً من ذلك إلى إصدار مزيد من التحذيرات بأن المظاهرات سوف تُواجه “بطريقة ثورية” على أيدي “قوات الحرس الثوري الإسلامي” وفرق “الباسيج” والشرطة وقوات الأمن الأخرى.

وتعليقاً على ذلك، قالت حسيبة حاج صحراوي، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، “إن الإيرانيين يرغبون في التعبير بصورة سلمية عن معارضتهم للأحداث الأخيرة التي أحاطت بالانتخابات، ولكن لا تُتاح لهم الفرصة لذلك، حيث يُواجهون بالعنف الذي أُضفيت عليه الصفة الشرعية من أعلى سلطة في البلاد. وقد حان الوقت لكي تسمح السلطات الإيرانية بالاحتجاج السلمي، وأن تسارع بإخلاء فرق “الباسيج” من الشوارع، إذ ينبغي أن يُترك أمر التعامل الأمني مع أية مظاهرات لقوات الشرطة وغيرها من قوات الأمن المدربة والمجهزة على نحو ملائم”.

وكانت الخطبة التي ألقاها المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، يوم الجمعة 19 يونيو/حزيران 2009 ودعا فيها إلى وقف المظاهرات، قد أعقبتها مظاهرات أخرى يوم السبت 20 يونيو/حزيران في طهران ومدن وبلدات أخرى في شتى أنحاء البلاد. وقد قُتل 13 شخصاً، وفقاً لما ذكرته السلطات، كما أُصيب كثيرون آخرون. كما ذكرت الحكومة أنه أُلقي القبض على ما يزيد عن 400 شخص. وقد اندلعت مظاهرة أخرى في طهران يوم الاثنين 22 يونيو/حزيران، وشارك فيها نحو ألف شخص، وواجهتها السلطات بإطلاق الغاز المسيل للدموع وبالقبض على عدد من الأشخاص.

وأضافت حسيبة حاج صحراوي تقول: “إن البيانات الصادرة مؤخراً عن الشرطة، والتي تنفي إطلاق النار على المتظاهرين، وكذلك عن النائب العام في طهران، والذي حمَّل فيها “إرهابيين مسلحين” مسؤولية أعمال القتل، تبدو وكأنها محاولة لتبرئة أجهزة الدولة من المسؤولية عن العنف. وهذا سبب آخر يدعو إلى الكف عن استخدام فرق “الباسيج”، إذ لا توجد وسيلة أمام الجمهور للتعرف على أعضاء هذه الفرق، ناهيك عن محاسبتهم عن الانتهاكات. وإذا كانت السلطات الإيرانية عاجزة عن السيطرة على هذه الفرق، فيجب عليها أن تسرع بحلها، إذ لا يُعقل أن تزودها بالأسلحة ثم تتبرأ من المسؤولية عند وقوع الانتهاكات”.

هذا، وتهيب منظمة العفو الدولية بالسلطات الإيرانية أن تقوم بإجراء تحقيق واف في جميع الأنباء المتعلقة بحالات الوفاة، بما في ذلك ما يُحتمل أن تكون حالات إعدام خارج نطاق القضاء، وتقديم كل من تثبت مسؤوليته إلى ساحة العدالة.