يختتم الزعيم الليبي معمر القذافي يوم الجمعة زيارته إلى إيطاليا التي تستغرق ثلاثة أيام وسط انتقادات من جماعات حقوق الإنسان لاتفاقية التعاون بين البلدين بشأن الحد من الهجرة غير القانونية ولمحاولات إيطاليا ’توكيل متعاقد خارجي‘، وهو ليبيا، بالتـزاماتها المتعلقة بتوفير الحماية للاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين.”
وقد دعت منظمة العفو الدولية كلا البلدين إلى جعل حقوق الإنسان جزءاً لا يتجزأ من سياسات الحد من الهجرة واحترام حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين.
وفي أغسطس/آب 2008 وقّع البلدان معاهدة صداقة وشراكة وتعاون، تضمنت بنوداً تتعلق ببذل جهود ثنائية لمكافحة “الهجرة غير القانونية” عن طريق تسيير دوريات مشتركة في البحر.
وكجزء من المعاهدة، قالت إيطاليا إنها ستدفع تعويضات عن احتلالها ليبيا على مدى 30 عاماً. وتشمل رزمة الخمسة مليارات دولار ( 3 مليار جنيه استرليني) إقامة مشاريع إنشائية وتقديم منح طلابية ودفع رواتب تقاعدية للجنود الليبيين الذين خدموا مع الإيطاليين إبان الحرب العالمية الثانية.
وبالمقابل، وافقت ليبيا، من بين أمور أخرى، على تشديد الرقابة على مياهها الإقليمية والمياه الدولية وقبول إنزال المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين الذين تعترضهم البحرية الإيطالية في البحر على الأراضي الليبية. وذُكر أن إيطاليا تعهدت بتوفير الموارد، بما فيها التقانة اللازمة للحد من تدفق المهاجرين عبر الحدود الجنوبية لليبيا.
وقالت منظمة العفو الدولية :”إنه يتعين على إيطاليا وليبيا توفير الحماية للذين يفرون من وجه الاضطهاد وأتون النـزاعات، وليس معاملتهم كأنهم سلع في صفقات تهدف إلى التهرب من الالتزامات الدولية المتعلقة بمعاملة المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين؛ وإن التعاون بين البلدين لا يجوز أن يكون بمثابة “توكيل متعاقد خارجي”، وهو ليبيا، بإدارة مشكلة تدفق المهاجرين، وخصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار سجل ليبيا السيء في مجال معاملة اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين.”
وفي عام 2008، وردت مزاعم حول تعذيب وإساءة معاملة اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين، ولكن السلطات الليبية لم تُجر أي تحقيقات فيها. كمالم توفر ليبيا الحماية للاجئين وطالبي اللجوء المنصوص عليها في القانون الدولي، لأن ليبيا ليس لديها نظام لجوء معمول به.
وعلى هذه الخلفية قالت إيطاليا إنها ستعيد قسراً الأشخاص القادمين من ليبيا ممن يتم اعتراضهم في البحر قبل وصولهم إلى الشواطىء الإيطالية.
وفي 6 مايو/أيار، أرسلت ثلاثة قوارب، تحمل على متنها قرابة 227 شخصاً من مواطني دول ثالثة، نداءات استغاثة أثناء مرورها على بعد نحو 50 ميلاً إلى الجنوب من جزيرة لامبيدوسا الإيطالية. وربما كان الخلاف بين الحكومتين المالطية والإيطالية بشأن الدولة التي تتحمل المسوؤلية سبباً في تأخير عمليات الإنقاذ.
وفي وقت لاحق نقل اثنان من قوارب خفر السواحل الإيطالية أولئك المهاجرين إلى طرابلس بليبيا من دون التوقف في أحد الموانىء الإيطالية. ونُقل عن وزير الداخلية الإيطالي روبيرتو ماروني قوله إن تلك العملية تمثل “إنجازاً تاريخياً بعد عام واحد من المفاوضات الثنائية مع ليبيا”.
ووقعت حوادث اعتراض قوارب في البحر وإعادة للمهاجرين على متنها. فوفقاً لمعلومات رسمية صادرة عن وزارة الداخلية الإيطالية، فإنه في الفترة 6-11 مايو/أيار، أُعيد إلى ليبيا نحو 500 شخص، بينهم صوماليون وإريتريون ومن بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، بعد أن اعترضتهم قوارب إيطالية في عرض البحر.
بيد أن تلك الإجراءات تشكل انتهاكاً لالتزامات إيطاليا، ومنها واجبها نحو عدم إرسال أشخاص إلى بلد يمكن أن يتعرضوا فيه لخطر الاضطهاد (مبدأ عدم الإعادة القسرية)، والسماح لهم بالاستفادة من إجراءات لجوء عادلة وكافية. وتنبثق هذه الالتزامات من حقيقة أن هؤلاء الأشخاص كانوا تحت السيطرة الفعلية للسلطات الإيطالية، مع أن أقدامهم لم تطأ التراب الإيطالي.
وانتقدت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة هذه الإجراءات وحثت إيطاليا على “ضمان السماح للأشخاص الذين يتم إنقاذهم في عرض البحر ويكونون بحاجة إلى حماية دولية بالوصول إلى الأراضي الإيطالية والاستفادة الكاملة من إجراءات اللجوء.”
وفي 14 مايو/أيار قامت الحكومة الإيطالية بتسليم ليبيا ثلاثة قوارب دورية لمراقبة سواحلها على البحر الأبيض المتوسط ضمن عمليات مشتركة مع القوات البحرية الإيطالية. كما وعدت الحكومة الإيطالية ليبيا بتسليمها ثلاثة قوارب دورية أخرى.
وفي الفترة 15-23 مايو/أيار قام فريق من منظمة العفو الدولية مكلف بتقصي الحقائق بشأن أوضاع حقوق الإنسان بزيارة إلى ليبيا، وهي الزيارة الأولى للمنظمة منذ عام 2004. وخلال وجود وفد المنظمة في ليبيا سُمح للمندوبين بزيارة قصيرة إلى مركز الاعتقال في مصراتة، الذي يقع على بعد 200 كيلومتر من طرابلس، والذي يُحتجز فيه بين 600 و 700 من المهاجرين غير القانونيين المزعومين، ومعظمهم من بلدان أفريقية، الذين يعيشون في أوضاع تتسم بالاكتظاظ الشديد.
ولا يزال العديد من الأشخاص قيد الاحتجاز منذ اعتراض سبيلهم بينما كانوا يشقون طريقهم إلى إيطاليا وغيرها من بلدان جنوب أوروبا.
وربما يكون في صفوف المحتجزين في سجن مصراتة لاجئون فارون من الاضطهاد، بينهم مواطنون اثيوبيون وصوماليون. ونظراً لأن ليبيا ليس لديها إجراءات لجوء وليست طرفاً في اتفاقية اللاجئين أو في البروتوكول الملحق بها لعام 1967، فإن المواطنين الأجانب، ومن بينهم أولئك الذين يحتاجون إلى حماية دولية، ربما يجدون أنفسهم خارج حماية القانون. ولا يُتاح للمعتقلين فرصة حقيقية لتقديم شكاوى بشأن التعرض للتعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة إلى سلطات قضائية مختصة أو الطعن في أسباب اعتقالهم. فقد قال بعض المواطنين الإريتريين الذين يشكلون نسبة كبيرة من المعتقلين في سجن مصراتة لمنظمة العفو الدولية إنهم محتجزون هناك منذ سنتين.
وفي الاجتماعات التي عقدتها مع مسؤولين حكوميين، أعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها بشأن اعتقال وإساءة معاملة مئات، وربما آلاف الأشخاص الذين يُفترض أنهم مهاجرون غير قانونيين، وحثت أولئك المسؤولين على وضع إجراءات سليمة لتحديد طالبي اللجوء واللاجئين وتوفير الحماية المناسبة لهم. كما حثت منظمة العفو الدولية السلطات الليبية على وقف عمليات الإعادة القسرية للأشخاص إلى بلدانهم الأصلية، التي يحتمل أن يتعرضوا فيها لانتهاكات خطيرة لحقوقهم الإنسانية، وعلى إيجاد بديل أفضل من الاعتقال للأشخاص الذين لا يستطيعون العودة إلى بلدانهم الأصلية لهذا السبب، وذلك على أقل تقدير.