أصدرت محكمة في تونس أحكاماً بالسجن مدداً تصل إلى عشر سنوات على 33 عاملاً وناشطاً نقابياً عقب محاكمة جائرة. واتُهم القيادي النقابي عدنان حاجي و37 آخرون بقيادة اضطرابات في منطقة قفصة الغنية بالفوسفات الواقعة جنوب شرق تونس في فترة سابقة من هذا العام.
وقد نددت منظمة العفو الدولية بأحكام السجن واصفة إياها “بتحريف للعدالة” ودعت السلطات التونسية إلى الإفراج عن جميع الذين قُبض عليهم وحوكموا بسبب ممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير والتجمع. ويجب إعادة محاكمة الآخرين في إجراءات عادلة تتماشى مع الواجبات الدولية المترتبة على تونس.
ولم يكن أربعة من المتهمين محتجزين وقد حوكموا غيابياً. ومن أصل 38، صدرت على سبعة منهم عقوبة بالسجن لمدة عشر سنوات. وهم يشملون عدنان حاجي، الأمين العام للمكتب المحلي للاتحاد العام للعمال التونسيين في ردييف والناطق باسم حركة الاحتجاج الاجتماعي في قفصة.
وصدرت على الباقين أحكام بالسجن تتراوحت بين سنتين وست سنوات، بما فيها 8 أحكام على الأقل مع وقف التنفيذ. وصدرت على الصحفي فاهم بوقدوس وناشط حقوق الإنسان المقيم في فرنسا محي الدين شربيب حكمين بالسجن غيابياً لمدة ست سنوات وسنتين على التوالي. وبُرئت ساحة خمسة متهمين آخرين ولم يُفرج عنهم بعد.
وتضمنت التهم “تشكيل جماعة إجرامية تهدف إلى تدمير الممتلكات العامة والخاصة” و” التمرد المسلح والاعتداء على موظفين رسميين أثناء أدائهم لمهامهم”. وكانوا ضمن المئات من الذين قُبض عليهم عقب موجة من الاحتجاجات ضد البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة عصفت بمنطقة قفصة الغنية بالفوسفات في جنوب شرق تونس في النصف الأول من هذا العام.
وقالت حسيبة حاج صحراوي نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية إن “الأحكام والعقوبات كانت تشويهاً للعدالة ولا يجوز السماح بإنفاذها”، وأضافت بأن “السلطات التونسية يجب أن تتوقف حالاً عن تجريم الاحتجاجات الاجتماعية. وعوضاً عن محاكمة المتظاهرين والنقابيين العماليين المسالمين، ينبغي على السلطات التحقيق في مزاعم التعذيب التي أثارها المتهمون سابقاً.”
وقد صدر الحكم يوم الخميس في 11 ديسمبر/كانون الأول عقب وقف المحاكمة لعدة ساعات. وصدرت الأحكام بدون أن يتمكن محامو الدفاع من حضور القضية وبدون استجواب المتهمين في المحكمة.
ورفضت المحكمة طلبات المحامين بالكشف الطبي على موكليهم للتحقق من وجود آثار تعذيب محتمل، وباستدعاء الشهود واستجوابهم.
وصدر الحكم وسط أنباء عن وجود أمني مكثف. ونُشرت قوات الأمن على الطرقات المؤدية إلى المحكمة فضلاً عن المداخل الرئيسية لمدينة قفصة. وقيل إن قوات الأمن سدت الطرق المؤدية إلى المحكمة ومنعت عدداً من نشطاء حقوق الإنسان من الوصول إلى المحكمة.
وقالت حسيبة حاجي صحراوي إن ” المحاكمة تثير أسئلة مرة أخرى حول استقلال السلطة القضائية في تونس وتُظهر تصميم السلطات التونسية على قمع أية أصوات مستقلة داخل البلاد.”
وقد عصفت موجة من الاحتجاجات الشعبية بمنطقة قفصة في النصف الأول من هذا العام. وبدأت في بلدة ردييف بعدما أعلن رب العمل الرئيسي في المنطقة، شركة قفصة للفوسفات، نتائج مباراة للتوظيف.
وشُجب الذين رسبوا فيها وآخرون بينهم الاتحاد العام للعمال التونسيين النتائج واصفين إياها بالمزورة. وتحولت الاحتجاجات إلى احتجاج عام على ارتفاع معدل البطالة وغلاء المعيشة وانتقلت إلى بلدات أخرى حيث نشرت السلطات أعداداً كبيرة من الشرطة وغيرها من قوات الأمن في المنطقة.
وقُبض على المئات من المتظاهرين واتُهم أكثر من 140 منهم بارتكاب جرائم وأُدين بعضهم وحُكم عليهم بالسجن.