من المقرر أن تُستأنف أمام محكمة الطوارئ في 6 سبتمبر/أيلول محاكمة 49 شخصاً يُزعم أنهم شاركوا في الاحتجاجات العنيفة التي وقعت في 6 أبريل/نيسان 2008 في مدينة المحلة.
وقد دعت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية مراراً وتكراراً إلى وقف محاكمة الأفراد أمام محاكم طوارئ خاصة والتي تشكِّل إجراءاتها خرقاً للضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة.
ففي 5 أبريل/نيسان 2008، حظرت الحكومة جميع المظاهرات قبيل حلول موعد إضراب عام تم الإعلان عنه تضامناً مع التحرك العمالي لعمال النسيح في مدينة المحلة، شمالي القاهرة. وقامت الحكومة بنشر الآلاف من أفراد الشرطة وقوات الأمن في المحلة والقاهرة ومدن أخرى.
وقد دعت القيادات العمالية إلى إلغاء التحرك العمالي إثر مفاوضات مع مسؤولين حكوميين وتحت ضغط من الحكومة، بيد أن احتجاجات عنيفة انفجرت في المحلة ضد ارتفاع تكاليف المعيشة. ولقي ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص، بينهم طالب المدرسة أحمد علي مبروك، مصرعهم إثر إطلاق قوات الأمن النار عليهم، بينما جُرح العشرات نتيجة استخدام قوات الأمن المفرط للقوة. وجرى اعتقال نحو 258 شخصاً أثناء المصادمات، وأفرج عنهم لاحقاً دون توجيه أي اتهام إليهم.
ويُحاكم المتهمون التسعة والأربعون بسلسلة طويلة من التهم، بما فيها: التجمع لأكثر من خمسة أشخاص بغرض تعكير صفو النظام العام والأمن؛ والتدمير المتعمد لممتلكات عامة وخاصة؛ والسلب والسرقة؛ والمقاومة والمهاجمة العنيفة لرجال الشرطة أثناء ممارستهم واجباتهم؛ والحيازة غير القانونية لأسلحة نارية. وإذا ما أدينوا، فيمكن أن يواجهوا أحكاماً بالسجن تصل إلى 15 سنة.
والمتهمون هم أول دفعة تُحاكم أمام محكمة طوارئ في أعقاب تجديد السلطات المصرية لحالة الطوارئ في مايو/أيار 2008. وتستخدِم محاكم الطوارئ بانتظام أدلة تم الحصول عليها تحت التعذيب أو غيره من صنوف سوء المعاملة لضمان الإدانة، كما إن إجراءاتها لا تفي بصورة روتينية بما تقتضيه الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة. ومن غير الممكن استئناف أحكام محاكم الطوارئ، وتصبح نافذة بمجرد تصديق الرئيس عليها.
وكانت المحاكمة، التي بدأت في 9 أغسطس/آب أمام المحكمة العليا لأمن الدولة (طوارئ) في مدينة طنطا، شمالي القاهرة، قد أُجلت بناء على طلب محامي الدفاع بغرض إفساح المجال أمامهم لمراجعة ملقات القضية. ورضخت المحكمة لطلب إجراء فحص من قبل خبراء للأضرار التي زُعم أن المتهمين قد ألحقوها بالممتلكات، وأمرت بإعادة اعتقال المتهمين الذين أفرج عنهم سابقاً بالكفالة من قبل النائب العام. وعندما ذهب رجال الشرطة لتنفيذ أوامر التوقيف، قاموا بتوقيف أقارب المتهمين الذين لم يكونوا في منازلهم وأودعوهم الحجز “كرهائن” بقصد إجبار المطلوبين على تسليم أنفسهم.
التعذيب والتهديدات بالإساءة الجنسية
وقد اعتُقل الأشخاص التسعة والأربعون الذين يواجهون المحاكمة إثر المصادمات التي وقعت ما بين 13 و18 أبريل/نيسان 2008. وعقب اعتقالهم، عُصبت أعينهم لفترات وصلت بالنسبة لبعضهم إلى تسعة أيام. وقال العديد منهم إنهم تعرضوا أثناء احتجازهم في مكاتب تحقيقات أمن الدولة في المحلة، وبعد ذلك في القاهرة، للضرب وللتعذيب وللصعق بالكهرباء، وهُددوا بالاعتداء جنسياً على قريباتهم.
وعندما أُحضروا أمام النائب العام في 21 و22 و23 أبريل/نيسان، اشتكى محاموهم بشأن ما لحق بموكليهم من تعذيب وغيره من صنوف سوء المعاملة. ولم يُعرف عن مباشرة أي تحقيق مستقل نتيجة لذلك. وكانت الأدلة الوحيدة التي استخدمت ضد المتهمين اعترافاتهم، التي انتـزعت منهم تحت التعذيب، حسبما زُعم، بأنهم قد ألقوا الحجارة على الشرطة، وكذلك شهادات أفراد قوات الشرطة وموظفين حكوميين رسميين. وقال بعض المتهمين إنهم لم يكونوا حتى موجودين في المظاهرات، الأمر الذي أكده الشهود.
وبقي جميع المتهمين رهن الاعتقال حتى 2 يونيو/حزيران، عندما أمر النائب العام بالإفراج عن 20 منهم بالكفالة، بمن فيهم امرأة تبلغ من العمر 58 عاماً. وأعيد اعتقال تسعة ممن أفرج عنهم فوراً بموجب تشريع الطوارئ وبناء على أوامر من وزير الداخلية. ويحتجز جميع من هم رهن الاعتقال حالياً في سجن برج العرب، بالقرب من الإسكندرية. وفي 6 يونيو/حزيران، أحال النائب العام قضيتهم إلى محكمة الطوارئ في طنطا لمحاكمتهم.
إن منظمة العفو الدولية تحث السلطات المصرية على ما يلي:
– إلغاء القرار بإحالة المتهمين إلى محكمة الطوارئ والأمر بإعادة محاكمتهم أمام محكمة عادية وضمان تلقيهم محاكمة عادلة.
– الأفراج الفوري وغير المشروط عن المحتجين الذين يتبين أنهم لم يستخدموا العنف؛ كما يجب أن يُحاكم الآخرون محاكمة عادلة وفقاً لواجبات مصر بمقتضى القانون والمعايير الدوليين لحقوق الإنسان.
– فتح تحقيق واف ومستقل وغير متحيز في مقتل الأشخاص الثلاثة في المحلة. وعلى وجه الخصوص، ينبغي أن يركز التحقيق على الظروف التي استخدمت فيها الشرطة الرصاص المميت وضمان تقديم رجال الشرطة وغيرهم من الموظفين الرسميين المسؤولين عن استخدام القوة المفرطة، أو الأمر باستخدامها، إلى ساحة العدالة.