يتعين على إسرائيل كشف النقاب عن الأسلحة التي استعملتها في غزة

ينبغي حث السلطات الإسرائيلية على كشف النقاب عن الأسلحة والذخائر التي استعملتها قواتها أثناء الحملة العسكرية على غزة، التي بدأت في 27 ديسمبر/كانون الأول 2008 واستمرت ثلاثة أسابيع.

وقد دعت منظمة العفو الدولية إلى كشف النقاب عن الأسلحة والذخائر لتمكين العاملين الطبيين بصورة أفضل من معالجة ضحايا النـزاع، الذي بعد بوقف إطلاق النار الذي أعلنته إسرائيل في 18 يناير/كانون الثاني.

وأدى عدم كشف إسرائيل فيما مضى، ورفضها التأكيد لاحقاً، على أن قواتها قد استخدمت الفسفور الأبيض إلى عدم تمكُّن الأطباء من تقديم العلاج الصحيح للأشخاص الذين عانوا من حروق تسبب فيها هذا السلاح.

وفي هذا الصدد، قالت دوناتيلاّ روفيرا، التي ترأس فريق تقصي الحقائق التابع لمنظمة العفو الدولية في غزة: “نعرف الآن أن ذخائر الفوسفور الأبيض قد استعملت في مناطق مدنية معمورة، مع أن السلطات الإسرائيلية قد أنكرت ذلك فيما سبق. وبين أيدينا الآن أدلة لا تُدحض على استخدام هذا السلاح، غير أن الأطباء الذين عالجوا الإصابات الأولى الناجمة عنه لم يتمكنوا من تحديد طبيعة الإصابات”.

وقد قُتل زهاء 1,300 فلسطيني أثناء الحملة. وكان بين من لقوا مصرعهم ما يربو على 400 طفل وما يزيد على 100 امرأة. بينما أصيب أكثر من 5,300 فلسطيني بجروح؛ وسيعيش العديد منهم مع الإعاقة لما تبقى من حياته.

وقالت دوناتيلا روفيرا: “لقد أكد المسؤولون الإسرائيليون مرة تلو المرة أن عمليتهم العسكرية تستهدف حماس، وأنها ليست ضد شعب غزة. وليس ثمة عذر لمواصلة إخفاء المعلومات اللازمة للعلاج الفعال للأشخاص الذين أصيبوا في الهجمات الإسرائيلية. فعدم التعاون من جانب إسرائيل يؤدي اليوم إلى وفيات يمكن أن لا تحدث ومعاناة لا لزوم لها”.
ومضت إلى القول: ” إن على السلطات الإسرائيلية أن تحترم واجباتها في ضمان العناية السريعة والكافية بالجرحى عن طريق الكشف الكامل عن الأسلحة والذخائر التي استخدمتها في غزة، وتوفير المعلومات الأخرى ذات الصلة التي يمكن أن تساعد الفرق الطبية”.

وقد أصيب ضحايا آخرون للنـزاع بجروح يقول الأطباء إنه يجدون صعوبة في معالجتها بسبب عدم تأكدهم من طبيعة الذخائر التي تسببت بها. إذ أحضر بعض ضحايا الضربات الجوية الإسرائيلية إلى المستشفى وأطرافهم متفحمه وممزقة شر تمزيق. ومن غير المعروف أية أسلحة قد ألحقت بهم هذه الإصابات.

وقالت دوناتيلا روفيرا إنه “لا يجوز أن تُزهق أرواح المزيد من البشر لأن الأطباء لا يعرفون ما الذي تسبب بجروح المصابين، وطبيعة المضاعفات الطبية التي يمكن أن تحدث. وينبغي أن يعرفوا معرفة تامة ما هم بصدده حتى يستطيعوا توفير العناية التي تنقذ حياة الضحايا”.

ويمكن لقطع الفسفور التي تخترق الجلد أن تواصل الاشتعال، مسببة آلاماً لا تطاق بسبب الحروق التي تزداد اتساعاً وعمقاً، كما يمكن أن تتلف أجهزة الجسم الداخلية. ويمكن أن تؤدي إلى تلويث أجزاء أخرى من جسم المريض، وحتى إلى إلحاق الأذى بمن يتولون علاج هذه الإصابات.

كما يمكن لحالة الأشخاص المصابين بحروق تسببت عن الفسفور الأبيض أن تتدهور بسرعة. فحتى الأشخاص الذين تغطي الحروق مساحة صغيرة نسبياً من أجسامهم – 10 إلى 15 بالمائة –  ممن يشفون في الأحوال العادية – معرضون لأن تتدهور حالتهم وأن يفارقوا الحياة.

وأبلغ أحد أختصاصيي الحروق في مستشفى الشفاء في غزة منظمة العفو الدولية: “لاحظنا أن الحروق تختلف عن أي شيء سبق وأن عالجناه في حياتنا. فبعد بضع ساعات، أصبحت الحروق أكثر اتساعاً وعمقاً، وكانت تنبعث منها رائحة مؤذية بينما يتصاعد منها الدخان”.

ولم يستطع الأطباء المحليون أن يعرفوا سبب الإصابات أو كيفية التعامل معها إلا بعد وصول عدد من الأطباء الأجانب إلى قطاع غزة، أي بعد أيام من مشاهدة الإصابات الأولى بالفسفور الأبيض.

فسامية سلمان المنايعة، وهي فتاة تبلغ من العمر 16 عاماً، كانت نائمة في بيتها في مخيم جباليا  للاجئين، شمال مدينة غزة، عندما سقطت قنبلة فسفورية على الطابق الأول من البيت في الساعة الثامنة من مساء 10 يناير/كانون الثاني.

وبعد عشرة أيام، أبلغت منظمة العفو الدولية من سريرها في المستشفى أنها لا تزال تشعر بألم شديد بسبب الحروق التي أصيبت بها في وجهها وساقيها. وقالت: “إن الألم يعترصرني . أشعر وكأن ناراً تشتعل داخل جسمي. إنه أشد مما أستطيع تحمله. ورغم كل الأدوية التي يعطونني إياها، لا يزال الألم لا يطاق”.