يجب أن يتحرك العالم بشأن أزمة الغذاء

بيان من منظمة العفو الدولية إلى الدورة الموضوعية الأولى الخاصة بأزمة الغذاء العالمية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة

السيد الرئيس، تحية طيبة وبعد… ترحب منظمة العفو الدولية بعقد الدورة الموضوعية الأولى الخاصة بأزمة الغذاء العالمية لمجلس حقوق الإنسان. إننا نعتقد أن أزمة الغذاء العالمية تعتبر حالة طوارئ عالمية في مجال حقوق الإنسان، أجَّجتها انتهاكات حقوق الإنسان، ومنها انتهاك الحق في الحصول على غذاء كاف. ومن الأهمية بمكان أن يستجيب المجتمع الدولي بسرعة لتأمين الغذاء الكافي لمنع وقوع المجاعة، ولتحديد الأسباب الكامنة وراء تفاقم حالة انعدام الأمن الغذائي، والتصدي لتلك الأسباب. ونود أن نذكِّر المجلس بملايين الأشخاص الذين يواجهون حالة انعدام الأمن الغذائي والجوع كنتيجة مباشرة لانتهاكات حقوق الإنسان. وقد قامت المنظمة بتوثيق حالات التمييز والتلاعب السياسي بتوزيع الغذاء، ومنع وصول المساعدات الإنسانية الضرورية، وغير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان، مما يؤدي إلى وقوع مجاعات جماعية في عدد من البلدان، من بينها على وجه الخصوص الأراضي الفلسطينية المحتلة (وبالذات قطاع غزة) وميانمار وكوريا الشمالية والصومال والسودان (دارفور) وزمبابوي. ففي غزة، أدت الأزمة الراهنة إلى تفاقم الأوضاع المعيشية المزرية أصلاً التي يكابدها 1.5 مليون من سكان القطاع، والتي نتجت عن الحصار الذي تفرضه إسرائيل عليه والذي يعيق وصول الغذاء ومرور السلع الأساسية الأخرى، ومنها المواد الطبية والمساعدات الإنسانية. كما تعرب منظمة العفو الدولية عن قلقها العميق بشأن منع حكومة ميانمار وصول المساعدات الإنسانية الضرورية لمئات الآلاف من السكان الذين باتوا على شفا المجاعة والإصابة بالأمراض التي تهدد الحياة نتيجةً للكارثة الطبيعية التي حلَّت بالبلاد. وقد تحدثت المنظمة حول أثر الاستيلاء على المواد الغذائية بشكل تعسفي على الأمن الغذائي طوال سنوات عديدة، وهي تشعر بقلق خاص إزاء الأنباء الواردة مؤخراً بشأن استمرار تصدير الأرز في الوقت الذي يواجه قسم كبير من السكان احتمال الموت جوعاً. كما أننا نلفت انتباه مجلس حقوق الإنسان إلى مجموعة من التقارير التي تلقيناها حول الاستخدام المفرط للقوة وغيره من انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها بعض الدول، ومن بينها الكاميرون وكوت ديفوار وهايتي ومصر والسنغال، في الرد على حوادث الشغب والاحتجاجات التي تحركها المجاعة وضد المدافعين عن حقوق الإنسان. وحيثما يشكل “احتكار الغذاء” قضية خطيرة تستوجب اتخاذ إجراءات من قبل الدول، ينبغي أن يكون رد تلك الدول في إطار منظومة حقوق الإنسان. إن أزمة الغذاء الراهنة تقتضي اتخاذ إجراءات منسقة من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة من خلال زيادة التعاون الدولي الفعال ضمن إطار القوانين والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. كما أن الالتزام بالتضامن الأممي يتطلب من جميع الدول القادرة أن تقدم مساعدات إلى الدول الطالبة لتلك المساعدات، والتي من دونها لا تستطيع أن تفي “بالحد الأدنى من التزاماتها الأساسية “، وذلك لضمان عدم تعرض السكان للمجاعة. كما يتعين على الدول ضمان ألا تؤدي سياساتها إلى تعريض الحق في الغذاء في بلدان أخرى للخطر. وعلى المستوى الوطني، ينبغي أن تتقيد الدول بالتزامها المباشر بضمان توفير الغذاء الكافي والحصول عليه لمكافحة الجوع، وبإعطاء الأولوية للمستضعفين، وطلب المساعدات الدولية حيثما يكون ذلك ضرورياً، لضمان عدم التعرض للمجاعة. إننا نؤيد الدعوة الواردة في البيان المشترك الصادر عن “شبكة المعلومات الخاصة بالغذاء أولاً” إلى ضمان اعتبار مهمة تعزيز وحماية حقوق الإنسان في صلب جميع الجهود الدولية الرامية إلى إيجاد حلول لأزمة الغذاء. ويستطيع مجلس حقوق الإنسان، بنفسه ومن خلال آلياته، أن يلعب دوراً مهماً للغاية في ضمان احترام حقوق الإنسان في الرد على أزمة الغذاء العالمية، والاعتراف بأن الانتهاكات هي أصل الأزمة الحالية، وفي التصدي لها. ولذا، فإن منظمة العفو الدولية تحث مجلس حقوق الإنسان على القيام بما يلي: التحقيق في الدور الذي تلعبه السياسات الوطنية والدولية وانتهاكات حقوق الإنسان، ومنها التمييز أو الدوافع السياسية في الحصول على الغذاء، في خلق أو تعميق حالة انعدام الأمن الغذائي في بلدان مختلفة؛ دعوة جميع الدول إلى ضمان أن يكون التعاون الدولي والمساعدات الدولية كافيين للتصدي لآثار الأزمة الغذائية، وضمان الاحترام الكامل لحقوق الإنسان؛

دعوة جميع الدول إلى ضمان احترام حقوق الإنسان في كل خطوة تتخذها للرد على أزمة الغذاء الراهنة؛ حث الدول على التعاون الكامل مع المقرر الخاص المعني بالحق في الحصول على الغذاء، بما في ذلك عن طريق الاستجابة الفورية والكاملة لمناشداته العاجلة ومراسلاته وطلبات زياراته، وبإيلاء الاعتبار الإيجابي لتوصياته؛ دعوة جميع الدول إلى ضمان أن يكون الردود على الاحتجاجات أو حوادث الشغب متناسبة تماماً، وضمان احترام حقوق الإنسان، وإجراء تحقيقات عاجلة وكاملة في انتهاكات حقوق الإنسان، على أن تكون الإجراءات التأديبية والجنائية متناسبة مع خطورة الجريمة. إن عقد هذه الدورة الخاصة يجب أن يشكل بداية لعمل مجلس حقوق الإنسان في هذه القضية.