إسرائيل تتسلم ذخائر أمريكية

كشفت منظمة العفو الدولية النقاب عن أن الولايات المتحدة سلمت إسرائيل شحنة ضخمة من الذخائر الأمريكية في الأسابيع الأخيرة. إذ تلقت المنظمة معلومات بأن سفينة الشحن الألمانية “ويهر إلبي”، المستأجرة خصيصاً لهذا الغرض من قبل قيادة أسطول الشحن العسكري للولايات المتحدة والخاضعة لسيطرتها، قد رستْ في 22 مارس/آذار وتم تنـزيل حمولتها البالغة أكثر من 300 حاوية في ميناء أشدود الإسرائيلي، الواقع على بعد 40 كيلومتراً إلى الشمال من غزة بالطريق البري.

وغادرت السفينة الألمانية الولايات المتحدة الأمريكية متجهة إلى إسرائيل في 20 ديسمبر/كانون الأول، أي قبل أسبوع واحد من بدء الهجمات الإسرائيلية على غزة. وكانت تحمل 989 حاوية من الذخائر، يبلغ طول الحاوية الواحدة منها 20 قدماً، ووزن الباخرة الصافي نحو 14,000  طن.

ولدى سؤاله حول سفينة “ويهر إلبي”، أكد ناطق رسمي بلسان البنتاغون لمنظمة العفو الدولية أن “تنـزيل شحنة الذخائر الأمريكية بأكملها في بناء أشدود [بإسرائيل] قد تم بنجاح في 22 مارس/آذار”. وقال الناطق الرسمي إن الشحنة كانت موجهة إلى مخازن الذخيرة التابعة للولايات المتحدة والموجودة أصلاً في إسرائيل. وبموجب اتفاق أمريكي- إسرائيلي، يجوز نقل الذخيرة من هذه المخازن لاستخدامها من قبل إسرائيل عند الضرورة.

وكان مصدر بعض قنابل المدفعية الفسفورية التي أطلقتها القوات الإسرائيلية على مناطق سكنية مزدحمة في غزة في يناير/كانون الثاني المنصرم، وأدت إلى مقتل وجرح العشرات من المدنيين الفلسطينيين، هو مخازن الأسلحة التابعة للولايات المتحدة، كما تشير على نحو جلي علامات (M825 A1) التي ظهرت على أغلفة هذه القنابل. وعثر أيضاً على قنابل مدفعية أخرى من الفسفور الأبيض من صنع أمريكي، واستخدمتها القوات الإسرائيلية لارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي في الأسابيع الأولى من الحرب على غزة.

وأبلغ مسؤول أمريكي آخر منظمة العفو الدولية أن سلطات الولايات المتحدة تعكف على مراجعة استخدام إسرائيل لأسلحة الولايات المتحدة خلال نزاع غزة لمعرفة ما إذا كانت إسرائيل قد التزمت بقوانين الولايات المتحدة أم لا، ولكنها لم تتوصل إلى نتائج بعد.

وفي هذه الأثناء، ما زال مدنيون فلسطينيون يلقون مصرعهم بسبب ما لحق بهم من إصابات أثناء الهجمات الإسرائيلية في يناير/كانون الثاني الماضي. فقبل يومين اثنين، توفيت غادة أبو حليمة، التي أصيبت بحروق عميقة ناجمة عن الفسفور الأيبيض في 4 يناير/كانون الثاني، متأثرة بجراحها. وكان الهجوم الذي أصيبت فيه بجروح بليغة قد أودى بحياة والد زوجها وأربعة من من أحفاده الصغار، بمن فيهم طفلة لا يزيد عمرها على سنة واحدة، بينما أصيبت جراء القصف كذلك والدة زوجها وعدد من أطفال العائلة.

وقالت منظمة العفو الدولة إنه كان ينبغي وقف تسليم شحنة الأسلحة، وإن عدم قيام الولايات المتحدة بذلك يلقي ظلالاً من الشك حول ما إذا كان الرئيس أوباما سيقوم بأي خطوات لمنع أن تؤدي أسلحة الولايات المتحدة إلى تأجيج النـزاعات وتسهم في هجمات ضد المدنيين يمكن أن ترقى إلى مستوى جرائم الحرب، على غرار الطريقة التي استخدمت بها في غزة.

وقال برايان وود، ، مدير حملة الحد من الأسلحة في منظمة العفو الدولية، إنه “كان يتعين على إدارة أوباما من الناحية القانونية والأخلاقية وقف شحنة الأسلحة الأمريكية  نظراً لحجم الأدلة التي تُظهر كيف استخدمت القوات الإسرائيلية هذا النوع من المعدات والذخائر الحربية لارتكاب جرائم حرب. كما أن إمدادات الأسلحة في هذه الظروف تعتبر متناقضة مع أحكام القانون في الولايات المتحدة.”

ومضى برايان وود إلى القول: ” إن ثمة مخاطرة كبرى من أن تُستخدم الذخائر الجديدة من قبل الجيش الإسرائيلي لارتكاب مزيد من انتهاكات القانون الدولي، كتلك التي ارتُكبت خلال الحرب على غزة. وإننا نحث جميع الحكومات على فرض حظر فوري وشامل على إرسال الأسلحة إلى إسرائيل، وإلى جميع الجماعات المسلحة الفلسطينية، ريثما تنتهي المخاطر الحقيقية لوقوع انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.”

لقد شكلت الولايات المتحدة المزوِّد الأكبر لإسرائيل بالأسلحة في الفترة من عام 2004 إلى عام 2008. ومن المقرر أن تزود حكومة الولايات المتحدة إسرائيل بمساعدات عسكرية بقيمة 30 مليار دولار أمريكي.
وبحسب أحد المسؤولين في الولايات المتحدة، فإنه ليس لدى الرئيس أوباما خطط لتخفيض المساعدات العسكرية بقيمة مليارات الدولارات التي وُعدت بها إسرائيل بموجب عقد مدته عشر سنوات وقعت عليه إدارة بوش في عام 2007. وتزيد قيمة العقد الجديد على قيمة العقد السابق الذي أُبرم مع الإدارة الأمريكية السابقة بنحو 25 بالمئة.  

وقد نشرت منظمة العفو الدولية تقارير تفصيلية بشأن جرائم الحرب التي يُشتبه في أنها ارتُكبت على أيدي الجيش الإسرائيلي والجماعات المسلحة الفلسطينية في غزة. وفي 15 يناير/كانون الثاني، دعت المنظمة جميع الحكومات إلى الوقف الفوري لعمليات نقل الأسلحة إلى جميع أطراف النـزاع في غزة بهدف منع وقوع مزيد من الانتهاكات التي تُرتكب نتيجة لاستخدام الذخائر وغيرها من المعدات العسكرية.